في ما يلي بعض الحقائق التي ينبغي أن يأخذها في عين الاعتبار الأشخاص الذين ينتقدون إدارة أوباما بسبب ##القيادة من الخلف## في الشرق الأوسط المضطرب: فهناك عملية حشد مستمرة للسفن والطائرات العسكرية الأمريكية المتاحة
في ما يلي بعض الحقائق التي ينبغي أن يأخذها في عين الاعتبار الأشخاص الذين ينتقدون إدارة أوباما بسبب ##القيادة من الخلف## في الشرق الأوسط المضطرب: فهناك عملية حشد مستمرة للسفن والطائرات العسكرية الأمريكية المتاحة من أجل عمل حربي جديد في الشرق الأوسط تتواصل علي قدم وساق منذ أشهر; والبنتاجون لم يسع إلي إخفائها عن زعماء إيران وسوريا.
وإذا كان المسؤولون الأمريكيون يقولون إن المناورات العسكرية البرية والجوية والبحرية, ##الأسد المتأهب 2012 ##, التي قادتها الولايات المتحدة واحتضنتها الأردن في مايو الماضي, كانت حدثا سنويا لا علاقة له بالتطورات في دمشق أو طهران, فقد سمح لشبكة ##سي إن إن## التلفزيونية الأمريكية ببث مقاطع من التمرينات التي شارك فيها 11 ألف جندي من 19 بلدا.
الميجر جنرال كين توفو من الجيش الأمريكي, وهو رئيس العمليات الخاصة للقيادة الوسطي الأمريكية, والذي كان مكلفا بالقوات الأمريكية المشاركة, قال للصحفيين إن المناورات هي الأكبر من نوعها منذ غزو العراق, مضيفا أن أحد أهدافها هو تطبيق ##المهارات التي قمنا بتطويرها خلال الأسابيع الماضية في سيناريو حرب غير عادية##.
جنود كتائب البحرية الأمريكية قاموا بإنشاء مركز العمليات المشترك للمناورات. وتوجهت الوحدة الرابعة والعشرون التابعة للبحرية الأمريكية, علي متن السفينة الحربية ##آيوا جيما##, إلي البحر الأحمر من أجل المشاركة, ترافقها سفينتان أخريان. كما حطت دبابات البحرية الأمريكية من أجل تدريب مشترك مع الوحدات الأردنية. وشارك جنود العمليات الخاصة الأمريكية في المعارك التي دارت في المناطق الحضرية وفي المناورات المضادة للإرهاب مع وحدات القوات الخاصة الأردنية, بينما قام المظليون الأمريكيون والأردنيون بالقفز معا.
وإضافة إلي ذلك, شاركت طائرات حربية من طراز ##إف 15##, من الجناح المقاتل الـ104 التابع للحرس الوطني الجوي في ولاية ماساتشوسيتس, من قاعدة في الأردن, حيث حلقت مع السعوديين والأردنيين. وقامت الطائرات بثماني طلعات في اليوم بعد وصولها ##ولم تتوقف عن الطيران طيلة فترة الانتشار##, حسب تقرير نشر في مجلة ##إير سكوب## المتخصصة في شهر يونيو الماضي.
وتنتمي القوات الأخري التي شاركت في المناورات إلي كل من أستراليا والبحرين وبريطانيا وبروناي ومصر وفرنسا والعراق وإيطاليا والكويت ولبنان وباكستان وقطر وإسبانيا ورومانيا أوكرانيا والإمارات العربية المتحدة.
وهناك مشاركة واسعة متوقعة أيضا للمناورات الدولية السنوية لإزالة الألغام التي من المنتظر أن تجري في البحر الأحمر, وخليج عدن, وخليج عمان, والخليج العربي. وستعرف مناورات هذا العام, والتي ستجري خلال الفترة الممتدة من السادس عشر من سبتمبر إلي السابع والعشرين منه, مشاركة قياسية من عشرين بلدا.
وكان جورج ليتل, المتحدث باسم وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا, قد قال للصحفيين في منتصف يوليو الماضي إن المناورات التي ستجري علي مدي أحد عشر يوما ستمثل ##تمرينا دفاعيا يهدف إلي الحفاظ علي حرية الملاحة البحرية في الطرق المائية الدولية للشرق الأوسط, وإلي تعزيز الاستقرار الإقليمي##. وأضاف يقول: ##هذا ليس تمرينا يهدف إلي البعث برسالة إلي إيران##.
غير أنني لا أصدق ذلك, والأكيد أن طهران لم تصدقه. وقد أثارت المناورات المعلن عنها هذا الرد من قائد قوات البحرية الإيرانية, الأميرال حبيب الله سياري: ##إن الولايات المتحدة تعتقد أنها تستطيع أن تؤثر في إيران من خلال الإعلان عن اعتزامها إجراء مناورات في إزالة الألغام في الخليج العربي, لكنها ليست الحقيقة##.
وعلي مستوي آخر, تبدو الوكالات الاستخباراتية الأمريكية منهمكة في العمل; وهو ما أشارت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بشكل غير مباشر خلال مؤتمر صحفي عقد يوم السبت الماضي مع وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في إسطنبول. فقد قالت رئيسة الدبلوماسية الأمريكية: ##إننا نقدم 25 مليون دولار من المساعدات, ومعظمها عبارة عن وسائل اتصال, للمجتمع المدني والنشطاء##, مضيفة: ##لكني لا أرغب في الدخول في مزيد من التفاصيل بخصوص الكيفية التي نقدم بها المساعدة إلي الناس, حتي لا نعرضهم للخطر في هذا الوقت##.
وفي تحليل نشر يوم الخميس علي موقع ##الجزيرة## علي شبكة الإنترنت, قدم روبرت جرينير, المدير السابق لمحطة وكالات الاستخبارات المركزية ##سي آي إيه## في باكستان, رأيه في هذه المساعدات فقال: ##إن مثل هذه المعدات (معدات الاتصال) ستكون لها فائدة مزدوجة لا تكمن في تحسين تدفق المعلومات الاستخباراتية إلي وحدات المعارضة المسلحة والتنسيق التكتيكي فيما بينها فحسب, ولكن أيضا في تسهيل تدفق المعلمات من داخل سوريا إلي مقدمي هذه المساعدة##.
جرينير, الذي اشتغل في البيت الأبيض حول موضوع العراق وعين في وقت لاحق رئيسا لمركز محاربة الإرهاب في الـ##سي آي إيه##, أشار أيضا إلي قرار رئاسي ##مسرب## سابق رخص للوكالة بمساعدة المعارضة السورية.
وفي هذا السياق, كتب جرينير يقول إن جزءا من هذا النشاط يحدث, علي ما يفترض, في مركز للعمليات المشتركة في مدينة أضنة (في تركيا) والتي تبعد بحوالي 60 ميلا عن الحدود مع سوريا.
وعلاوة علي ذلك, فإن أضنة ##تحتضن إنجرليك, وهي قاعدة جوية أميركية يحافظ فيها الجيش ووكالات الاستخبارات الأمريكية علي وجود مهم##, كما قال في مقال سابق.
وإنجرليك, التي تعتبر منشأة أمريكية مهمة منذ الحرب الباردة, هي عبارة عن قاعدة متقدمة لعمليات الانتشار العسكري لمنظمة حلف شمال الأطلسي ##الناتو##. وقد تولت هذه القاعدة في السنين الأخيرة عمليات النقل خلال حرب العراق, ومما لا شك فيه أنها ستلعب دورا في أي عمليات عسكرية تتعلق بسوريا أو إيران.
وقالت كلينتون: ##إن لدي أجهزتنا الاستخباراتية وجيشنا, مسئوليات وأدوار مهمة جدا للعبها##, مضيفة: ##لذلك, فإننا نعتزم تشكيل مجموعات عمل من أجل القيام بذلك تحديدا##.
وجوابا علي سؤال حول إمكانية فرض منطقة حظر طيران فوق سوريا, قالت كلينتون: ##إن الحديث عن كل أنواع التحركات الممكنة شيء. لكن المرء لا يمكنه اتخاذ قرارات حكيمة بدون القيام بدراسة وتخطيط مكثف##.
وجزء أساسي من عملية التخطيط هذه يقتضي أن تكون القوات التي ستقوم بتنفيذ المهمات المتفق عليها جاهزة. ويذكر هنا أنه إلي جانب الوحدات المشار إليها سلفا, فإن اثنتين من حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية, ##إنتربرايز##, و##دوايت آيزنهاور##, علي متنهما أكثر من 100 طائرة, إضافة إلي مجموعتي الضرب المرافقتين لهما, تعملان في المنطقة من أجل المساعدة في أفغانستان. إلا أنهما يمكن أن تستعملا في أي دور إقليمي آخر.
وتضم المجموعتان خمس مدمرات وطرادين. وفي البحرين, تعززت مؤخرا كاسحات الألغام الخمس التي يضمها الأسطول الخامس الأمريكي بأربع كاسحات ألغام إضافية.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد والمرشد الأعلي للثورة الإيرانية علي خامنئي علي علم تام بالقوات الأمريكية البرية والبحرية والجوية المتزايدة التي يواجهانها, فإن منتقدي البيت الأبيض يرفضون الاعتراف بما يجري حاليا.
والواقع أنه من السهل الحديث أو الكتابة عن مناطق حظر جوي أو ضربات جراحية إذا تجاهل المرء الثقل الذي علي كاهل الرئيس أوباما. غير أنه علي الرئيس, الذي يعمل انطلاقا من أمان البيت الأبيض, أن يدرس جيدا ما إن كان من الضروري إرسال مزيد من الأمريكيين -النساء والرجال- إلي حرب أخري وهو يعلم أن حيواتهم ستكون معرضة للخطر, أو حتي للضياع.
* صحفي متخصص في قضايا الأمن القومي الأمريكي
واشنطن بوست