مليون جنيه عائد تجارة الشعر الطبيعي. 70كان الجو رطبا وخانقا ويسوده صوت مميز. فقد كانت المئات من أمواس الحلاقة تعمل عملها بلا هوادة في قاعة ضاقت بمن فيها من فتيات ونسوة. وكانت خصلات كثيفة من الشعر تسقط داخل سلال موضوعة بجانب النساء وما هي إلا هنيهات إلا وأصبحت رؤوسهن صلعاء تماما.والمكان هو معبد “تيرومال فنكاتتسوارا” الهندوسي بولاية اندهرا براديش حيث تفد آلاف النساء الهنديات – وبعض الرجال- يوميا لتقديم شعرهن كقربان.ويعتبر المعبد أيضا المصدر الرئيس لصناعة مثيرة للدهشة.إنها صناعة فتنت العديدات من النساء الشهيرات في أوروبا ومعهن النساء الثريات اللواتي يملكن ما يكفي من مال لان يحذون حذوهن.الريفيات يتبرعن بشعرهن كقرابين للمعابد لينتهي على رؤوس نجوم المجتمع المخملي ويجد “شعر المعبد” ، وهكذا يسمى، طريقه إلى المئات من صوالين التجميل البريطانية حيث يباع في شكل وصلات من الشعر الطبيعي بسعر يصل إلى 3000 جنيه في كل مرة. إنها تجارة مزدهرة للغاية في شعر النساء.وبالنسبة لعاشقات الوصلات، فان جاذبية الشعر البشري لا تخفيها خافية ، ذلك أنها تبدو من حيث الشكل والملمس أفضل بكثير من الشعر الصناعي الذي اشتهرت به نجمات من أمثال جوردان وبريتني سبيرز. وبالإضافة إلى ذلك فان نوعية الشعر الهندي جيدة للغاية نظرا لقوته وعدم تعرضه قط للشامبوهات والغسولات المعروفة لدي الجميع.ويجني المعبد الملايين من بيع خصلات الشعر الأسود الكثيف.غير أن النساء اللواتي قدمنه – ومعظمهن فلاحات فقيرات- لا يحصلن على أي شيء بالمقابل حيث إنهن يهبنه للمعبد تقرباً.ولا تقتصر حفلات التبرع بالشعر على معبد تيرومال فنكاتتسوارا وحده.غير أن هذا المزار قد يجتذب عشرات الآلاف من الزوار في اليوم الواحد مما يجعله المعبد المهيمن تجاريا.ويضم المعبد 18 صالة للحلاقة ،وكل صالة واسعة للغاية إلى حد أن النساء والفتيات الصغيران قد ينتظرن دورهن فيها لمدة قد تصل إلى خمس ساعات.إيفا لونغوريا وميشا بارتون أشهر العميلات .. وشعر فيكتوريا بيكام يأتي من رؤوس السجينات الروسيات ويجلس 650 حلاقاً في صفوف على أرضية الصالة لقص خصلات شعر النساء اللواتي يجلسن قبالتهم. وحتى الأطفال الرضع الذين تحملهم أمهاتهم قد يخضعون للحلاقة . وبحركات رشيقة بالموسى من يد خبيرة يتم حلاقة الرأس وتنظيفه من الشعر تماما قبل غسله بالماء ومسح الدماء التي قد تنزف من جروح صغيرة قد تحدثها الموسى. وينتج رأس المرأة في المتوسط 10 أوقيات من الشعر وتصل قيمته إلى 210 جنيهات إسترلينية.ويبدو الذهول على معظم النساء وهن يمررن أيديهن على فروات رؤوس كانت قبل دقائق تزينها خصلات من الشعر الكثيف.وتغادر النساء الحليقات مكانهن لتجلس عليه دفعة جديدة من المتبرعات ويقول مايور بالسارا، الرئيس التنفيذي لشركة سونا ديفي التجارية، التي تعتبر المصدّر الأكبر للشعر البشري،” الشعر بالنسبة للنساء الريفيات الفقيرات مصدر فخرهن واعتزازهن. إنهن يدخرن المال ليقمن برحلة وحيدة طوال حياتهن لزيارة المعابد طلبا للولد أو الحصاد الوفير. وإذا تحققت رغبتهن فإنهن يقدمن شعرهن كقربان وعرفان بالجميل.”ومن هؤلاء النسوة بوجاري آرونا التي بدأت رحلتها في طريقها إلى المعبد في صبيحة احد أيام الآحاد. وبعد السير حافية القدمين لمدة 30 ساعة،كانت المرأة البالغة من العمر 40 عاما تنتظر دورها لدخول صالة الحلاقة.وليست النساء الريفيات وحدهن اللواتي يتقربن بشعرهن، ذلك أن حتى النساء المتعلمات والمهنيات اللواتي يعشن في المدن يلجأن إلى ذلك. ولكن بدلا من أن يقدمن كامل شهرهن فإنهن يهبن خصلتين أو ثلاثة فقط للمعبد. ويتم جمع سلال مليئة بالشعر كل ست ساعات وتخزينه في مستودع ضخم . وهذا النوع من الشعر قوي وصحي ولم يتم صبغه قط من قبل بل يتم دهنه بزيت النخيل وغسله بصابون من الأعشاب. وقد يكون قد تعرض للقص لأول مرة.ثم يقوم المعبد ببيع الشعر في مزاد -وقد يتلقى عروضا من الخارج – لشركات تقوم بتصديره حول العالم. ويقوم مايور بالسارا بنقل الشعر برا في أكياس ثم شحنه حول العالم .ويبلغ سعر الكيلوجرام من الشعر الجيد- والأطول- 700 جنيه إسترليني. ويتم في المصانع التابعة له غسل الشعر يدويا في أحواض عملاقة ثم شده يدويا على أوتاد لتنعيمه قبل ربطه في حزم تضم كل منها 200 ضفيرة. ويُوضع الشعر في صناديق ورقية ثم يُنقل جوا إلى مدينة نيبي الايطالية حيث تتم إزالة أي شوائب في عملية يُغمر فيها الشعر بالماء لمدة قد تصل إلى 20 يوما. وتقوم شركة “غريت لينغثيز انترناشونال” بتزويد 1300 صالون حلاقة بالشعر في أنحاء بريطانيا وحدها، حيث تبيع منتجاتها تحت شعار ” وصلات الشعر الأخلاقية”، وهي تطلق هذه الصفة على منتجاتها باعتبار أن مصدر الشعر معلوم. وتُزود خصل الشعر الطبيعي بعد تلوينه بأربطة مصنوعة من شعر صناعي من البوليمر الشديد الشبه بالشعر الطبيعي. وتستخدم الأربطة في تثبيت الوصلات بشعر العميلة. ويقول فيليب شارب، المدير التنفيذي لشركة غريت لينغثيز،” رغم عدم توفر إحصاءات رسمية عالمية ، إلا أن من الإنصاف القول إن الشعر الطبيعي أصبح سلعة ثمينة كما الذهب أو الألماس أو النفط. هناك صالونات تطلب شعرا بقيمة 100,000 جنيه إسترليني سنويا.وتقول الشركة إن الشعر الأوروبي رفيع للغاية في حين أن الشعر الصيني سميك و قاسٍ ولا يناسبان الزبون الأوروبي. ورغم ذلك تلجأ الطالبات البريطانيات اللاتي يعانين من ضغوط شديدة إلى تدابير قاسية لتغطية نفقاتهن الدراسية، بما في ذلك بيع شعرهن وتخطي وجبات الطعام. ووجدت الدراسة، نشرتها صحيفة صندي اكسبريس وشملت أكثر من 2000 شابة من بينهن خريجات وطالبات جامعة وفتيات عاطلات عن العمل بعد ترك الدراسة، أن 22% منهم اعترفن بأنهن يعرفن زميلة تتناول وجبة طعام واحدة في اليوم لأنها لا تتحمل نفقات تناول ثلاث وجبات.وقالت إن 3% من المشاركات أكدن بأنهن يعرفن زميلات بعن شعرهن. ومما يؤسف له أن الأرباح الطائلة التي تتحقق من بيع الشعر تنطوي على جانب إجرامي . فهناك شكوك حقيقية حول مصدر الشعر القادم من أوروبا الشرقية، إذ تشير مزاعم إلى أن الشعر يؤخذ من النساء عنوة . ويعزز تلك الشكوك تصريح لفيكتوريا بيكام حيث قالت ذات مرة إن وصلات شعرها تأتي من سجينات روسيات. ويقول المسؤولون عن المعابد الهندية انه لا خيار أمامهم سوى التخلص من الشعر إذا لم يتمكنوا من بيعة. وتصل الأرباح التي تُجمع من بيع الشعر الهندي وحده إلى 70 مليون جنيه إسترليني سنويا وتقوم المعابد بإنفاق هذا المبلغ على المدارس ودور الأيتام.