شهدت أرض مصرية ويلات الحرب, كتب تاريخها بالدماء احتوت آلاف الجنود والمحاربين أحياء وموتى وكأنهم تركوا بلادهم لتكون هي مسؤاهم الأخير، إنها “العلمين”، فبعد بعد مرور 75 عاما على معركة العلمين لا تزال مقابر الجنود تملأ أرضها وهنا نتعرف أكثر على تاريخ تلك المعركة الدامية.
جاءت تلك المعركة من بين أحداث الحرب العالمية الثانية التي قامت ما بين عامي 1939 -1945 م والتي دارت بين كل من دول الحلفاء، وهم :”بريطانيا, فرنسا, الهند, استراليا و نيوزلاندا” ودول المحور، وهي :”المانيا وإيطاليا”.
وقد كانت مصر في تلك الأثناء واقعة تحت الاحتلال البريطاني مما زج بالأراضي المصرية في تلك الحرب رغما عنها.
*أهمية موقع العلمين
تتميز منطقة العلمين بأهمية إستراتيجية كبيرة من الناحية العسكرية، حيث أنها تعد خط دفاع حيوي لمصر من ناحية الغرب.
كما أن بها موانع طبيعية وهي البحر المتوسط شمالا ومنخفض القطارة جنوبا, كما أن أرض تلك المنطقة منبسطة في معظمها عدا بعض التبات الصغيرة التي كانت تستخدم لأغراض المراقبة, وقد كانت تلك الأرض المنبسطة سببا في سقوط الآلاف من القتلى في المعركة، حيث أن الجنود لم يجدوا ساترا مناسبا يحميهم في القتال.
*المعركة
-جأت تلك المعركة بعد معركة “علم حلفا” الذي حقق فيها الحلفاء انتصارا مقبولا وكانت قوات الحلفاء تحت قيادة القائد البريطاني برنارد مونتجوري, والمحور تعتبر تحت قيادة القائد الألماني “أرفين روميل” الملقب بـ”ثعلب الصحرا ء” الذي عانى مرض خطير وسافر إلى العلاج تاركا قواته تحت قيادة القائد “فون شتومه”.
-بدأت أحداث المعركة في يوم 23 أكتوبر مساءً، حيث فتحت المدفعية البريطانية نيرانها على قوات دول المحور واستمر القصف 20 دقيقة.
-في البداية كان الموقف غامضا بالنسبة لقوات المحور مما دفع القائد “شتومة”، إلى الذهاب للجبهة محاولة منه لفهم ما يجري ولكنه وقع قتيلا فى يوم 24 أكتوبر؛ ليعود “روميل ” في يوم 25 أكتوبر لقيادة قواته من جديد محاولة من الألمان للتماسك لآخر لحظة.
-بعد عودة رميل إلى الجبهة أخبر “مونتجمري” جنوده بمرض “روميل”.
كما أخبرهم بالنقص الحاد في الطعام والوقود والذخيرة لدى قوات المحور, وطلب منهم إطلاق النارعلى الدبابات الألمانية بل وعلى الألمان نفسهم.
– ظلت أحداث المعركة العنيفة بين الطرفين مستمرة, وعدم التكافوء واضح جدا, وكانت قولت الحلفاء متفوقة في كل شيء, الأسلحة وأساليب الحرب وطرق التموين والتأمين.
-في 30 أاكتوبر قامت الفرقة التاسعة الاسترالية بشن هجوما على قوات المحور استطاعت بهذا الهجوم أن تعزل فرقة المشاة الألمانية عن باقي المعكسر, ولكن لم يقبل روميل هذا الفعل وحاول تحرير الفرقة الألمانية ونجح في ذلك يوم 31 أكتوبر بعد أن كلفه ذلك خسائر كبيرة.
-ظل وضع المعركة على هذا حتى أحس “روميل”، أنه لن يسطيع الصمود أكثر من هذا على الرغم من أوامر “هتلر” بالصمود للنهاية, فبدأ روميل بالانسحاب نحو ليبيا هروبا من دول الحلفاء.
*دور مصر في المعركة
– على الرغم من أن مصر لم تعلن الحرب ضد دول المحور إلا في عام 1945 م أي آخر سنوات الحرب العالمية الثانية, إلا أن مصر لعبت دور غير مباشر فيي انتصار دول الحلفاء في تلك المعركة, حيث كانت تمد دول الحلفاء بالطعام والمؤن اللازمة للجنود.
– كانت القوات المصرية تقوم بحراسة قناة السويس, وتطارد القوات الجوية الألمانية التي كانت تهاجم القناة, كما منعت تلك القوات من القاء اللغام في منطقة القناة, وبذلك كانت بريطانيا موجهة تركيزها الكامل نحو العلمين.
– كانت السكك الحديدية المصرية وجميع وسائل المواصلات تحت تصرف قوات الحلفاء, كما استغل الحلفاء احتلالهم لمصر في هذا الوقت وقاموا ببناء ثكنات عسكرية لجنود الحلفاء.
*المقابر
– أثناء أحداث المعركة سقط العديد من القتلى في صفوف كافة الأطراف المتصارعة, سواء من قوات الحلفاء أو قوات المحور, وأثناء أحداث المعركة كان يتم دفن القتلى في مقابر عسكرية مؤقتة بأرض المعركة بشكل سريع نظرا لظروف الدفن الصعبة أثناء القتال.
-بعد أن انتهت المعركة ووضعت الحرب أوزارها بدأت دول الحلفاء في تجميع جثث قتلى قواتهم.
وقد واجهوا بعض الصعوبات منها صعوبة العثور على بعض افراد قوات الحلفاء، خاصة الطيارين التي سقطتت طيارتهم فى الصحراء او البحر المتوسط, كما وجهوا صعوبة في البحث عن المقابر المؤقتة التي كانوا يدفنوا فيها الجثث أثناء الحرب بسبب اختفاء معالمها,على أي حال تم نقل جثث الجنود التي تم العثور عليها إلى مقبرة قوات الحفاء التي اُقيمت بالعلمين واُحطيت تلك المقابر بسور من الطوب ووضع على كل قبر صليب من الخشب الأبيض.
كما رزعوا بعض الأشجار والنباتات لتضفي لمسة جمال على تلك المقبرة العسكرية.
– أما قوات المحور فقد تم تجميع جثثها في عام 1943م, حيث استغلت قوات الحلفاء أسرى دول المحور في جمع رفات زملائهم من القتلى.
وقد تطوع 47 أسير من قوات المحور للبحث وجمع رفات زملائهم ونقلهم لأي مقبرة عسكرية واحدة, واستمر عملهم 30 شهرا, حيث بحثوا عن جثث زملائهم و أقاموا لهم مقربة عسكرية بمطنة تل عيسى بالعلمين, وانتهو من هذا فى أغسطس عام 1945.
-وفي عام 1948 اهتم القنصل الإيطالي في مصر بمقابر دول المحور تم إعادة بناء مقابرهم، حيث بنى الإيطاليين مقبرة جديدة على شكل برج عالٍ, وبنى الألمان مقبرة جديدة لجنودهم على شكل حصن منيع يطل على البحر المتوسط.