إن الطهارة هي أغلى ما يمتلكه الانسان.. هي بساطة الأطفال التي لا يكدرها وخز الضمير والشعور بالذنب.. هي النور الذي يبهج الجسد كله “ان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً” (مت 6 : 22) بالطهارة يعيش الانسان حراً كنسرٍ طليق الجناحين، ذاق القديس اغسطينوس بهجتها مرة فلما جاءت إليه شريكة الخطية في السابق قال لها: مات اغسطينوس ليعيش على قمة العالم
أهم ما يسندنا في طريق الطهارة هو تذوق جمال المسيح و اشراقة الحياة في حضنه فيكتشف الإنسان معنى كلمة ظلمة الخطية وينفر منها ومن مرارتها. ولكن هل معنى هذا أن الحرب انتهت معها؟ ابداً فعدو الخير لا يهدأ لذا فاليقظة واجبة لحيل عدو الخير وطرقه الملتوية كما يقول معلمنا بولس الرسول “لأننا لا نجهل أفكاره” (2كو 2 : 11) فأحياناً ينصب الشيطان فخاً لحواء من خلال الرجل بكلماته المعسولة الرقيقة وهى مشحونة بالخبث و بالأهداف غير البريئة. وفى أحيان اخرى يجد ابليس له مدخلاً عن طريق حواء فعدو الخير الحية القديمة التي دخلت على حواء لتعطيها بمكرٍ من الثمرة المحرمة و حواء اعطت رجلها فسقط الاثنان معاً، هكذا عن طريق حواء يقدم لها من تلك الثمار المسمومة التى حذر منها القديس بطرس الرسول قائلاً“ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوفٍ. و لا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر و التحلى بالذهب و لبس الثياب” (1بط 3 : 2) تلك الثمار تسقطهن و تسقط معهن الكثيرين الذين يأخذون منها
يقول القديس كبريانوس عنهن: “ انهن يقدمن انفسهن كسيف أو سم للناظر إليهن ولا يمكن أن ينتحلن عذراً بحجة أنهن عفيفات ونقيات في الذهن لأن ثوبهن المخجل و زينتهن المفرطة تدينهن – بل انه و هو من القرن الثالث الميلادى حسم قضية استعمال مساحيق الزينة– و قالايضاً :- ان استعمال المساحيق و الالوان و الأصباغ هو افساد للملامح الطبيعية و سيقف الرب يوم القيامة و يبعدهم عن الملكوت قائلاً ان هذا ليس عملى و لا صورتى. [ وان يكن هذا طبعا لا يُحسب مبررا لطياشة ادم “ان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وإلقها عنك لأنه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله فى جهنم“ (مت 5 : 29)
ايضاً من الامور التى تساعدنا على اقتناء الفضائل بصفة عامة وفضيلة الطهارة بصفة خاصة الرفق بالخطاة و عدم التشهير بهم و عن ذلك يقول القديس زينون: “إن كنت تريد ان تقطع عروق شيطان الزنا وتهلكه عنك فكف فمك عن دينونة الناس كلهم.”
و للكتاب المقدس امر صريح فى هذا الموضوع فيقول القديس بولس “ايها الاخوة ان انسبق انسان وأخذ فى زلة ما فأصلحوا انتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظراً الى نفسك لئلا تجرب انت ايضاً” (غل 6 : 1) فقساوة القلب فى الحكم على الخطاة تعنى ان الانسان نسى تطهير خطاياه السالفة ونسى شراسة تلك الفخاخ ونسى ان نعمة الرب هى التى توآزر و تساند طبيعتنا الضعيفة لذلك تتخلى عنه النعمة.
ان الوجود الدائم فى حضرة الله من خلال الوسائط الخلاصية بمثابرة و مواظبة يحرق الشياطين فمهما يكون حالك اليوم فعد حالاً لصلاتك و اعترافك و تناولك و قل مع المرنم من الاعماق “صرخت اليك يا رب.”
ليكن صوم امنا العذراء فرصة للسعى على درب امنا الطاهرة محتمين بشفاعتها عنا.