تحدثنا الاسبوع الماضى عن الفتور الروحى و ذكرنا ان من اسبابه الانشغال الزائد بأمور العالم و ايضاً قد يكون من اسبابه ان بعض الناس يظنون ان طريق الحياة الروحية محفوف بالورود و الرياحين, ولكن الرب قال “ما اضيق الباب و اكرب الطريق الذى يؤدى الى الحياة” (مت 7 : 14) فيصدم الانسان حينما يتعرض للضيقات و الاضطهادات و حروب عدو الخير و سهامه الملتهبة ناراً, فهو عندما يجد انساناً يسير بجدية وباجتهاد فى حرارة الروح يبدأ ثورته فى الحرب، بهدف اصابته بالقلق و اضطراب الايمان والتشتت فى الافكار محاولاً ان يضعف الانسان داخلياً, لذلك نجد ان الحروب تزداد اكثر على القديسين الأمناء. لماذا؟ لأن “جميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوى فى المسيح يسوع يضطهدون” (2تى 3 : 12) “يا بنى ان اقبلت لخدمة الرب فاثبت على البر و التقوى و اعدد نفسك للتجربة” (سى 2 : 1) .
ايليا النبى النارى وقف وحيداً و شامخاً امام جميع انبياء البعل و لكنه هرب امام ايزابل وعندما سأله الرب مالك ها هنا يا ايليا؟ يجيب فى ضعف “بقيت انا وحدى وهم يطلبون نفسى ليأخذوها” (1 مل 19 : 10) و لكننا “لا نجهل افكاره” (2كو 2 : 11) كما قلنا ان الفتور مرض الروحيين فالحرب تكون عليهم اقوى ونحن نعرف افكار عدو الخير لأنه يحسد كل سائر فى طريق الروح لدرجة انه حسد الرب يسوع نفسه وجربه فى البرية بعدما رأى الرب وقد صعد من الأردن وسمع صوت السماء “هذا هو ابنى الحبيب” ورآه يصوم اربعين يوماً فى البرية فتقدم ليجربه.لا نضطرب من التجارب و المتاعب التى نقابلها فى حياتنا الروحية بل نقابلها بسابق علم بكل خبرات من سبقونا فى الطريق الروحى ونقول “اذهب عنى يا شيطان انت معثرة لى” (مت 16 : 23)
فى حماسة روحية شديدة تقدم نحميا لبناء سور اورشليم
ايضاً من اسباب الفتور الوجود فى بيئة غير روحية والاندماج فيها “لا تضلوا فإن المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة” (1كو 15 : 33) لذلك اول مزمور نصليه فى اول النهار هو “طوبى للرجل الذى لم يسلك فى مشورة الاشرار وفى طريق الخطاة لم يقف وفى مجلس المستهزئين لم يجلس” (مز 1 : 1) , لقد كانت عشرة دانيال والثلاث فتية صداقة ملائكية ساندوا بعضهم فى السبى فلم يقوَ اغراء العالم على جذبهم اليه من ناحية وشجعوا بعضهم بعضاً قائلين بصيغة الجمع “فليعطونا القطانى لنأكل و لينظروا الى مناظرنا ” (دا 1 : 12) ومن ناحية اخرى شددوا بعض ساعة الضيقة العظيمة فلم تستطع قوة على ارغامهم سواء بأتون النار او بجب دانيال ،ولم تكن تسبحتهم الملائكية فى اتون النار إلا امتداداً لعشرة التسبيح التى تدربوا عليها فى أيام الرحب. اعتقد ان صداقة مثل هذه قد ربطت شهداء ليبيا سواء فى عشرتهم السابقة للأسر فى مسكنهم المتواضع الذى جمعهم سوياً او اثناء الأسر وحتى لحظات الاستشهاد كانت لهم ترنيمة واحدة و نداء واحد هو “يا يسوع”, فاختر الرفيق الذى لا يحيدك عن الطريق.
اخيراً اذا واجهنا حرب الفتور الروحى فلنلجأ الى الله بالصلاة و التضرع: [يا جراح المسيح اجرحينى بحربة الحب الالهى… يا ربى يسوع حبيبى اذا رأيتنى عضواً يابسا رطبنى بزيت نعمتك وثبتنى فيك غصناً حياً ايها الكرمة الحقيقية.] حتى نعود و نلقاه فنهتف كما هتفت عروس النشيد “وجدت من تحبه نفسى فأمسكته و لم أرخه” (نش 3 : 4)