من ولادة يسوع إلى قيامته أُوحيَ بسره إلى التي حملتهُ في أحشائها، وعلى ذراعيها، ورَعَته، وتشرّبت كلامه وتعاليمه، وتأمّلته في قلبها. ألا تكون مريم نبيّةً تعظمها وتطوبها جميع الأجيال ؟ “سوف تطوبني جميع الأجيال، لأن القدير صنع إليّ أموراً عظيمة”( لوقا ١ : ٤٨ – ٤٩ ) .
واليصابات كشف لها الروح حقيقة زائرتها فصاحت بأعلى صوتها: ” من أين لي أن تأتيني أم ربّي ؟”( لوقا ١ : ٣٤ ) .
حين قُدّم يسوع إلى أبيه في الهيكل جاءت حنّة النبية تُخبر بأمر الطفل من كان ينتظر افتداء أورشليم ( لوقا ٢ : ٣٨ ) .
أما السامرية فقد باح لها يسوع بأنه المسيح الذي كانت تنتظر: “أنا هو الذي يكلمك” ( يوحنا ٤ : ٢٦ ) .
سكبت مريم أخت مرثا قارورة الطيب على قدمي يسوع، ومسحتها بشعرها، مُنبئة بقرب موته. هذا ما أكّده يسوع عينُه عندما قال: “دعوها، حفظت هذا الطيب ليوم دفني” ( يوحنا ١٢ : ١٧ )
إنه عمل نبوي يشبه غسل الأرجل “فقام يسوع عن العشاء فخَلَع رِداءَه، وأخذَ مِنديلاً فائتزرَ بهِ.. وشرَعَ يَغسِلُ أقدامَ تلاميذه، ويمسحها بالمنديلِ الذي ائتزرَ بهِ” ( يوحنا ١٣ : ٤ – ٥ ) .
العمل النبوي يحفر أثراً في قلب الإنسان لا يزول. فهو أبلغ من القول.
بكاء نساء أورشليم على يسوع في طريق الآلام عمل نبوي، ” يا بنات أُرشليم، لا تبكينَ عليّ، بل ابْكينَ على أنفُسِكنَّ وعلى أولادِكُنّ” ( لوقا ٢٣ : ٢٨ )، إذ قابلته نبوءة يسوع بخراب أورشليم الجاحدة حبَّه بنيها.
ألا يُعتبر ذهاب النسوة إلى القبر فجر الأحد، ( يوحنا ٢٠ : ١ – ٢ )، والرسل خائفون مختبئون، عملاً نبوياً؟
فالنبي هو من أوحى إليه الروح القدس بسرّ إلهيّ، ودعاه إلى عيشه، ثم نشره بالكلام وبالعمل .
نحن الذين نلنا سر المعمودية ومعها حظينا على موهبة النبوّة، تدعونا مريم سلطانة الأنبياء أن نشهد للرب في حياتنا بالايمان والعمل والقول .