كنت فى مواكب المصريين الذاهبون إلى مراكز الإقتراع فى شوارع مصر المحروسة والقاهرة الساحرة لنقول رأينا فى الدستور المصرى الجديد، مواكب المصريون فى كل مكان تهرول إلى اللجان، لأول مرة منذ عشرات السنوات تعود البسمة والفرحة إلى الوجوه وحماسة غير مسبوقة ونشاط إفتقدناه طويلا لكى يؤدى كل مواطن واجبه،
كانوا لا يهتمون بالانتخابات أو الاستفتاءات لأنهم كانوا يعلمون النتائج مسبقا، ويعرفون عن يقين التزوير، اليوم يهبون وهم يعلمون ويتأكدون من الشفافية والحرية فى الاختيار والصدق فى النتائج، من هنا ذهبوا، ربما لأول مرة ليعبروا عن رأيهم ويشاركوا فى بناء مستقبل بلدهم بحق، إنها النتائج الإيجابية لثورتى 25 يناير و 30 يونيو.
المواكب إلى صناديق الاقتراع تضم شبابا وشيوخا ونساء وغيرهم، صورة للمجتمع المصرى بأطيافه المختلفة المتباينة من شيخ وقسيس وراهبة ومحجبة وسافرة ومنتقبة وفنانة وعامل وفلاح يجمعهم الحب الكبير الذى يعشش فى قلب كل مصرى، وحناجر تغنى لمصر.. يا أغلى إسم فى الوجود يا مصر..
بلادى بلادى لك حبى وفؤادى.. تسلم الأيادى، وزغاريد تحلق فى سماء كل مكان للنساء الفضليات اللائى نسين أنفسهن وأخذن يغنين ويرقصن ويزغردن فى هذا العرس الديمقراطى الكبير الذى يضع اللبنة الأولى فى بناء مصر العظيمة حتى تعود لمكانتها الرائدة الكبيرة بين الأمم.
فرحة كبيرة تنتقل إلى نفسك دون أن تدرى فتغنى لمصر بلدنا العزيز أم الدنيا، وتصفق لها مع كل هذه المواكب، مواكب الأمل.
كنت أنتظر هذا اليوم الثلاثاء 14 يناير 2014 بفارغ الصبر لأقول كلمتى، أقول نعم للحرية لبناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية تقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، وإعادة الكرامة للإنسان المصرى، كحقه كمواطن عاملا أو فلاحا، طفلا ام كهلا، سليما أم معاقا، سوى الشخصية أم مريضا نفسيا، فقيرا أم غنيا، خفيرا او وزيرا، رجلا أم إمرأة، هكذا دستورنا الجديد الذى يحترم الإنسان لأنه أولا وأخيرا.
قلت نعم للدستور الذى يؤكد المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات والحريات، وعدم التمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو اللون.
شاهدت فى مواكب المصريين المرأة المصرية المفضالة وهى تحمل صورة القائد البطل عبد الفتاح السيسى تقديرا لدورة البطولى فى إنقاذ مصر من هذا الحكم الإستبدادى الفاسد الذى كان يعتبرها إنسانة أدنى درجة واحتراما من الرجل، ولجهله بتاريخ المرأة المصرية منذ ألاف السنوات عندما كانت طبيبة وكاهنة وملكة، وهكذا أعاد دستورنا الجديد للمرأة المصرية مكانتها بعد أن أراد الحكم الفاسد الفاشى أن يعود بنا إلى عصر الحريم.
وكيف لا أقول نعم لدستور تنص نصوصه على حرية الاعتقاد المطلقة ويمنع ويجرم التهجير التعسفى بالقوة للمواطنين المصريين بعامة، ويمنح الحريات المطلقة للفكر والأدب والفن والصحافة والإعلام؟
وقد إنتهى العرس الديمقراطى بفرح كبير للنتائج المهمة والإيجابية له والتى تؤكد الحرص على بداية عودة مصر إلى المصريين وإلى ريادتها الحقيقية للمنطقة، وقد سبق استفتاء الداخل باستفتاء فى الخارج، وكانت نتائجه ممتازة ويكفى أن المصريين فى قطر فقط وصلت نسبة نعم إلى 5,97 %، قطر وما أدراك مع قطر، تكون فيها النسبة هكذا له معنى خاص هو رفض المصريين لموقفها المخالف لإرادة الشعب المصرى، ولعله درس قاس لها.
بكلمة نعم، وبهذه النتائج الممتازة والمبهرة يدشن المصريون مستقبلهم العظيم بأذن الله، وإذا كانت السنوات الماضية صعبة وحزينة أليمة بالنسبة للمصريين، قدموا فيها التضحيات والشهداء والغالى والرخيص فان هذا الدستور المحترم الذى يليق بالمصريين سيفتح باب المستقبل للرخاء والسلام والأمن والرفاهية للجميع، سيجد كل عاطل عملا يحترم وجوده، وسيجد كل عامل وموظف راتبا يكفيه، وكل مسن رعاية كاملة، وكل مريض تأمينا صحيا شاملا، وسيجد كل طفل مكانا فى المدرسة وتعليما مناسبا يعتمد على الكيف وليس الكم.
لن توجد عشوائيات فى مصر الجديدة الناهضة بفضل هذا الدستور، وسنجد حلا لكل مشاكلنا.
المهم أن نعمل لنحقق الأمل فالعمل ضرورى لحياتنا، ولأننا خارجين من سنوات عجاف فقدنا فيها الكثير من ثروتنا الإقتصادية وخسرنا أموال السياحة والمظاهرات فاننا يجب أن نتحلى بالصبر الجميل حتى نحقق كل أمانينا، فالدنيا لم تخلق فى يوم واحد.
هكذا إستطاع المصريون أن يدشنون مستقبلهم المشرق وأيامهم السعيدة القادمة بكلمة نعم للدستور.
وهل يسمح لى الجميع بتقديم الشكر العميق لرجالات الشرطة والجيش البواسل، خير أجناد الأرض على النظام والتأمين والأمن والأمان الذى شعرنا به أثناء الإستفتاء؟.