تطورت الأمور في بلادنا,علي عكس ماكنا نتوقعه,أدخلت إلي قلوبنا الخوف من أن نفقد فرصة تفعيل مواطنتنا التي فرحنا باستردادها بعد غياب طويل.فعندما اشتركنا مع الذين خرجوا إلي الميدان من أجل الحرية,
تطورت الأمور في بلادنا,علي عكس ماكنا نتوقعه,أدخلت إلي قلوبنا الخوف من أن نفقد فرصة تفعيل مواطنتنا التي فرحنا باستردادها بعد غياب طويل.فعندما اشتركنا مع الذين خرجوا إلي الميدان من أجل الحرية,والعدالة,ورغيف الخبز,اكتسبنا حماسا من نوع خاص لوطننا ومستقبله.أما الآن,وقد أصاب اليأس الكثيرين منا بسبب روح الغي والتسلط التي تسود أجواء البلاد,فنحن معرضون أن نعود فننسحب من جديد إلي عزلة غير المهتمين أو الخائفين.ولعلنا إذا تركنا أنفسنا نغرق في بحيرة الاستسلام السلبي فإننا نعبر عن نقص الثقة في الله,وعندما يتعمق حزننا وتفقد قلوبنا شجاعتها ستفتر حياة إيماننا تدريجيا,فنعيش كالذين لا رجاء لهم.تري هل لنا من مخرج عبر هذه الأزمة؟
التغلب علي مشاعر اليأس والإحباط ليس أمرا سهلا,لكني أثق أنه ليس مستحيلا أيضا.لقد اجتاز الشعب في القديم أزمات ثقة في الله,الذي حررهم من العبودية في مصر,وقادهم بقدرته,واعتني بهم في البرية…وفي كل مرة كان شعورهم بالعجز واليأس يجعلهم يقاومون التقدم للأمام ليدخلوا إلي كنعان كما أرادهم الله أن يفعلوا.وكم أغضب هذا السلوك الله,لأنه كان بمثابة إعلان عدم ثقة فيه!لكنه كان يتحنن عليهم ويسامحهم عندما يصرخون إليه طلبا أن يغفر لهم تمردهم,وينقذهم من الشر الذي كان يمكن أن يفنيهم!هذه هي الخطوة الأولي التي اعتقد أننا كمسيحيين في أشد الحاجة أن نأخذها اليوم قبل الغد.
أما التحدي العلمي للتعبير عن تجديد ثقتنا في الله هو أن نستمر في القيام بمسئوليتنا بنفس الروح التي كانت لنا من قبل,سواء في بيوتنا مع عائلاتنا,أو في دوائر المجتمع الذي نعيش فيه…التحدي أننا بالرغم من الظروف نواصل بعزم لايهون أن نستثمر أموالنا وخبراتنا لبناء بلادنا,ولنشارك الجميع في الخيرات التي لنا,فنغلب الشر والتهديد بحب صادق للجميع.وعندما نسلك في هذه الأيام ليس بحسب ما نشعر به,بل انطلاقا من الثقة التي لنا فيه,ستشهد أفعالنا ومواقفنا عن الإله الذي نعبده,وتظهر للجميع أي إيمان يملأ حياتنا…وحتي عندما يضعف هذا الإيمان في مواجهة المخاوف فلنصرخ إليه قائلين:نؤمن ياسيد…فأعن عدم إيماننا! لقد استمر يوسف علي ثقته في الله حتي بعد أن باعه إخوته كعبد,وبعد أن ألقاه فوطيفار في السجن ظلما…وعندما حان الوقت الذي أراد الله أن يستخدمه فيه لكي يصنع فرقا في حياة شعب مصر,واستدعي ليفسر أحلام فرعون لم يكن غارقا في يأسه,وكان علي استعداد,مع كونه غريبا,أن يقبل مسئولية أن يكون الرجل الثاني في البلاد بعد ملك لم يكن يعرف الله!
هل فكرت من قبل أن الشعور باليأس هو أحد الأسلحة الفتاكة للشيطان التي يستخدمها لكي يجعلنا نستسلم؟فهو يهدف من تعميق الشعور بخيبة الأمل لدينا أن ننسحب في النهاية من سباق الإيمان,وندير ظهورنا لله.هذا ما حدث مع الرجال الذين عادوا مع نحميا إلي أورشليم ليبنوا سورها المتهدم…فعندها واجهوا مقاومة الأمم التي كانت حولهم,وتأثروا بالشائعات التي أطلقها عليهم سنبلط وطوبيا وجشم العربي كادوا أن يتوقفوا عن البناء.ولم يهزم إبليس إلا عندما تشجعوا من جديد وأكملوا العمل,وما حدث بعد ذلك كان أحد أعظم النهضات الروحية التي سجلتها نصوص العهد القديم!
كذب المنجمون ولو صدقوا…أظن أن هذا القول الشائع يلخص الكثير من الأحاديث المتكررة في كل مجلس, والتي تبث إلي عقولنا من ميديا تلهث وراء تقديم أخبار يثبت زيف الكثير منها مع الوقت.لقد أسرنا بمشاعر التأسي علي حاضرنا,ووقعنا في فخ إدمان متابعة الأخبار بشكل لحظي,بالرغم من إدراكنا أن هذه العادة الجديدة التي تسيدت علينا قد أضعفت شركتنا مع إلهنا,وأفقدتنا التواصل مع عائلاتنا…إلا أننا لازلنا نتحول من قناة إخبارية إلي أخري,وننهي الليل بأخبار تقرأ عليالنت,ونبدأ صباحنا بمطالعة أكثر من جريدة,مع أن جميع هذه النوافذ الإعلامية تقول نفس الشئ,وتولد اضطرابا داخلنا,وننسي أنه الكلمة المقدسة توصينا:كفوا واعملوا أني أنا الله!كفوا كلمة من أورع كلمات العهد القديم,وتعني ارفعوا أيديكم عن الأمر…والله لا يقصد هنا أن ننسحب في يأس,بل علي العكس أن يريدنا أن ننتظره في هدوء وندعه يعمل.هذه الكلمة هي نفسها في اللغة العبرية التي استخدمها الله عندما قال للشعب الذي ارتعب لما رأي المصريين يلاحقونهم:قفوا وانظروا الخلاص الذي سأصنعه لكم اليوم! فهلنكف ونقف لنري هذا الخلاص يتحقق من جديد في أيامنا هذه؟
في غمرة مشاعر بالإحباط ألمت بي في الفترة الماضية بسبب ضغوط أحاطت بي علي المستوي الشخصي والعام,والتي أعرف أن كثيرين من أصدقاء هذا الركن في وطني يختبرونها من حين لآخر,رجعت إلي أحد أحب المزامير إلي قلبي لأطلب من الله أن يسامحني…وخرجت الكلمات من فمي:ارحمني يا الله كعظيم رحمتك,مثل كثرة رأفتك امح معاصي… واستمرت صلاتي حتي وجدت نفسي أتوقف لأول مرة بمفهوم يخاطب ما أشعر به عند الكلمات:قلبا نقيا اخلق في يا الله,وروحا مستقيما جدد في داخلي! وقد شعرت أننا قد حبسنا هذه الصلاة الرائعة فقط في قرينة الاعتراف بالخطية والتوبة…وهذا صحيح تماما.لكني تساءلت إذا كان داود قد بدأ مزموره بالاعتراف وطلب المغفرة,فلابد أنه لم يقصد تكرار طلب الغفران عندما سأل الله أن يعطيه قلبا نقيا! وعندما عدت إلي المعني الأصلي لهذه الكلمات الرائعة,وجدت أن القلب المذكور هنا لم يقصد به بالطبع تلك العضلة التي تضخ الدم في جسم الإنسان…فالقلب في اللغة العبرية يشير إلي كينونة الإنسان,وعمق مشاعره,ومركز دوافعه واختياراته!إذن فداود لم يكن يطلب مجرد مشاعر طاهرة,لكنه كان يطلب أن يخلق فيه الله قلبا جديدا بهذا المعني.والملاحظ أن الفعلاخلق هنا هو نفسه المستخدم في الأصحاح الأول من سفر التكوين:في البدء خلق الله السموات والأرضفإذا كنت قد غرقت في مشاعر اليأس,وكدت أن تفقد ثقتك في الخالق القدير,فعد معي مجددا إلي المزمور الحادي والخمسين…ابدأ بأن تطلب من الله أن يغفر لك,واستمر في الطلبة أن يخلق داخلك قلبا جديدا,ويعطيك روحا صحيحا,ثم أكمل الصلاة:رد لي بهجة خلاصك,وبروح منتدبة(جديدة)اعضدني(دعمني)…فأعلم الأثمة طرقك,والخطاة إليك يرجعون…حتي أولئك الخطاة الذين لا أتخيل أبدا أن يرجعوا إلي الله الإله الحقيقي,لاعجب أن يكون هذا المزمور مقدمة للصلوات اليومية التي تعلمها الكنيسة.
www.FocusOnTheFamily.me