قلما تشاهد عملا دراميا تجد نفسك فيه وترى أن شخوصه شديدة الواقعية كأنها تعيش وتتنفس وتأكل وتشرب وتحيا حولك تراهم في كل مكان أمامك وتشعر دائما أنك قابلتهم بل وتعايشت معهم
قلما تشاهد عملا دراميا تجد نفسك فيه وترى أن شخوصه شديدة الواقعية كأنها تعيش وتتنفس وتأكل وتشرب وتحيا حولك تراهم في كل مكان أمامك وتشعر دائما أنك قابلتهم بل وتعايشت معهم، حملنا مسلسل “بنت اسمها ذات” إلى سنوات مضت وأيام وقعنا في عشق ارتبطانا الوجداني بها في نستولوجيا تجعلنا رافضين للواقع في أحيان كثيرة وتطير بنا محلقة فوق الشوارع والحواري، ولكي تكتمل اللوحة ينقلنا المسلسل إلى الماضي بأزياء السيدات والرجال وقصات الشعر والفن في سرد لتفاصيل حياة كاملة لزمن جميل مضى ولن يعود.
نجح خيري بشارة وكاملة أبوذكري مخرجا المسلسل في نقل المشاهد إلى واقع السنوات المتتابعة بكل تفاصيلها في ترجمة مميزة لورق المسلسل المأخوذ عن رواية صنع الله إبراهيم “ذات” وسيناريو وحوار كتبته بحرفية شديدة مريم ناعوم، وأبدع كلا من باسم سمرة “عبد المجيد” ونيللي كريم “ذات” في دوري البطولة بشكل لافت للنظر وبأداء عال.
المسلسل يخطف عين المشاهد من المشهد الأول للحلقة الأولى البداية كانت في السابعة صباحا ليوم 23يوليو 1952 في اشارة واضحة تربط الملتقى بالصورة الذهنية لذكرى اليوم سواء من يراها ثورة مجيدة أو من يؤمن انها ذكرى لتاريخ لانقلاب الضباط الأحرار.
أسرة ذات المكونة الأب “احمد كمال” والأم “انتصار” وجيرانهم يعيشون في شارع يشبه كل شوارع مصر فكرة المسلسل سرد لأحداث شهدتها مصر منذ ثورة يوليو من خلال حكاوي أسر مصرية تشبه أسر المشاهد.
لن تستطيع أن تنسى مشهدين شديدي الأهمية في الحلقة الأولى الأول كان أثناء حرب 56 ومن خلال زيارة معتادة من الأصدقاء والمعارف والجيران لأسرة ذات في أول خميس من كل شهر للأستماع لكوكب الشرق من خلال الراديو العتيق تدخل ميمي وذكي وأطفالهما حنا وسارة وبعد الترحاب المعتاد، فجاة تبكي ميمي بحرقة ويخبرهم ذكي أنهم قرروا الهجرة إلى فرنسا لأن المصريين أصابهم الخلط بين اليهود واسرائيل والصهاينة ولم يعد لليهود مكان في مصر، ثم ركوبهم السيارة ورحيلهم تكرر، مشهد الرحيل عند هجرة الأبن “حسن” إلى امريكا بعد زواجه من ابنة الجيران، وهجرة اسرة الجيران، كأن الدينا كلها تتحرك وذات وأسرتهما في مكانهم لايتحركون أبدا.
المشهد التاني لحظة ختان ذات وحضور القابلة بملامحها القاسية وعنفها وصريخ ذات والأب الذي يرفض الفكرة لكنه يجلس مع “منصور”- ناصر سيف- جارة على القهوة لأن الموضوع شغل ستات.
استمرت الحلقات ترسم الأحداث التاريخية من خلال أسرة ذات ومجتمعها وتتميز كل حلقة بأن بدايتها مقطع من أغنية شهيرة تتناسب الحدث الاساسي، وظهر ابداع المخرج والاستايلست في ملابس الممثلين المتفقة تماما مع موضة الفترة الزمنية لإضفاء المزيد من الواقعية على الأحداث.
وأبدعت نيللي كريم ” ذات” في دور يعد من أجمل أدروها تقمصت الشخصية بأداء راق هادىء تجعلك تشعر كأن الكاتب الكبير صنع الله ابراهيم كتب الرواية لها وأن مريم نعوم رسمت شخصية “ذات” في السيناريو على مقاسها تماما، ووضحت سلاسة أداءئها من خلال تعبيرات وجها الرائعة في المواقف المختلفة للأحداث فمشهد بكأئها حزنا على وفاة والدها كان شديد الإبداع وإن أفسده الفاصل الإعلاني في قناة دريم 2 أثناء العرض بشكل يوضح سذاجة القائمين على القناة وعدم درايتهم باللحظة المناسبة للقطع.
عاشت في الشخصية بكل تطوراتها من التردد وعدم الثقة في النفس إلى الغيرة من زواج الصديقات إلى الإعجاب بشخصية عزيز زميلها في كلية آداب حتى ظهور العريس “عبد المجيد” وقبولها الفوري للزواج منه رغم اصراره على عدم استكمالها للتعليم في الجامعة، وتطور حياتها الزوجية ومعاناة قلة الدخل وعلمها في التليفزيون وعدم قدرتها على الرد والاعتراض على عبد المجيد لأن الكلمات تقف على لسانها عند المواجهة إلى أن جاءت لحظة الانفجار بعد كسر عبد المجيدة لماكينة الخياطة التي يشعر أنها تحرمه منها وهى تعتبرها مصدر دخل يساعد على الحياة، شخصت “نيللي” المشهد بشكل رائع شديد التميز.
ومع الوقت اقنعت عبد المجيد بالسفر للكويت للعمل بعد الحصول على عقد من من زوج احدى الجارات خليجي الجنسية.
أما المميز باسم سمرة آدى دور عبد المجيد بإبهار تقمص شخصية الشاب الذي لم يكمل تعليمه ورغم ذلك نجح في الحصول على وظيفة في بنك يتحدث ببعض الكلمات الإنجليزية رغم انه لايجيدها وأصبح لازمة “اوف كورس” على لسانة لدرجة ان أسرة ذات أطلقت عليه في البداية “عبد المجيد اوف كورس”، رجل يقدس الحياة الزوجية ويهتم جدا بكل ماله علاقه بالحياة من أكل واعتزازه “بكرشه” الصغير، وللجنس، من خلال “اللمبة” الحمراء المتواجدة فوق السرير الذي يشير دائما اضائتها باللقاء الحميمي بينه وبين ذات التي احيانا تهرب ولاترغب فيه.
وظهر قدراته العالية بشده في المشاهد التالية لعودته من الكويت وبداية احتلال العراق وفقدانه فرصة العودة وأيضا القبض على صاحب شركة توظيف الأموال التي اودعت فيها الأسرة كل المدخرات، وفشل عودته للعمل في البنك لأنهم فضلوا عودة أصحاب المؤهلات العليا.
تميزت انتصار بدور رائع أظهر قدراتها من خلال تطور الشخصية من الأم الشابة الي الحماه ثم الجدة ، وظهر هاني عادل في دور عزيز بشكل مميز ونجح فريق العمل أن يحمل المشاهد إلى البحث عن ذاته من خلال “بنت اسمها ذات”