لا أعلم لماذا أتذكر هذه الجملة كثيرا التى اصبحت جزءا من تراثنا الكوميدى وقفشاتنا …هذه الجملة الشهيرة من المسرحية الشهيرة( مدرسة المشاغبين ) التى غيرت وجه التناول الدرامى للعلاقة بين الطلبة والمعلمين ، بل وغيرت جيلا كاملا من حيث التعامل مع من هم أكبر سناً وخلقت نموذجا جديدا لأجيال كاملة تلتهاإلا أننى اتذكرها بكثير من الألم هذه الأيام عندما أرى الكثير مننا يأخذ هذا المنهج الثأرى .!!! ونصرخ هييه …أبويا أتحرق !!!لست بصدد مناقشة سلوكنا العدوانى وغياب النقد الموضوعى إنما ما يشغلنى هو هذه الشماتة العنيفة فى سقطات الكبار !!!إن من بديهيات السلامة النفسية القيام بالفعل المناسب ورد الفعل المناسب !!!بمعنى ان نتعامل مع الأخطاء التى ترقى لحجم ( القضايا ) بكثير من الجدية والنقد والتحليل ونتعامل مع باقى الأمور التى لا ترقى حتى لكونها ( هفوات الكبار ) بحجمها المناسب …أما أن نجول فى أنحاء المسرح الكبير ونصرخ …هيييه ابويا اتحرق ! كل ما كان رمزا لقمعى وقهرى وكان له سلطان على ..أتحرق !!!!أشعر الآن أنى أفضل حالا ..لا لأننى قمت بأمر اإيجابى ..لكن لأنى رأيته ( النموذج ) ينهار أمامى !هذا انتصار الحمقى ! فلا نفع أبدا لكلانا …ان يحترق هو ..وان أمارس أنا ( الحماقة ) !إن درس سقطة ( الكبير ) هو درس هام جدا لقضيتنا !اولا : هى تأكيد على أنه بشر مثلا !! يخطىء أحيانا !! وهى سند لنا أمام المنافقين الذين يتعاملون معه بمنطق الإله …فليس بيننا آلهة ولا معصومون ، سيحميهم كثيراً أن يعرفوا أننا نعرف ! وأننا نراقب ..وأننا أحيانا …نتفهم .ثانيا : أخطاء الكبار هى فرصة التعلم لمن بعدهم فأحيانا ماتقدم لنا النماذج كل ما ( لا ) نريد أن نكونه ، وما ( لا ) نريد أن نعيشه وما ( لن ) نقبله لأبنائنا من بعدنا …
أؤمن أن الفساد لا يبدأ ( بخطأ) إنما يبدأ ( بالتغاضى عنه ) ….، وأن التعامل مع هذه الأخطاء بمنطق العقلاء هو ضمانة تقويم لمن أخطأ ، مدركا أن هناك عيوناً تراقب وعقولا تحلل ( وليس مجموعة من الموتورين الذين يسعدوا بسقطات الآخرين كما نسوق أحيانا نقدنا !)فلنطرح مارأيناه خطأً ولنعلن رفضنا لسلوك أو ممارسة بشكل لا يهدم المعبد على الجميع ..فما الفائدة من تقديم الواقع على أن الكل فاسد والكل مخطىء والكل مقصر !! ماعدانا نحن المنَظْرين !! وهى ليست الحقيقة بالمرة ! لا كل نماذج الكبار مخطئة ولا كل آراء الأجيال الجديدة صحيحة – أقول آراء وأقصدها لأن كثير ممن ينتقدون لم يقدموا هم انفسهم نموذجا أفضل ، ويبقى جلّ ماقدموه آراء تبدو ذات قيمة ولا سبيل لتقديرها سوى أن تعاش وتقدم كنماذج شخصية لأصحابها .الإغراق فى اللاشىء وعدم التحرك تجاه أى أمر لأن – الكل ( فاسد )- هو واحد من ردود الأفعال الهيستيرية مثله مثل الإغراق فى سباب وقذف واساءة فى حق الجميع لأثبات أننا على حق .ثالثا : أخطاء الكبار فرصة للتغييرفتكرار الخطأ لن يسجل -حتى لدى من ابتغوا التعقل – على أنه مجرد خطأ ..سيسجل فورا بإسمه الحقيقى انه ( فساد ) وليتذكر من نسى أننا أصبحنا فى زمان لا مكان فيه للركود ..فمابالك بركود الفساد فوق صدور الناس ! إذا ما حالفك الحظ بعقلاء يتحملوا خظئك مرة … أرحل اذا كنت فاسد واترك مكانك قبل أن تتركه بالقوة أو بالفضيحة أحيانا !!نحن فى زمان لامكان فيه لأن تبقى على حالك حتى وان كان جيدا ، لا مجال سوى ان تتطور وإلا سقطت من عجلة الزمن ، فمابالك لو كان بقاؤك فساد ومفسدة !!!وأخيرا : إن كنت من هؤلاء الذين يمارسون ( الشماتة العنيفة ) عند وقوع خطأ يمس وطنك أو عقيدتك أو إيمانك ..فتذكر أنك فى حرب الكل فيها خاسر ..فما المفرح فى وقوع الأذى أو الضرر ؟؟ حتى وإن كان من قام به عدوك !! فهو واقع عليك أنت ووطنك ..ولاسبيل لتغيير سوى دفع الأذى أولا …ثم بعدها يأتى الحساب !!!!