صرح القس رفعت فكرى مسئول لجنة الإعلام بسنودس النيل الإنجيلي لوطنى نت بأنه عقد منتدى ابن رشد لقاءه الشهري في جمعية الشبان المسيحية بحضور الدكتور مراد وهبة والدكتورة منى أبو سنة والدكتور سمير فاضل والدكتور عصام عبد الفتاح والأستاذ رفعت عوض الله ومجموعة من المثقفين ورجال الفكر.
وتحدث في اللقاء الدكتور أحمد عبد الحليم عطية عن الدكتور مراد وهبة ومساره الفكري ومساره الوطني، كما تحدث الدكتور عبده كساب عن فكر الدكتور مراد وهبه ونضاله الطويل ضد الأصولية الدينية لترسيخ العلمانية على اعتبار أنها التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق، وتحدث القس رفعت فكري عن مراد وهبة فيلسوف معاصر يستحق التكريم وليس التهميش وطالب الدولة المصرية بضرورة تكريمه.
هذا وقام مجموعة من الباحثين- تحت إشراف الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحليم عطية – بإعداد مجموعة من الأوراق البحثية عن فكر الفيلسوف المصري المعاصر الأستاذ الدكتور مراد وهبة وقد صدرت هذه البحوث ضمن أوراق فلسفية إصدارات ملتقى الفلاسفة العرب 2016, تحت عنوان “مشروع مراد وهبه الفلسفي شروط التفكير ضد الأصوليات” وتبلورت فكرة هذا العمل منذ فترة طويلة, وذلك مع تأسيس كرسي اليونسكو للفلسفة بجامعة الزقازيق, ومشاركة المفكر المصري دكتور مراد وهبه في ندوات كرسي الفلسفة ودعم ومساندة نشاطه. ويقول القس رفعت فكري، أنه تم عمل كتاب قيم يحوي 317 صفحة من القطع الكبير, ويتضمن الكتاب مجموعة من البحوث حول فكر مراد وهبة وهي: مشروع مراد وهبة الفلسفي: العقل في مواجهة الدوجمائية, رباعية الديمقراطية عند مراد وهبة, مسار فكر … مسار وطن, شروط التفكير ضد الأصوليات, العلمانية والأصولية في فكر مراد وهبة, التأسيس الإبستمولوجي للعلمانية عند وهبة, إسبينوزيا مراد وهبة, عن فلسفة الإبداع إلى تربية الإبداع: مراد وهبة ومكر السؤال عن الإبداع, قراءة الدكتور وهبة لفلسفة كانط, الحقيقة والتأويل في فلسفة مراد وهبة, مراد وهبة وأسئلة التنوير, بين تفاؤل العقل وتشاؤم الإرادة, مراد وهبة صاحب الفلسفات المتعددة, نحن ومراد وهبة وابن رشد, والمشاركون في هذه البحوث ليسوا جميعهم مصريين فهناك من شاركوا بالكتابة من تونس, والمغرب, وغيرهما, وفي إحدى المقالات المنشورة بالكتاب, كتب الأستاذ مصطفى الفقي عن الدكتور مراد وهبة ما نصه:”اسم بدأ يتردد على أسماع جيلنا مع نهاية ستينيات القرن الماضي, ثم بدأ ينتشر بعد ذلك مرتبطاً بذلك الفيلسوف المعاصر الذي ذاع صيته بعد البحث الشهير الذي ألقاه في المؤتمر الدولي الفلسفي الأول حول الفلسفة الإسلامية في نوفمبر 1979م تحت رعاية الجامعة التي يعمل مراد وهبة أستاذا فيها, وهي جامعة عين شمس, وكان عنوان المؤتمر هو “الإسلام والحضارة”, ولقد انتهى ذلك الفيلسوف إلى “مفارقة ابن رشد” التي تكمن في أن ذلك الفيلسوف المسلم العظيم في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية هو “ميت في الشرق حي في الغرب” منذ أن اُتهم بالكفر والزندقة, وأُحرقت مؤلفاته في قرطبة ثم جرى نفيه بعيداً, ولكن فلسفته بقيت من الجذور الأولى, والعمد الأساسية للتنوير الأوروبي, وقد نشرت مجلة علمانية كبرى بحث مراد وهبة عن ابن رشد عام 1980م وهو العام الذي فصله فيه الرئيس الراحل أنور السادات من الجامعة بدعوى أنه يفسد عقول الشباب, وظل الرجل رغم عودته بعد ذلك إلى الجامعة مهجوراً بفكره الرصين مستبعداً برؤيته العصرية لقضايا أساسية في حياة الإنسان وأساليب الفكر ومناهج البحث على امتداد العقود الأربعة الأخيرة, وربط الكثيرون بينه وبين كلمات تثير “أرتكاريا” لدى جمهرة العامة في العالمين العربي والإسلامي فتعبير “العَلمانية” مظلوم تماماً لدينا, كما أن الكثيرين يرون أن الحديث عن إعلاء العقل هو حديث ضد الدين والإيمان بالمعتقد الروحي, بينما الأمر ليس كذلك إطلاقاً فالإسلام – على سبيل المثال- جعل التفكير فريضة إسلامية, ولعلنا نزهو الآن بفيلسوف عربي مسيحي من مصر هو مراد وهبة الذي يعيد الاعتبار لإشعاع قوي من الضوء توهج على يد فيلسوف مسلم في مسار الحضارة العربية في الأندلس وأعني به ابن رشد الذي يقترن اسمه لدى دارسي الفلسفة من أجيال الشباب باسم مراد وهبة”
“ذلك الرجل الثمانيني ذو العقلية اليقظة والضمير الحي والفكر المتقد, رغم كل محاولات تهميشه, وتجاهل دوره, واستبعاد قيمته والإقلال من مكانته, إلا أنه ظل شمعة مضيئة تقف ضد الخرافة الموروثة والأفكار المعلبة, في محاولة للتجديد الفكري على نحو غير مسبوق, ولقد دفع الرجل الثمن غالياً في كل مراحل حياته, وها هو قد جاوز الثمانين من عمره, وبدأ يزحف نحو التسعين, إلا أن الأوساط الثقافية والفكرية في مصر والعالم العربي لم تعطه قدره الذي يستحق, لأن الرجل يطرح رؤى تعتمد على العقل وحده وتعمل التفكير دون غيره, ورغم كل ذلك التجاهل الرسمي لاسم مراد وهبة, فقد ذاع صيته في جامعات الشرق الأوسط, وشمال أفريقيا وأوروبا, وتجاوز ذلك إلى المحافل الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرهما من دول الغرب والشرق”, ويتحدث الفقي عن علاقته بمراد وهبة فيقول:”ولقد ربطتني بذلك الفيلسوف الزاهد صلة متصلة عبر السنين, وشعرت كلما التقيته في ندوة أو محاضرة أو مناسبة ثقافية, أنني أمام صرح عال يقف صاحبه على منبر فكري مرتفع يحدث الناس بلغة جديدة, ويبشر بتفسير حديث حتى أنه عرف “العَلمانية” بأنها “التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق” معتبراً أن “العَلمانية” نظرية في المعرفة ترتكز على قدرة الإنسان على الفهم والإدراك, وإحداث التغيير والتطوير, مع تفسير طويل لنشأة “العَلمانية” منذ اكتشاف نظرية دوران الأرض, التي أثبتت أن الإنسان ليس هو مركز الكون, كذلك اعتبر مراد وهبة قضية الأصولية قضية العصر, لأن ما تعانيه البشرية من عنف وإرهاب هما نتيجة للعلاقة بين الأصولية والرأسمالية الطفيلية, وما أكثر الشروحات التي قدمها ذلك الفيلسوف الرائد للفكر المصري المعاصر, بل الفكر الإنساني كله ومن عجب أن رجلاً بحجم مراد وهبة لم يلق تكريماً لائقاً من الدولة المصرية, فلم ترشحه هيئة علمية ولا مؤسسة فكرية لجوائز الدولة العليا التي حصل عليها تلاميذ تلاميذه, وهذا عوار في الحركة الثقافية المصرية, وعار علينا في ذات الوقت. .
ويتساءل الفقي : “ألا تعلو قيمة مراد وهبة على عشرات ممن نحتفي بهم ونبالغ في تكريمهم ؟ وقد تذكرت المقولة المأثورة إنه “لا كرامة لنبي في وطنه” فمدى علمي أن اسم مراد وهبة يلقى حفاوة وتكريماً في أوساط دارسي الفلسفة المعاصرة في الجامعات الغربية, خلافاً لذلك التعتيم الذي عانى منه مراد وهبة عبر رحلة العمر ومع ذلك تمكن بما لديه من أدوات في التحليل ومناهج في البحث من أن يخترق حواجز التهميش وأسفار الظلام ليصل إلى العقل البشري الحر, وينال مكانته الرفيعة بلا جوائز كبيرة أو تكريم صاخب, أطال الله في عمره ليواصل عطاءه المتميز, ويبقى لي شخصياً معلماً وأخاً وصديقاً”.
كان هذا ملخصاً لما كتبه الدكتور مصطفى الفقي عن الدكتور مراد وهبة, ويبقى سؤالي: متى ستكرم الدولة المصرية الفيلسوف المصري المعاصر مراد وهبة؟ إن تكريم الدولة لمراد وهبة هو برهان عملي يقول أننا نريد أن تصبح مصر دولة ديمقراطية حديثة, وتجاهله والإصرار على عدم تكريمه, يؤكد أننا غارقون في الأصولية والماضوية!!