عجيب أن كثيرين,حياة لاتدين عندهم منفصلة عن الله!
فمثلا هم يخدمون وخدمتهم منفصلة عن الله.هي مجرد نشاط بشري تعب بشري,ذكاء بشري معرفة دينية تنتقل منه إلي الآخرين دون أن يظهر الله فيها…!
وهم يصومون والصوم عندهم مجرد علاقة بينهم وبين الطعام والشراب,علاقة جسدية,لا علاقة لها بالروح,ولا علاقة لها بالله!
ويقرأون الكتاب,كمجرد معلومات تضاف إلي معرفتهم.معلومات يذكر فيها اسم الله بدون علاقة معه!
وبالمثل في الصلاة أيضا:يتوجهون فيها نظريا إلي الله,ويذكرون اسمه,كمجرد تلاوات بلا روح,والله بعيد عن قلوبهم,ولا تزيدهم الصلاة صلة به!
وهكذا الحال بالنسبة إلي التوبة:تكون عندهم مجرد محاولات لترك الخطية دون أن يدخل الله فيها.
لا يدخلونه في توبتهم كهدف ولا يتخذونه في توبتهم كوسيلة.أي لا يلجأون إليه ليساعدهم علي التوبة,لذلك فهم يتوبون أو يظنون أنهم تابوا ثم يعودون إلي الخطية مرة أخري وتتكرر المحاولات مرات عديدة ويتكرر الرجوع مرات عديدة أيضا لأن الله ليس في توبتهم بل هي مجرد عمل بشري للانتصار علي الخطية لم يشترك الله فيه.
بينما يعلمنا الكتاب المقدس,وتعلمنا صلوات الكنيسة وبخاصة المزامير أنه لاتوبة بدون عمل الله فينا.
يكفي قول إرميا النبي للربتوبني فأتوب(أر31:18).
نعم,لابد أن يدخل الرب في حياتنا ويعطينا القوة التي بها نتوب:يعطينا الرغبة في التوبة,والقدرة علي التوبة,والاستمرار في التوبة كل ذلك بعمل من نعمته وفعل روحه القدوس.
وهناك عبارة عميقة,قال فيها مارإسحق أسقف نينوي:
الذي يظن أن له طريقا آخر للتوبة غير الصلاة هو مخدوع من الشياطين.
وفي الحقيقة هناك عبارات في صلواتنا اليومية تعطي نفس المعني عبارات نصليها ونكررها كل يوم وللأسف نصليها ولا نعنيها نصليها ولانحيا فيها!وكأنها مجرد كلام نردده دون أن ندخل إلي عمقه ألسنا نقول:
قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدده في أحشائي
إذن فلست أنت الذي تنقي قلبك,إنما أنت تطلب القلب النقي كعطية من الله يخلقه فيك كما لو كان غير موجود علي الإطلاق وكذلك تطلب منه الروح المستقيم جديدا من عنده …هذا في صلاتك أما في حياتك العملية فأنت تحاول أن تصل إلي نقاوة قلبك بمجرد مجهودك الشخصي.
وأنت أيضا في كل يوم,تقول في نفس المزمور:
انضح علي بزوفاك فأطهر واغسلني فأبيض أكثر من الثلج.
في قولكقلبا نقيا اخلق في يا الله تعترف أن قلبك غير نقي,وتطلب النقاوة من عنده.وفي قولك اغسلني تعترف باتساخك من الداخل,وتطلب منه هو أن يغسلك…وسوف يطول بك الوقت,إن حاولت أن تغسل نفسك بنفسك,فالطهارة هي من عنده ولن تنالها إلا إذا نضح عليك بزوفاه فتطهر…إن عبارة اغسلني فأبيض تشابه تماما عبارةتوبني فأتوب…
كذلك نحن نصلي في القداس الإلهي ونقول:
طهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا.
نطلب منه أن يطهر كل ما فينا ولاندعي أننا سنطهر أنفسنا بأنفسنا…ونكرر هذه العبارات تقريبا في صلاة الساعة الثالثة التي نقول فيهاأرسل علينا نعمة روحك القدوس وطهرنا من كل دنس الجسد والروح,وانقلناإلي سيرة روحانية,لكي نسعي بالروح,ولا نكمل شهوة الجسد…كلها طلبات لا نقول فيها إننا سوف نسلك في سيرة روحانية إنما نطلب من الله أن ينقلنا من دنسنا إلي هذه السيرة…ونحن لانقول ذلك تواضعا منا وإنما حسب قول الرب.
بدوني لاتقدرون أن تعملوا شيئا(يو15:5).
فمادمنا بدونه لانقدر أن نعمل شيئا,إذن علينا أن ندخله في كل أعمالنا,لأن الخلاص هو من عنده وهو الذي قال:إن ابن الإنسان جاء يطلب ويخلص ما قد هلك(لو19:10) وقد سمي(يسوع) أي مخلص,لأنه يخلص شعبه من خطاياهم(مت1:21) وهكذا يصرخ المصلي في المزمور ويقول:
اللهم باسمك خلصني(مز54:1)
ليس فقط أن تخلصني من عقوبة الخطية وإنما بالأكثر من الخطية ذاتها أنا لست أدعي أنني أقوي من العدو في حروبه العنيفة فقد قيل في الكتاب عن الخطية إنهاطرحت كثيرين جرحي,وكل قتلاها أقوياء(أم7:26) لذلك حسنا قال داود النبي في أحد مزامير التوبة:ارحمني يارب فإني ضعيف(مز6).
إذن قف في صلاتك كضعيف.اطلب من الرب القوة التي تحارب بها عدو الخير بل القوة التي تحارب بها شهوات نفسك ورغباتها وغرائزها متجها إلي ذلك الراعي الذي قال:تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم(مت11:28).
لماذا إذن تتعب نفسك وأنت تجاهد وحدك ولا تتجه إلي معونة ذلك القوي الذي يعرض عليك أن يعينك في جهادك وأن يرفع عنك أحمالك الثقيلة؟إنه يعرف تماما صعوبة ما يقابلك من جهاد سواء في الداخل أو من الخارج.
صعوبة الخلاص من الخطية شرحها القديس بولس الرسول في رسالته إلي أهل رومية:
فقال علي لسان الإنسان المتعب في حروبه الداخليةإني لست أعرف ما أنا أفعله.إذ لست أفعل ما أريده,بل ما أبغضه فإياه أفعل…فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة في…أري ناموسا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلي ناموس الخطية الكائن في أعضائي ويحي أنا الإنسان الشقي…من ينقذني من جسد هذا الموت(رو7:15-24).
إذن لاتقف أمام الله لتلقي عليه وعودا في أن تحيا حياة فاضلة وتتوب..
بل تذكر فشلك في كل وعودك السابقة التي لم تستطع أن تنفذها وردد ذلك البيت من الشعر:
كم وعدت الله وعدا حانثا ليتني من خوف ضعفي لم أعد
لاشك أن في وعودك شعورا بقدرتك الخاصة ونسيانا لفشلك السابق في إنقاذ نفسك من الخطية بل الأجدر أن تقول للرب:
لست أعدك إنما أطلب منك وعدا أن تنقذني من الخطية.
وما أجمل أن تتذكر وعود الله في سفر حزقيال النبيأرش عليكم ماء طاهرا فتطهرون من كل نجاساتكم,ومن كل أصنامكم أطهركم.وأعطيكم قلبا جديدا,وأجعل روحا جديدا في داخلكم…وأجعل روحي في داخلكم,وأجعلكم تسلكون في فرائضي,وتحفظون أحكامي وتعملون بها(حز36:25-27)
وأنت تذكر كلمات الرب هذه قل له:اجعلني يارب أسلك في فرائضك وأحكامك وأجعل روحك في داخلي.