هل لا فرق بين روح الإنسان, والشيطان كروح؟!(2)
+ بل أكثر من هذا ما قيل عن رئيس الملائكة مع الشيطان:
قيل: وأما ميخائيل رئيس الملائكة, فلما خاصم إبليس محاجا عن جسد موسي, لم يجسر أن يورد حكم افتراء, بل قال لينتهرك الرب (يه9). وهكذا قال واحد من الأرباب مدافعا عن يهوشع الكاهن العظيم, قائلا: لينتهرك الرب يا شيطان. لينتهرك الرب.. أليس هذا شعلة منتشلة من النار؟! (زك3:1, 2).
إن كان الملائكة العظماء هكذا في تعاملهم مع الشيطان, فكم بالأولي الإنسان المخلوق الضعيف!! فهل بعد هذا يقال: كلها أرواح!! ما يفعله الشيطان, يفعله روح الإنسان!! كلا, بل هذا طبيعة, ذاك طبيعة مختلفة تماما.
+ الشيطان مثلا يستطيع أن يتكلم في قلب إنسان وفي فكره.
هل يستطيع إنسان أن يتكلم في قلب إنسان وفي فكره؟!
قيل في الإنجيل عن خيانة يهوذا للسيد المسيح ألقي الشيطان في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يسلمه (يو13:2). وقيل عنه أيضا وهو علي مائدة الفصح: فبعد اللقمة دخله الشيطان (يو13:27). كذلك قال القديس بطرس لحنانيا زوج سفيرة: يا حنانيا, لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب علي الروح القدس؟ (أع5:7).
إذن الشيطان يمكن أن يدخل إنسان, أو يدخل قلبه ويكلمه, بل قد تكلم علي لسان بطرس الرسول ليمنع الرب من الصلب, فانتهره الرب قائلا لبطرس: اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة لي (مت16:21-23).
هل بعد هذا يقال: كلها أرواح!! كما لو كانت قوة روح الإنسان في العمل مثل روح الشيطان! يدخل الشيطان في الخنازير, فيمكن لأرواح البشر أن تدخل في الخنازير! أو يمكن أن تدخل أرواح التوائم في القطط! علي كل هذا الموضوع الأخير لم يأت موعده بعد.
+ بل إن الشيطان استطاع أن يضرب القديس بولس الرسول نفسه.
وهكذا قال القديس بولس: ولئلا ارتفع بفرط الإعلانات, أعطيت شوكة في الجسد. ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع من جهة هذا تضرعت إلي الرب ثلاث مرات أن يفارقني. فقال لي تكفيك نعمتي… (2كو12:7-9).
لاشك أن هذا الشيطان الذي ضرب بولس بشوكة في الجسد, قد أخذ سماحا من الله أن يفعل ذلك.
وهنا نتعرض لنقطة أخري في هذا البحث وهي إئذن لنا.
إئذن لنا:
حتي الشياطين- علي الرغم من كل قوتها التي ذكرنا بعضها- لم يستطيعوا أن يدخلوا الخنازير بدون إذن من الله.
ورد في الإنجيل لمعلمنا مرقس الرسول فطلب إليه كل الشياطين قائلين: أرسلنا إلي الخنازير لندخل فيها. فأذن لهم يسوع فخرجت الأرواح النجسة ودخلت في الخنازير (مر5:12, 13).
وورد في الإنجيل لمعلمنا القديس لوقا وكان قطيع خنازير كثيرة ترعي في الجبل فطلبوا إليه أن يأذن لهم بالدخول فيها فأذن لهم فخرجت الشياطين من الإنسان ودخلت في الخنازير (لو8: 32, 33).
فهل روح إنسان مات, تستطيع أن تجول في العالم كما تشاء, تدخل في إنسان أو حيوان, بكل حرية, بلا ضابط؟!
أم أن الروح الإنسانية تحتاج إلي إذن بالدخول, إن كان الشيطان نفسه يحتاج إلي إذن؟!
إننا نقول أكثر من هذا: إن الروح البشرية تحتاج إلي إذن قبل هذا: إذن في الجولان وفي العمل.. من أعطاها السلطان أن تتحرك بعد موتها, وتجول هنا وهناك لتدخل في إنسان أو حيوان.. لو كان هذا ممكنا ويقينا أنه غير ممكن أمامنا الآن أربع نقاط مهمة وهي:
1- لم يرد في الكتاب المقدس أي خبر عن روح إنسان دخلت في إنسان, أو أنه تم إخراج روح إنسان من إنسان.
كلها حالات إخراج شياطين صرعت بشرا.. وهكذا قال السيد الرب لتلاميذه: اشفوا مرضي, طهروا برصا, أقيموا موتي, اخرجوا شياطين (مت10:8).
وحوادث إخراج الشياطين من البشر كثيرة في الكتاب لمن يتتبعها ولم يعط سلطانا لإخراج روح إنسان من إنسان, ولم يحدث شئ من هذا.
فما الدليل الكتابي علي أن روح إنسان دخلت إنسانا فصرعته؟ وهل حدث لأحد من الرسل أو القديسين أنه خرج روح إنسان من إنسان آخر؟ لم يحدث..
2- إن كان يطرأ علي مزاج روح إنسان مات, أن تدخل في إنسان حي, أو في خنزير أو قطة, فما الهدف من ذلك؟
إن كانت الروح تدخل في حيوان, فهل يكون هذا بنوع من التدني, وهل ذلك يكون لونا من تناسخ الأرواح كعقوبة للروح علي أخطائها في تجسد سابق حسب العقيدة الهندية في قانون الكرما Karma أي الجزاء…؟! وطبعا هذا يكون بغير إرادة الروح, لأنه لا مصلحة ولا منفعة لروح إنسان في الدخول في حيوان…! حتي تفعل ذلك بإرادتها, إن كان ذلك ممكنا لها أن تفعله!
أما أن تدخل روح إنسان في إنسان, فماذا يكون هدفه؟ هل هو نوع من التزاوج كما يقول بعض العامة؟ أرجو أن أبحث هذه النقطة في عدد مقبل.. أم تدخل تلك الروح البشرية في إنسان لغرض آخر, فما هو ذلك الغرض؟
3- وإن دخلت روح إنسان مات في إنسان حي, فهل يصبح إنسانا بروحين, روح منهما تخضع لروح؟
وطبعا روحه الأصلية تكون هي الخاضعة, وفي هذه الحالة لا يحاسب الإنسان علي أعماله, لأنه لا يملك حريته, إذ أنها تحت سيطرة الروح الذي اقتحمه وصرعه وسيره حسبما يريد!!
4- وهل بعد الموت, تملك روح الإنسان الحرية في أن تقتحم إنسانا, وتدخل فيه؟!
لا يصح للمنادين بهذا الفكر أن يضربوا المثل بقصة لجيئون ويقولون: إنه كما دخل الشيطان في الخنازير تدخل روح الميت في إنسان أو حيوان.. لا ننسي أنهم طلبوا من الرب أن يأذن لهم بذلك, فأذن لهم (لو8:22), فهل ستطلب روح الإنسان الميت إذنا من الله بذلك؟ وهل يأذن لها.. لا ننسي أيضا أنه في التجربة الثانية لأيوب لما طلب الشيطان تصريحا من الرب, أن الرب قال له: ..لكن احفظ نفسه (أي2:6).