علي الرغم من توقع البعض بإجراء الانتخابات في مناخ مشحون بالتوتر والعنف إلا أن شوارع القاهرة والجيزة لم تكشف عن هذا المناخ المتوقع, بل علي العكس كانت الشوارع هادئة وكأنه يوم عطلة رسمية.
البداية كانت من مدرسة النقراشي الإعدادية بحدائق القبة حيث تعد اللجنة الانتخابية التي أدلي بصوتي بها. في الصباح الازدحام كان سيد الموقف وهيمنة أنصار مرشحي الحزب الوطني علي اللجان أمرا متوقعا, نظرا لعدم وجود منافسين أقوياء, وبالتالي كان من السهل علي مرشحي الوطني وخاصة مقعد الفئات أن يحسم المنافسة مبكرا, في حين واجه مرشح الوطني فؤاد اللواء علي مقعد العمال منافسة شرسة مع النائب المخضرم محمد عبدالعزيز شعبان مرشح التجمع والذي لديه رصيد كبير مع أهالي الدائرة, وعلي الرغم من الوعكة الصحية التي ألمت به مؤخرا, إلا أنه ظل علي تواصل مع أبناء الدائرة, وحصل شعبان علي 13 ألف صوت وحصل اللواء علي أربعة آلاف وخمسمائة صوت.
تعد مدرستا النقراشي الإعدادية والثانوية من أكبر اللجان الموجودة بالدائرة, وكعادة كل انتخابات يتم إغلاق النقراشي الثانوية لساعة أو أكثر, ومع المطالبة من الناخبين بالوقوف طابورا حتي يسمح لهم بالدخول فيما بعد, مما يترتب عليه توالي خروج الناخبين من الطابور والعزوف عن الانتخاب, وبالتالي يسهل السيطرة علي فئات محددة من الناخبين, وحينما شعرت بأن الوقت يمر ذهبت مرة أخري إلي النقراشي الإعدادية.
حيث يختلف الوضع في مدرسة النقراشي الإعدادية نظرا لوجودها علي شارع مصر والسودان وهو أحد أكبر شوارع القاهرة, ومن ثم يصعب منع دخول الناخبين للانتخاب, ولكن المشكلة كانت في وجود عدد كبير من مندوبي مرشحي الوطني ومطالبة المندوبين للناخبين بالتصويت للوطني ونظرا لمعرفة المندوبون بأغلبية الناخبين يتم الأمر في هدوء بينما يتوجس هؤلاء المندوبين من الوجوه الغريبة علي اللجان, وينظر لهم علي أنهم من أنصار مرشحي الإخوان أو المستقلين, وبسبب الزحام وعدم القدرة علي الوصول إلي الجنة الخاصة بها قررت الرحيل دون تصويت, علي أمل التصويت في المساء.
ومن حدائق القبة إلي الوايلي في تمام الواحدة ظهرا كانت الأمور هادئة وأمام اللجان وخاصة أمام مدرستي الحسينية وإسماعيل القباني كانت الدعاية الانتخابية للمرشحين هي الأبرز ولكن توزيع الأموال علي السيدات والفقراء كانت السمة البارزة لهذا الأمر.
ومن الوايلي إلي غرفة العمليات التي أعدها المجلس القومي لحقوق الإنسان, حيث كان مندوبو المجلس يتلقون الشكاوي من المراقبين التابعين للمجلس أو التابعين لمنظمات حقوق الإنسان, وتقديمها لممثلي وزارة الداخلية واللجنة العليا للانتخابات ومحاولة حل هذه الشكاوي في أسرع وقت, وتلخصت هذه الشكاوي في منع مندوبي المرشحين من دخول اللجان, أو منع المراقبين من المتابعة.
وكانت غرفة العمليات تتلقي الشكاوي عبر رسائل المحمول ويتم وضع الشكوي في نقطة مضيئة علي الخريطة التي أعدها المجلس من أجل سرعة الرد علي هذه الشكوي, وعلي الرغم من رصد عدد كبير من الانتهاكات التي حدثت, إلا أن اللجنة العليا للانتخابات لم تقم باتخاذ موقف حاسم حيالها, وقدمت من وجهة نظرها فقط رؤيتها لتقليل عدد مندوبي المرشحين باللجان, وكذلك المراقبين التابعين للمنظمات الحقوقية.
وفي هذه الغرفة تم رصد شكاوي من منظمات حقوقية حصلت علي تصاريح المراقبة ليلة الانتخابات ولكن كان من الصعوبة توزيعها علي المراقبين المتواجدين في مختلف المحافظات, وعلي الرغم من الإعلان المتكرر لممثل اللجنة العليا للانتخابات بوجود 6 آلاف تصريح للمراقبين إلا أن عدد المراقبين الفعليين لم يكن يتعدي 2000 مراقب.
ومن المجلس القومي إلي الحزب الوطني والذي كان يقوم بمراقبة الانتخابات عبر غرفة عمليات تضم 500 شاب وفتاة يتابعون خطوات التصويت لحظة بلحظة لمرشحي الوطني بالمحافظات وإبلاغ الغرفة أولا بأول بأية انتهاكات أو أعمال عنف تشهدها الدوائر, وكان من الملاحظ قيام الوطني بتقديم العديد من البلاغات ضد مرشحي الإخوان والمستقلين, والرد الفوري علي كل ما تبثه وكالات الأنباء والفضائيات التي تتهم الوطني بالتزوير واستغلال البيانات الأولية التي أصدرتها بعض أحزاب المعارضة من التأكيد علي استقرار الانتخابات. وفي نهاية جولتي التي بدأت منذ ساعات الصباح الباكر وحتي ساعة إغلاق الصناديق فقد حماسي للتصويت.. وعدت إلي لمنزل!