كلمة الأرطسَتيكا ليست عربية بالطبع بل هى كلمة يونانية ˜ortastika… بمعنى “عِيدية” وهى صفة في صيغة الجمع المؤنث ـ كتبت بحروف عربية حسب النطق اليونانى (Transliteration) مع قليل من التحريف ـ لوصف رسائل بعينها كانت تُرسل كل عام بمناسبة عيد القيامة المجيد هكذا اسرد الدكتور جوزيف موريس فلتس في مقالاته عن رسائل الارطستيكا فأوضح أنه كان من المعتاد وحتى القرن التاسع الميلادى أن يُرسِل أساقفة الأسكندرية ، رسائل إلى كل كنائس مصر ليعلنوا فيها ميعاد عيد الفصح وبدء الصوم المقدس في كل عام، واتخذت هذه الرسائل الشكل الرعوى فى حث المؤمنين على الصوم والاهتمام بالعيد.
وكان البابا ديونيسيوس الأسكندرى البطريرك الـ14 أول أساقفة الأسكندرية فى إرسال هذه الخطابات العِيدية لأساقفة الكرازة في الإيبارشيات، ومن بعده حافظ القديس أثناسيوس الرسولى على هذا التقليد حتى وهو في المنفى، فكتب 45 رسالة لأعياد القيامة الـ45 في سنوات حبريته، وبعد نياحته بقليل جُمعت هذه الرسائل معًا بواسطة أحد أحبائه ، غير أن علماء الغرب لم يعثروا على رسائل الأرطسَتيكا لأثناسيوس، إلاّ في القرن التاسع عشر الميلادى إذ لم تكن معروفة قبل ذلك إلاّ من خلال إشارات وردت في كتابات جيروم وقصاصات ضمن كتابات قزماس المعروف بالبحار الهندى، غير أنه فى عام 1842م نقل “هنرى تتام” إلى إنجلترا كمية كبيرة من المخطوطات باللغة السريانية من دير السيدة العذراء (السريان) بوادى النطرون. حيث أودعت بالمتحف البريطانى ، وأكتشف العالم W. Cureten أنها تحتوى على مجموعة من الرسائل الأرطسَتيكا للقديس أثناسيوس فترجمها من السريانية إلى الإنجليزية ونشرها في لندن سنة 1848م، كما ترجمها Larsow إلى الألمانية ونشرها في برلين 1852م.
وخلال بطريركيته التى امتدت 28 عامًا كان البابا ثاوفيلس مواظبًا على التقليد الأسكندرى بخصوص كتابة الرسائل الفصحية . فقد كتب رسائل عديدة معروف لدينا منها 26 رسالة على الأقل. وحفظ لنا جيروم ثلاث رسائل للأعوام 401،402،404 فى ترجمة لاتينية. وتُظهر هذه الرسائل اتجاهًا مناهضًا للأوريجانية ، وتحارب أفكار أبوليناريوس أسقف لاودكية، ورسائل الأعوام 401،402 غنية بالمفاهيم اللاهوتية العميقة، بالإضافة إلى الترجمة اللاتينية، لدينا بعض المقتطفات من رسالة البابا ثاوفيلس الفصحية لسنة 401 بلغتها اليونانية الأصلية وشذرات من اللغة القبطية..
ويوضح الدكتور جوزيف أن قائمة كتابات القديس كيرلس تضم 29 رسالة أرطستيكا كُتبت بين عامى 414ـ442م ، يحث فيها المؤمنين على الصيام والنُسك والصلاة وأعمال الرحمة، وإلى جانب هذا المضمون العملى، احتوت الرسائل على موضوعات عقيدية تتعلق بالصراعات الخريستولوجية فى عصره . لهذا نجد أن الرسائل 5،8،17،27 يدافع فيها عن عقيدة التجسد ضد الهراطقة الذين أنكروا ألوهية الابن . والرسالة رقم 12 تشرح عقيدة الثالوث ، والرسالة 6،9 عن الآلهة الكاذبة، الرسائل 1،4،10،20،21،29 عن اليهود وزيفهم.
واستمر بطاركة الأسكندرية الأقباط فى توجيه رسائلهم الفصحية رغم المتغيرات التى صاحبت الفتح العربى لمصر والظروف التى جدّت على الكنيسة منذ ذلك الوقت .
ومن المؤكد أن اليونانية كانت هى اللغة التى اعتاد بطاركة الأسكندرية أن يكتبوا بها رسائلهم الفصحية حتى بعد الفتح العربى لمصر. ويشهد لهذا الرسالة الفصحية التى كتبها باليونانية البابا ألكسندروس الثانى الـ43 (705ـ730م) فى العصر الأموى وهى موجودة إلى الآن مكتوبة باليونانية، وموجهة إلى دير الأنبا شنودة المعروف بالدير الأبيض.
وأنهى دكتور جوزيف مقاله بأن التقليد الأسكندرى فى عادة كتابة رسائل الأرطسَتيكا استمر إلى القرن الحادى عشر الميلادى وذلك خلافًا لما ذكره كواستن. ودليلنا على ذلك ما جاء فى مخطوط “كتاب اعتراف الآباء”.
ومن رسائل الأرطسَتيكا رسالة البابا خريستوذولوس وبعض ما جاء بها”…. ناسوت ولاهوت صار واحد بلا افتراق ولا انقسام ولما صار الاتحاد معًا لما يكون في أحشا (أحشاء) البتول ، لا نعرفه في طبيعتين ولا نقسمه بفعل ، ومن يقول طبيعتين بعد الاتحاد اغير المدروك (غير المدرك)، نعده مخالفًا بل هو واحدًا، لأن الذى تجسد من البتول مريم ، الابن الكلمة المساوى هو طبيعة واحد، صار جسدًا إرادة واحدة فعل واحد ، هو نور في جوهر أبيه ، وتسبحه الجنود السمائية العالية ، هو أسفل أيضًا في بطن أمه ، تجسد من دمها البتولى هو الذى لُف في خرق ووُضع فى مذود وهو اغير المرئى أزلى غير المدروك (غير المدرك)”.