حقوق الأقباط في بناء وترميم كنائسهم ستظل معلقة إلي أجل غير مسمي طالما أنها مرهونة بمعايير غريبة أقل ما توصف بهغياب الإرادة السياسية ويكفي أن يثير أحد قضية المساواة بين المصريين في تشريعات بناء وترميم دور
حقوق الأقباط في بناء وترميم كنائسهم ستظل معلقة إلي أجل غير مسمي طالما أنها مرهونة بمعايير غريبة أقل ما توصف بهغياب الإرادة السياسية ويكفي أن يثير أحد قضية المساواة بين المصريين في تشريعات بناء وترميم دور العبادة حتي يندفع الكثيرون لتوبيخه قائلين:هو إحنا في إيه واللا إيه؟…إنتم مش شايفين حال البلد؟ وكأن حقوق الأقباط نوع من الترفيه أو الترف الذي لا يصح الحديث عنه إلا بعد تجاوز جميع القضايا الوطنية والقومية والاقتصادية والاجتماعية-ويمكن حتي فنية والرياضية!!
انتظر الأقباط أربعة عقود قبل ثورة25يناير لعلاج الغبن والتهميش اللذين يتعرضون لهما ولم يحدث شئ,ثم بعد ثورة 25يناير تطلعوا إلي الخروج من النفق المظلم الذي يقفون فيه واعتقدوا أنه جاء وقت رد اعتبارهم وإصلاح كل مظاهر الخلل في حقوق المواطنة والمساواة بينهم وبين المسلمين,لكن خاب أملهم أمام استمرار مسلسل الاعتداءات التي يتعرضون لها في كنائسهم وممتلكاتهم وأوراحهم, ووقفت الدولة ضعيفة عاجزة عن حمايتهم ضمن عجزها المخجل عن حماية هيبتها وتفعيل القانون ومطاردة المجرمين.حتي الوعود التي قطعها المسئولون-سياسيين وعسكريين-علي أنفسهم في خضم انفجار الاعتداءات علي الأقباط وكنائسهم ذهبت أدراج الرياح وتبخرت وضاعت…ذهبت مع ذهاب وزارة الدكتور عصام شرف,واختفت مع مجئ وذهاب وزارة الدكتور كمال الجنزوري,وتناساها المجلس العسكري طوال فترة جلوسه علي قمة السلطة,وأخيرا لم يعرها الدكتور محمد مرسي أي اهتمام منذ اعتلائه منصب رئاسة الجمهورية حتي الآن…صرح الدكتور مرسي كثيرا أنه سيكون رئيسا لكل المصريين أنه سوف يستعين بالأقباط ضمن فريق مساعديه,وأخشي أن يكون الرئيس معتبرا أنه باستيفاء هذه الوعود الشكلية يكون قد أوفي التزامه تجاه الأقباط…لا بل يجب أن يعلم أن ملف هموم الأقباط مايزال مفتوحا لم يقترب منه أحد ولم يغلق لمجرد ورود بعض الأسماء القبطية ضمن الفريق المعاون للرئيس!!
تحدثت الأسبوع الماضي عن معاناة بعض الأقباط نتيجة تعرضهم للإرهاب والاعتداء من بعض ضعاف النفوس من المسلمين, وكيف يجد هؤلاء الأقباط أنفسهم ضحايا للخوف دون حماية القانون أو السلطة,الأمر الذي يشعرون معه بالغربة والنفي في وطنهم فيصرخون طالبين الغوث من أية جهة خارجية أو دولة تمنحهم حق الهجرة أو حق اللجوء هربا من واقعهم….وقلت إنه طالما ظل هذا الواقع الكئيب جاثما علي صدر هؤلاء فلايجب أن نلوم إلا أنفسنا.
اليوم أعود لأتعرض لذلك الواقع الكئيب الذي يستمر يفرض نفسه علي حياة الأقباط بينما السلطات تستسلم له والقانون يقف عاجزا عن ردعه وعلي الأقباط أن يرضخوا له صاغرين طالما التشريعات الخاصة بالمساواة في حقوق بناء وترميم دور العبادة ماتزال متروكة في ثلاجة التجميد…مشكلتنا اليوم تخص كنيسة مارمينا بقرية الدرمللي التابعة لمركز بني سويف والتي حصلت علي ترخيص رسمي من الوحدة الهندسية معتمد من المحافظ لإحلال سقفها الخشبي المتهالك بسقف جديد من الخرسانة المسلحة…فما أن بدأ العمل في تنفيذ الترخيص حتي تجمع عدد كبير من السلفيين-الذين تبين أنهم من خارج القرية-محتجين ومعترضين علي العمل الجاري تنفيذه,وعندما عرفوا أن العمل يجري بموجب ترخيص رسمي ما كان منهم إلا أن تقدموا بشكوي كيدية ملفقة إلي السلطات بأن الأعمال الجاري تنفيذها مخالفة للترخيص…هكذا ادعوا دون أي دليل وهم يدركون تماما أن السلطات سوف تنصاع لإرهابهم وأن أقل شئ يأملون فيه هو عرقلة وتعطيل العمل والتأكيد علي خوف السلطات منهم,وهذا عينه ما حدث,فبالرغم من عدم اشتمال الترخيص علي أي بناء جديد وأن ينحصر في إزالة السقف الخشبي للمبني القائم وتنفيذ آخر خرساني بدلا منه,وذلك أمر يسهل جدا علي الإدارة الهندسية التفتيش عليه والتحقق منه دون إيقاف الأعمال,إلا أن السلطات قامت فورا-بدواع مخجلة لتهدئة السلفيين وامتصاص غضبهم!!-بإيقاف الأعمال في الكنيسة وإلزام الكاهن المسئول بتوقيع إقرار بذلك لحين تشكيل لجنة للمعاينة ترفع تقريرا عن الأمر للمحافظ!!
ماحدث بعد ذلك أن اللجنة قامت بمعاينة الأعمال علي الطبيعة وتبين لها أن ما يتم تنفيذه مطابق تماما للترخيص الصادر,كما سبق عمل اللجنة عدة معاينات للموقع من جانب رئيس مدينة بني سويف ومدير الإدارة الهندسية ورئيس الوحدة المحلية ومأمور ورئيس مباحث مركز بني سويف…وبعد تعطيل الأعمال زهاء الشهر وإعادة تشكيل لجنة ثانية لقياس الأعمال مرة ثانية-بعد أن أثبتت اللجنة الأولي أنه لا توجد أية تجاوزات تخالف الترخيص-أصدرت اللجنة الثانية تقريرها أن المساحة الخاصة بالكنيسة لم تزد مترا مربعا واحدا نتيجة أعمال تجديد سقفها وأن الأعمال مطابقة للترخيص…وأعقب ذلك اتخاذ الإجراءات الرسمية للإفراج عن الكنيسة واستئناف الأعمال في ظل رقابة دقيقة(!!!) من الإدارة الهندسية.
المشكلة تم حلها وتكاد تكون انتهت إلا إذا فاجأنا السلفيون بأي اعتراضات أخري غير منظورة…وقد يسأل أحد:لماذا إذن التعرض لهذه المشكلة وقد انتهت نهاية سعيدة؟…وهنا أقول إن المشكلة الحقيقية أن الأقباط وكنائسهم مايزالون أسري ورهائن داخل وطنهم عليهم أن يدفعوا ضريبة تبرئة أنفسهم من أية اتهامات كيدية ظالمة تلقي في وجوههم بالرغم من التزامهم بالقانون…وهم في ذلك يرون بوضوح كيف تقف السلطة خانعة أمام ضغوط المتعصبين والمتطرفين عاجزة عن حمايتهم…وفي نفس الوقت يتساءلون:متي يتم علاج الخلل في التشريعات؟…أين القانون الموحد لدور العبادة؟…أين قوانين تجريم التمييز؟…أين وعود الدكتور محمد مرسي؟