الكتاب المقدس لا تستطيع أن تفهمه كله عن طريق القاموس. فهناك كلمات لها أكثر من ألف معني, وكلمات تفهم بمعني رمزي لا بمعني حرفي, وتعبيرات تفهم عن طريق (حذف المعلوم جائز), وتعبيرات خاصة بزمن معين, وكلمات استخدم فيها المعني السائد حسبما يفهم البشر, أو لتقريب المعني إلي أذهانهم.
وسنحاول أن نتناول كل ذلك معك أيها القارئ العزيز.
الماء
1- المعني الأول للماء هو الماء المادي الذي نشربه.
2- والمعني الثاني هو الماء الحي الذي يروي الروح, الذي قال عنه للمرأة السامرية- في المقارنة بالماء المادي من يشرب من هذا الماء يعطش (أي الماء المادي) ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا, فلن يعطش إلي الأبد, بل الماء الذي أعطيه, يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلي حياة أبدية (يو4:13, 14).
3- ورموز الماء إلي الروح القدس وعلمه. إذ قال الرب: من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد (يو7:38, 39).
4- والرب في العهد القديم وصف نفسه بينبوع الماء. فقال: تركوني أنا ينبوع الماء الحي, وحفروا لأنفسهم آبارا, آبارا مشققة لا تضبط ماء (إر2:13).
ابن
1- المعني الأول هو الابن الجسدي (من صلبه).
مثلما بكي داود علي أبشالوم لما مات في الحرب, وقال: يا أبشالوم يا ابني (2صم18:23). لقد كان ابنه فعلا, من صلبه, ومثلما نقول: إسحق هو أبو إبراهيم. ويعقوب هو ابن إسحق, ويوسف هو ابن يعقوب. إنها بنوة طبيعية.
2- وقد تطلق هذه البنوة الطبيعية علي العلاقة بين الأبناء والجدود.
أو بين الأبناء وجدود الجدود إلي مسافات طويلة.. مثلما ورد في أول الإنجيل لمتي الرسول: كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم (مت1:1). قيل هذا عن الجدود الأول.. وبنفس الوضع قيل: وفيما كان الفريسيون مجتمعين, سألهم يسوع قائلا: ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له ابن داود. قال لهم كيف يدعوه داود بالروح ربا؟ (مت22:41-43).
3- هناك أيضا البنوة الشرعية:
ومن أمثلتها ما ورد في سفر التثنية إذ سكن إخوة معا, ومات واحد منهم وليس له ابن, فلا تصر امرأة الميت إلي خارج لرجل أجنبي. أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة, ويقوم هو بواجب أخي الزوج. والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت, لئلا يمحي رسمه من إسرائيل (تث25:5, 6). أي أن هذا البكر المولود يعتبر -شرعا- ابنا للميت. ليست ابنا طبيعيا وإنما ابنا شرعيا..
وهذا هو ما يبدو خلافا بين قائمة الأنساب حسبما أوردها إنجيل متي (مت1) والقائمة التي أوردها إنجيل لوقا (لو3). أحدهما ذكر الأسماء كلها حسب الطبيعة, والاخر أورد بعض الأسماء حسب البنوة الشرعية.
4- وهناك بنوة بالتبني:
مثل بنوتنا لله, بمحبته لنا دعانا أبناء حسب قول الرسول: انظروا أية محبة أعطانا الآب حتي ندعي أولاد الله (1يو3:1). وأيضا: أما كل الذين قبلوه, فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله, أي المؤمنون باسمه (يو1:12).
وبنوع من التبني دعي المسيح ابنا ليوسف النجار. ليس فقط مثلما قيل: وهو علي ما كان يظن ابنا ليوسف (لو3:23).. بل بالأكثر حسبما قالت له العذراء وهو في الثانية عشرة من عمره, بحثا عنه في أورشليم هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين (لو2:48).
5- وهناك بنوة حسب السن:
يقولها شخص كبير في السن, عمن هو أصغر منه, وكأنه من أولاده حسب السن, مثلما قال بطرس الرسول في رسالته الأولي: تسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم, ومرقس ابني (1بط13:5).
6- وهناك أيضا البنوة في الإيمان:
مثلما دعي كل الذين لهم إيمان إبراهيم أبناء لإبراهيم, وقد شرح بولس الرسول هذا الأمر بتفصيل في الأصحاح الرابع من الرسالة إلي رومية. فقال عن الوعد: إنه ليس لمن هو من الناموس فقط, بل أيضا لمن هو من إيمان إبراهيم الذي هو أب لجميعنا. كما هو مكتوب إني قد جعلتك أبا لأمم كثيرة.. (رو4:16, 17). ليكن أبا لجميع الذين يؤمنون وهم في الغرلة.. وأبا للختان, للذين ليسوا من الختان فقط, بل أيضا يسلكون في خطوات إيمان أبينا إبراهيم.. (رو14:11, 12).
7- هناك أيضا أبناء روحيون:
وكثيرا ما كان القديسون يستخدمون كلمة أبناء عن تلاميذهم أو الذين آمنوا علي أيديهم في رسالته الثانية إلي تيموثاوس الابن الحبيب (2تي1:2). وأيضا فتقو أنت يا ابني بالنعمة (2تي2:1). ومثلما قال في رسالته إلي تلميذه تيطس: إلي تيطس الابن الصريح.. (تي1:4). وقال أيضا لتيموثاوس: هذه الوصية أيها الابن تيموثاوس, أستودعك إياها (1تي1:18). وقال لأهل كورنثوس: لذلك أرسلت إليكم تيموثاوس الذي هو ابني الحبيب والأمين في الرب (1كو4:17).
وفي رسالة بولس الرسول إلي فليمون يكتب له عن أنسيموس قائلا: أطلب إليك لأجل ابني أنسيموس الذي ولدته في قيودي (فل10). والمعروف أن بولس الرسول كان بتولا.
8- كلمة (ابن) تستخدم أيضا في الكتاب منسوبة إلي أمور معينة:
مثلما قال الرب: هل يستطيع بنو العرس أن يصوموا مادام العريس معهم؟! (مر2:19). وقال أيضا: لأن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور في جيلهم (لو16:8). وقال القديس بولس الرسول: الأمور التي بسببها يأتي غضب الله علي أبناء المعصية (كو3:6). هؤلاء الذين قال عنهم القديس يوحنا الرسول: ..أولاد إبليس (ظاهرون) (1يو3:10)..
هذه هي البنوة النسبية.. والأمثلة كثيرة.