كثيرون هم من يختفون وراء الثياب. وهذه واحدة من الدعامات التي تقوم عليها تجارة الأزياء! فالناس لا يرتدون ثيابهم للإحتشام فقط، أو لملائمة الظروف الجوية، بل يلبَسونها ليكونوا في الصورة التي ُيريدون أن يرَاهم الناس فيها.فالثياب نَخلعها على أنفسنا لتخلع علينا ما نريده من أوصاف، ونحن قد لا نختلف في ذلك كثيراًعن الممثلين، الذين يبدلون في ملابسهم لتناسب شخوص رواياتهم في الفيلم أو التمثيلية. ولتطابق النماذج البشرية التي يتقمصونها.وقد نجحت الثياب كثيراً في أن تكون ستاراً لأشخاص مغرضين، اخفوا وراءها ملامح ضعفهم.فهناك التاجر الذي يخفي ثراءه وراء ثياب رثة، والفقير الذي يدعي السعة، فيرتدي أفخر الثياب.ونجحت الثياب أيضاً في تضليل الناس، فظلموا كثيرين، وأعلوا من شأن كثيرين، مسترشدين في ذلك بما عليهم من ثياب! فكم من عالم وقور إستهان الناس بعلمه، لبساطة ثيابه. وفي الوقت الذي أكرم فيه الجهلاء من أصحاب الثياب الغالية.
لكن عين الله حين تجردنا من ثياب الخداع الزائفة، فإنها لا ترمي إلى فضيحتنا. بل أن الله يخلع عنا ثياب الزيف، ليكسونا رداء البر والصلاح.إنه يكشف للإنسان حقيقته، التي لم تعد واضحة أمامه لفرط الخداع والرياء، ولكثرة معاشرته للصورة المزيفة.فإذا اعترف الإنسان بحالته الرديئة، وأعلن الندم على ما خدع به نفسه والناس من حوله، فأن الله يعلن له الطريق إلى حياة جديدة، لا يتقمص المرء فيها صورة التقوى، بل ينال فيها تلك القوة الإلهية التي تقوده إلى التقوى الحقيقية وغير المصطنعة.أن صورتك في عيون الآخرين، أي الصورة التي يراك الناس عليها، ليست نهائية؛ فأنت ما زلت تستطيع أن تغير فيها، حتى تصبح أو تقترب من الصورة التي تحرص على تقديمها لهم أو إظهارها أمامهم.