في 23 يناير, ينعقد أول مجلس تشريعي لمصر ما بعد مبارك. وسيهيمن الإسلاميون علي البرلمان المعروف باسم ##مجلس الشعب## حيث من المقرر أن يحصل ##حزب الحرية والعدالة## التابع لـ جماعة الإخوان المسلمين سويا مع ##حزب النور السلفي## علي ما يقرب من 70 بالمائة من مقاعد البرلمان المنتخب والتي يبلغ عددها 498 وبما أنه حكم بأن الانتخابات حرة ونزيهة وكانت النتائج حاسمة جدا فسوف يظهر المجلس التشريعي بشرعية شعبية لم يسبق لها مثيل. ومع ذلك, ففي الوقت نفسه, ما تزال مدي سلطة البرلمان غير محددة الملامح. وفي الفترة اللاحقة سيكون هذا النقص في الوضوح مصدرا للتوتر بين الإسلاميين و##المجلس الأعلي للقوات المسلحة## ,##المجلس العسكري ##] الحاكم.
لقد كان دور البرلمان غامضا طوال المرحلة الانتقالية. وكان استفتاء مارس 2011 قد كلف المجلس بتشكيل لجنة لكتابة دستور جديد. غير أنه بعد أن أدرك بأن هذه الصيغة سوف تمكن الإسلاميين من إحداث تغيير كبير في النظام السياسي – بما في ذلك التحول من نظام رئاسي إلي آخر برلماني – أعلن ##المجلس العسكري## من جانب واحد أنه سيتجاهل نتائج الاستفتاء ويختار أغلبية اللجنة الدستورية بنفسه.
وفي حين يتصور ##المجلس العسكري## دورا محدودا لـ ##مجلس الشعب## إلا أن لدي الإخوان المسلمين رؤية أوسع. ووفقا للزعيم السياسي لـ الإخوان عصام العريان تأمل الجماعة أن تؤسس البرلمان كمركز سلطة مسئول ليس فقط عن المساعدة في صياغة دستور جديد بل أيضا عن تشريع وتوفير رقابة علي الحكومة الانتقالية التي عينها ##المجلس العسكري##.
وعلي الرغم من أن هذه الرؤي المختلفة هي بالفعل مصدر للجدل إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان الإسلاميون سيسعون إلي المكاشفة مع ##المجلس العسكري## حول هذه المسألة. وللوقت الحالي يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين – التي تسيطر علي نحو 46 بالمائة من المقاعد – هي في مزاج أكثر استرضائية. وفي وقت سابق من هذا الشهر علي سبيل المثال, قال العريان إن الجماعة لن تتحدي ##المجلس العسكري## من خلال محاولة عزل الحكومة الحالية بتصويت نزع الثقة. ومع ذلك, ربما يكون الصراع بين الإسلاميين و##المجلس العسكري## موضوعا متكررا في الدورة البرلمانية المقبلة.
وهناك قضايا كبيرة أخري تواجه المجلس التشريعي وهي تدهور الاقتصاد والخلاف الداخلي بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين. وإدراكا لإلحاح المشكلة الاقتصادية, التقي مسئولون من الإخوان مع ممثلي ##صندوق النقد الدولي## في القاهرة, وذلك الأسبوع الثالث من يناير لمناقشة شروط قرض بمبلغ ثلاثة مليارات دولار. وفضلا عن الاقتصاد, هناك توترات بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين التي من المرجح أن تتعمق حيث يتعرض الإخوان لضغط من اليمين من أجل تقديم تشريعات أكثر محافظة اجتماعيا بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
وفي الواقع, من المرجح أن يكون ##حزب النور## الشوكة المستمرة في حلق الجانب الإخواني مما يقوض المبادرات البرلمانية ويسبب إحراجا لابن عمه الإسلامي الأقل تشددا نوعا ما. وبعكس الإخوان فإن السلفيين – المتحررين من عبء مسؤولية الحكم ولكنهم حصلوا علي نسبة كبيرة من المقاعد تبلغ 23 بالمائة – سوف يركزون جل همهم علي ترويج برنامجهم الاجتماعي الذي يهدف إلي جعل مصر أكثر إسلامية. وبالفعل, ففي الأسبوع الثالث من يناير علي سبيل المثال, انتقد ##حزب النور## بشدة احتمالية قيام ##صندوق النقد الدولي## بمنح قروض لمصر – وهي القروض الضرورية لمنع قيام أزمة تتعلق بالاحتياطيات المستنزفة من النقد الأجنبي – معتبرا إياها ##ربا## وانتهاكا للشريعة الإسلامية.
ليس هناك شك بأن الإخوان المسلمين سيفضلون اتباع منهج أقل استفزازا وأكثر تدرجا لتطبيق الشريعة الإسلامية, ولكن حيث يواصل السلفيون التضييق عليهم فقد لا تتوفر لهم هذه الرفاهية. وهذه الأنواع من الاختلافات – التي ربما تمتد في نهاية المطاف إلي الكحوليات ولباس الشواطئ وعدد هائل من الأعراف الاجتماعية الأخري – ستكون مربكة لـ الإخوان. وفي النهاية من المرجح أن تدفع الجماعة نحو اتباع أجندة اجتماعية أكثر تحفظا.
ونظرا لهذا التركيز علي الشئون المحلية, من المرجح أن لا تمثل السياسة الخارجية أولوية بالنسبة للمجلس التشريعي. غير أن فرص الاقتصاد الكئيبة وحاجة الإسلاميين إلي إظهار نجاح ##سياسي## يمكن أن تستحث البرلمان علي اعتبار إسرائيل كبش فدائه. وفي الواقع, فإن الدعوات للتحول بعيدا عن إسرائيل قد حققت بالفعل إجماعا واسعا عبر الطيف السياسي المصري. وعلي أقل تقدير, سوف يميل المجلس التشريعي بصورة شديدة نحو اتخاذ مسار شعبوي وسينتقد بشدة معاهدة السلام من عام .1979 ورغم أن مثل هذه المشاعر ربما تقتصر علي الخطاب فقط إلا أنها يمكن أن تضمن – بموافقة البرلمان – في استفتاء شعبي علي المعاهدة, وهو الهدف الذي أوضحته قيادة الإخوان مرارا. وفي الوقت الذي تواصل فيه إدارة أوباما حوارها المستمر مع الإخوان فإن نقل عواقب هذا المسار – علي مصر وعلي العلاقة الثنائية وعلي الاستقرار الإقليمي – ينبغي أن يكون هو الأولوية.
* ديفيد شينكر هو زميل أوفزين ومدير برنامج السياسات العربية في معهد واشنطن.
نشرة معهد واشنطن