رصد مؤشر الديمقراطية كافة الاحتجاجات التي وقعت في مصر خلال الفترة من 1 يناير وحتى 31 مارس 2015، في تقريره الصادر بعنوان ” مؤشر الحراك الإحتجاجي ” و هو الإصدار الدوري الـ 59 لمؤشر الديمقراطية منذ انتظام اصداره في يناير 2013.
حيث رصد التقرير 1353 احتجاجاً ، كانت حصيلة الحراك الإحتجاجي بالشارع المصري خلال الربع الأول من العام 2015، بمتوسط 15 احتجاجاً يومياً، واحتجاجين كل ثلاثة ساعات. تصدر شهر يناير قائمة الاحتجاجات بعدما شهد 562 احتجاج، فيما جاء شهر مارس في المرتبة الثانية بـ 401 احتجاج، بينما جاء فبراير في المركز الثالث بعدما شهد 390 احتجاج.
نفذت 45 فئة من فئات الشارع المصري الحتجاجات خلال فترة الرصد التي قام بها التقرير، لكن ورغم اختلاف معايير تقسيم تلك الفئات ، إلا أن التقرير لاحظ 32 فئة من الفئات المحتجة كانو من العمال والموظفين و المهنيين والحرفيين و أصحاب الأعمال و الذين احتجوا جميعا من أجل مطالب متعلقة بحقوق العمل ، و هو ما يعكس أن 71% من الفئات المحتجة في مصر كانت قد خرجت من أجل حقوق العمل.
على الصعيد السياسي ، جاء أنصار جماعة الإخوان كأول فصيل محتج في مصر بعدما نفذوا 552 احتجاجا، بنسبة 40% من الاحتجاجات، في حين نفذت كافة الفصائل و الفئات المحتجة من أجل مطالب العمل 323 احتجاجا ، وجاءوا في المركز الثاني بعدما نفذوا نسبة 24% من الاحتجاجات خلال الفترة الزمنية للتقرير.
جاء عمال المصانع والشركات على رأس الفئات المحتجة من أجل حقوق العمل بعدما نفذوا 81 احتجاجا، تلاهم المعلمون الذي قاموا بـ 36 احتجاجا، وشهد القطاع الطبي 35 احتجاجا ، بينما نظم السائقون 27 احتجاجا، وشكل استمرار مشكلات العاملون بتوزيع الخبز في تنظيمهم لـ17 احتجاجا، في حين دفعت مشكلات أعضاء هيئة التدريس والعاملون بالجماعات لتنفيذ 15 احتجاجا، فيما نفذ الفلاحون 12 احتجاجا و كذلك المحامون الذين قامو بـ12 احتجاجا.
كما تفاقمت مشكلات الصحفيين الذين نفذوا 8 احتجاجات عكست التردي الواضح في أوضاعهم الوظيفية والنقابية، فيما نفذ العاملون بالأوقاف لـ 9 احتجاجات.
شهدت فترة التقرير انخفاضا ملحوظا في عدد الاحتجاجات التي قام بها القطاع الأمني بعدما نفذ فقط 4 احتجاجات ، وجاء القضاة في المركز الأخير بالنسبة للفئات المحتجة بعدما نفذوا احتجاجا واحد.
جاء الأهالي و المواطنون غير المنتمين لأية أحزاب سياسية و الذين خرجوا بالأساس لمطالب تتعلق بهم أو بمحيطهم الاجتماعي – كثالث الفئات المحتجة بعدما نفذو 204 احتجاج، بينما كان طلاب المدارس و الجامعات في المركز الثالث بتنفيذهم لـ 183 احتجاجا، فيما نفذ الخريجون و المتقدمون لوظائف 29 احتجاجا، وقام النشطاء السياسيين بـ 22 احتجاجا.
لم تخلو الفئات المحتجة من متحدي الإعاقة الذين نظموا 12 احتجاجا، ونتاج الانتهاكات المستمرة لحقوقهم سواء داخل أو خارج الدولة ( حادث ليبيا )، قام أقباط مصر بتنفيذ 8 احتجاجات تعلقت جميعها بمطالب تتعلق بكونهم أقباط.
الملاحظ في الفئات المحتجة هو أن الناشط و السياسي و المواطن و فرد الأمن/الضابط ، والمحامي والقاضي كلهم فئات قد احتجت ، لكن الملاحظ دائما أن هناك فصيل واحد يتم سجنه و قمع حرياته بسبب الاحتجاج و هم النشطاء والمواطنون، فلماذا يتم تجريم الاحتجاج على فئات دون عينها في مخالفة صارخة لأهم مواد الدستور المصري المتعلقة بالمساواة بين جميع المواطنين دون تمييز.
ورصد التقرير ان المطالب الاقتصادية والاجتماعية تصدرت المطالب الخاصة بحقوق العمل قائمة المطالب الاقتصادية و الاجتماعية، وجاءت كثاني أكثر المطالب الاحتجاجية بشكل عام بعدما أعلى 341 احتجاجا مطالبا إما بفرصة عمل أو بحقوق تتعلق بالعمل بشكل مثل 25% من الاحتجاجات بشكل عام ، و 64% من جملة المطالب الإقتصادية والإجتماعية.
و جاءت المطالب الاجتماعية المتعلقة بالخدمات والمرافق في المرتبة الثانية على جدول المطالب الاقتصادية والاجتماعية بعدما شهدت الدولة 114 احتجاجا لأسباب تتعلق أهمها بالمرافق واسطوانات الغاز و الحصول على سكن أو خدمات المسكن مثل الطرق و الخدمات الأمنية، ولا تعكس تلك المطالب سوى تقصيرا من الدولة وأجهزتها بالشكل الذي جعل المواطن يلجأ للتظاهر بالشوارع كبديل عن المؤسسة الحكومية المعنية بتقديم الخدمة.
و ارتفاع المصاريف الجامعية و فصل ونقل الطلاب و قتل الطلاب داخل وخارج المؤسسات التعليمية و غيرها من القضايا التعليمية التي عكست العديد من الكوارث اليومية التي يتعرض لها المواطن المصري، والتي كانت مسببا لـ 77 احتجاج خرجوا جميعهم من أجل تحسين المناخ التعليمي في مصر.
إن المدقق في طبيعة المطالب الاحتجاجية سوف يلحظ إرتفاعا في المطالب الاقتصادية والاجتماعية بالمقارنة مع نفس الفترة الزمنية خلال العام 2014 ، بحيث كانت المطالب الاقتصادية والاجتماعية تمثل من 20-30% فقط من المطالب ، وإن التقرير يتوقع استمرار تصاعد تلك المطالب وأنها سوف تصل للتقارب/التساوي مع المطالب المدنية و السياسية خلال الربع القادم من العام الحالي.
واكد التقرير على ان الاحتجاجات تعبر عن مجموعة من المؤشرات الخطيرة التي تأتي أهمها في الاتفاع المستمر لحالات القبض والاعتقال ، وفي أحداث دموية تمثل أهمها في أحداث الارهاب و أحداث الدفاع الجوي و حوادث قتل وتعذيب المواطنين بأقسام الشرطة و التنامي المستمر لعمليات الإرهاب، مما يؤثر بشكل جزري على حقوق المواطن المصري وحرياته و أولها الحق في الحياة والأمن والسلامة الجسدية.
رصد التقرير مؤشرات هامة تعلقت بالزخم الاحتجاجي العمالي و الذي يعكس افلاس في السياسات التنفيذية التي تنتهجها الدولة و على رأسها وزارة القوى العاملة في التعامل مع المطالب العمالية ، والتي كانت أخطرها تلك اللجان التي تقرر تكوينها للحد من التظاهر كأحد وسائل الردع.
كانت الجامعات و المدارس ولا تزال معادلة مستحيلة على النظم و الحكومات المصرية المتعاقبة، وقد حققت الحكومة الحالية نفس اخفاقات ما قبلها وربما أكثر، بشكل انعكس على المناخ التعليمي و نقل العنف للجامعة و أثر سلبا وجزريا على جودة المنتج التعليمي وحقوق وحريات الطالب و المعلم، بشكل وصل للتهديد المباشر لحياة كليهما.