( متى ٣ : ١٤ )
لقد صُلِب المسيح ربّنا لإنقاذ الجنس البشري من طوفان هذا العالم … في العهد القديم ، صنع موسى حيّة من نحاس وجعلها على سارية ، وطلب من الشعب أن يرجو االشفاء عند رؤية هذه العلامة (عدد ٢١ : ٦ ). كانت هذه الحيّة النحاسيّة بمثابة علاج قوي جدًا ضدّ لذع الحيّات الأخرى ، إلى حدّ أن كلّ لذيع كان يرجو وينال الشفاء فورًا ، عند توجيه نظره إلى الحيّة النحاسيّة على السارية . لم يتردّد الربّ في التذكير بهذه الحادثة في الإنجيل عندما قال : “وكما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان” ( يوحنا ٣ : ٤ )
إذًا ، كانت الحيّة أوّل من صُلِب على يد موسى . وهذا عدل ، لأنّ الشيطان كان أوّل من خطئ تحت ناظريّ الربّ ( تكوين : ٣ ) … عُلِّق على سارية ، وهذا عدل ، لأنّ الإنسان خُدِع بواسطة شجرة الرغبة ، من الآن فصاعدًا ، سيتمّ إنقاذه بواسطة سارية مأخوذة من شجرة أخرى … بعد الحيّة ، صُلِب الإنسان بشخص المخلِّص ، وذلك بدون أدنى شكّ لمعاقبة ليس المسؤول عن الإثم فحسب ، بل الإثم بحدّ ذاته . الصليب الأوّل انتقم من الحيّة ، والصليب الثاني انتقم من السمّ . السمّ الذي دسّته الحيّة في الإنسان من خلال الإقناع ، تمّ رذل هذا السمّ والشفاء منه … هذا ما فعله الربّ من خلال طبيعته البشريّة : هو البريء ، لكنّه يتألّم ، به، تم تعديل العصيان الناتج عن خدعة الشيطان ، وبعد تحرير الإنسان من إثمهِ وخطئتهِ ، حُرِّر من الموت .
بما أنّ ربّنا هو يسوع الذي حرّرنا من خلال آلامه ، فلنترُك عيوننا محدّقة إليه ، ولنأمل دائمًا بإيجاد العلاج لجراحنا في هذه العلامة . إذا انتشر سمّ البخل فينا ، فلنحدّق إلى الصليب ، فهو سيحرّرنا . إذا خالجنا الشعور بالرغبة ، هذا العقرب اللاذع ، فلنتوسّل إلى الصليب ، فهو سيشفينا . إذا مزّقتنا لسعات الأفكار على هذه الأرض ، فلنوجّه صلواتنا إلى الصليب المُقدّس وسنحيا . هذه هي الحيّات العدوّة لنفوسنا : لنتمكّن من دوسها بأقدامنا ، صُلِب الربّ . فهو قال لنا : “وها قَد أولَيتُكم سُلطاناً تَدوسونَ بِه الحَيَّاتِ والعَقارِب وكُلَّ قُوَّةٍ لِلعَدُوّ ، ولَن يَضُرَّكُم شَيء “.
Discussion about this post