نقف الآن على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخ مصر الحديث والمعاصر. يتطلع فيها المواطنون المصريون إلى تكوين مصر جديدة.. نامية وناهضة
نقف الآن على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخ مصر الحديث والمعاصر. يتطلع فيها المواطنون المصريون إلى تكوين مصر جديدة.. نامية وناهضة.. تنشد الاستقرار والسلام المجتمعي القائم على ترسيخ دعائم الحرية ورفع ألوية الديمقراطية، تطلب النهوض والتطلع إلى حضور قوي وواضح على المستويين الإقليمي والعالمي مثلما كانت في فترات ماضية، تتواصل مع إنجازات التاريخ وتنقطع عن لحظات الانكسار.
وعبر التاريخ كثيراً ما عبر الكتاب والمفكرون المصريون عن معاني الوطنية، كما تغنى الشعراء بحب الوطن مصر والانتماء إليه، انتماء النيل والأهرام. وظهرت العديد من القصائد التي تلقفها الملحنون والمطربون فأخرجوها للجماهير المتعطشة لكل فن متميز وراق في صورة فنية بديعة جذبت كثيرين، وصارت تتردد في الكثير من المناسبات الوطنية. أذكر هنا الأغنية الشهيرة التي جاء في مطلعها “حُب الوطن فرض علي أفديه بروحي وعينيي” وهي من تأليف الشاعر أمين عزت الهجين وألحان وغناء الفنان محمد عبد الوهاب.
ولعل السؤال الذى يُلح علينا الآن ويفرض نفسه بقوة هو ماذا يعني حب الوطن؟! وهل حُب الوطن يقف عند حدود التغني به؟! وكيف يمكن ترجمة مشاعر وأحاسيس حب الوطن والانتماء إليه إلى واقع عملي ملموس؟!
وفي إجابة أولية على تلك التساؤلات، فإني أظن أن حُب الوطن ليس مجرد شعارات ولا يكتفي بكلمات رنانة أو جمل حماسية تلهب مشاعر الجماهير. وإنما من خلال خطوات عملية ملموسة، تعود بالخير على الجميع، أولها أن يعيش كل مواطن المعنى الحقيقي لمبدأ المواطنة، من حيث تأكيد معاني المساواة والمشاركة بين المواطنين وبدون تمييز في الحقوق والواجبات، وأن نحترم القوانين ونطبقها ولا نحيد عنها، لا نفرق بين غني وفقير.. وزير وغفير.. مسلم ومسيحي.. رجل وامرأة.. من العاصمة أو الأقاليم.
أن نؤمن بقيم المحبة والسلام والعدل والعمل الجماعي البناء والعطاء والتطوع والتسامح وقبول الآخر والتعايش الإيجابي المشترك، وغيرها من القيم الإنسانية النبيلة، عاملين على إعلاء تلك القيم الإيجابية لضمان الوحدة والتماسك الاجتماعي بين مكونات الجماعة الوطنية المصرية.
أن يطلب المواطن حقوقه ويقوم بواجباته، ومن ذلك المشاركة في الانتخابات على تنوعها، الرئاسية والنيابية والمحلية والنقابية واتحادات الطلاب..، فيذهب إلى صناديق الانتخاب مُعبراً عن رأيه وموقفه دون تكاسل.
أن يكون لك رأى تعبر عنه بالطرق السلمية وعبر القنوات الشرعية كالاتصال بوسائل الإعلام المختلفة أو التظاهر السلمي، دون المشاركة في أعمال العنف والتخريب والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، مُدركاً أن الحرية هي مسئولية في المقام الأول وأن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، مع الاعتداد بثقافة الحوار كمنهج وأسلوب حياة.
أن تؤمن بقيمة العمل الجاد فتعمل في أرضك أو شركتك أو مصنعك أو في أي موقع تتواجد فيه بكل أمانة وإخلاص ونشاط. وأن يكون المواطن إيجابياً، نشيطاً ومتفاعلاً مع ما يمر به الوطن من أحداث وما يعيشه من قضايا مجتمعية شتى.
كما يرتبط حب الوطن والانتماء إليه بمجموعة أخرى من السلوكيات، منها عدم الخضوع لدفع رشوة بحجة إنجاز مهمة، وعدم التمييز، وإعلاء قيمة تكافؤ الفرص بين المواطنين بالابتعاد عن الوساطة والمحسوبية وإعطاء كل مواطن حقه. والحرص على زيادة الإنتاج وترشيد الاستهلاك، والمحافظة على نظافة الشوارع من أجل بيئة صحية ونظيفة لنا ولغيرنا من السائحين.
ولا أنسى ضرورة اهتمام مؤسسات التنشئة الاجتماعية، الأسرة والتعليم والثقافة والإعلام والمؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني، بالعمل دوماً على بناء مواطن صالح يعمل من أجل الخير والصالح العام الذي يعود بالنفع على الوطن والمواطنين.