الآن, حتي بعد أن انتخب السويديون المتسامحون والليبراليون حزبا معاديا للإسلام وجاءوا به إلي البرلمان, أصبح من الواضح للعيان أن هذه الجدالات آخذة في التصاعد لأن اليسار واليمين علي حد سواء مرتبكون بشأن السياسات المرتبطة بالإسلام. فاليسار يدافع خطأ عن الإسلاموية — وهي أيديولوجية متطرفة تتسم أحيانا بالعنف — ويخلط بينها وبين الإسلام الذي يفهمه العوام, في حين غالبا ما يهاجم اليمين خطأ عقيدة الإسلام, ويخلط بينها وبين الإسلاموية. يجب علي المفكرين الغربيين أن يدركوا الفرق بين الإسلاموية وعقيدة الإسلام, وإلا فإننا نتجه إلي معركة أيديولوجية مع ربع تعداد البشرية.
هناك علي الأقل بعض من اليساريين يدافعون عن الإسلاموية لأنهم يعتقدون أنهم يدافعون عن الإسلام. لقد أخبرتنا إحدي صانعي القرار الأوربيين مؤخرا أنها أصبحت متعاطفة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ##لأنني أردت أن أدافع عن الإسلام في عالم ما بعد 11 سبتمبر##. إن الحقيقة هي أن حزب العدالة والتنمية وغيره من الحركات الإسلاموية مثل جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي, لا يمثلون الإسلام. فهذه الأحزاب الإسلاموية, حتي عندما لا تلجأ إلي العنف, تمثل أيديولوجية غير ليبرالية في جوهرها — فهي علي سبيل المثال ترفض الاعتراف بالمساواة بين الجنسين. وبنفس النهج الذي زعمت به الشيوعية في السابق أنها تتحدث عن الطبقة العاملة, فإن الإسلاموية تزعم أنها تمثل المسلمين. وبدفاع اليساريين عن الحركات الإسلاموية المتطرفة فإنهم يساعدون فقط في إعطاء اسم سيئ للمسلمين. يجب علي اليساريين أن لا يتحيزوا لما يطلق عليهم الأحزاب الإسلاموية المعتدلة, لكن عليهم التحيز إلي الحركات الإسلامية الليبرالية, مثل حزب الشعب الجمهوري في تركيا وحركة دعم الديموقراطية في مصر, اللذان يدعمان المساواة بين الجنسين.
وعلي الصعيد الآخر, فإن اليمين غالبا ما يهاجم الإسلام ظنا منه أنه يهاجم الإسلاموية. إن حظر بناء المآذن كما فعلت سويسرا هو عين الخطأ, فالمشكلة ليست في بناء مسجد; إن المشكلة في استخدام المسجد للترويج للعنف والجهاد والإسلاموية المتعصبة. إن جرائم تنظيم القاعدة وحزب الله وغيرها من الجماعات تعود بجذورها إلي الإسلاموية الجهادية, التي تدعم العنف لفرض عقيدة متطرفة علي المسلمين وغير المسلمين علي السواء. وردا علي ذلك, اقترح السياسي اليميني الهولندي جيرت فيلدرز وغيره من السياسيين المعارضين للهجرة في أوربا فرض حظر علي الإسلام نفسه من خلال تجريم الكتاب الإسلامي المقدس, القرآن. يجب علي فيلدرز أن يعلم أنه حتي ستالين لم يكن بوسعه حظر الدين. إنه لمن الصعب [حقا] الاعتقاد أن بإمكان سياسي في أوربا الليبرالية أن يقترح تجريم عقيدة, لكن هذا ما وصل إليه الخلط بشأن الإسلام. إن الأمر الأكثر إذهالا هو أن حزب فيلدرز المناهض للإسلام ظهر كأكبر ثالث قوة سياسية في الانتخابات الهولندية الأخيرة. لقد اقترح هذا الحزب الرد علي أعمال الإرهاب الإسلاموية من خلال فرض ضرائب علي أغطية الرأس التي ترتديها المسلمات. يا له من عار علي اليمين, الذي يفترض فيه أن يدعم الحرية الدينية ويتعين عليه الدفاع عن حرية الإسلام, حتي في الوقت الذي يستهدف فيه الجماعات الإسلاموية الجهادية.
إن الخلط بشأن الإسلام له تبعات حقيقية. متي كانت آخر مرة قرأت فيها مقالا لمفكر يساري ينتقد فيه كيف أن حزب العدالة والتنمية يسحق الحريات الإعلامية في تركيا؟ أو رفض جماعة الإخوان المسلمين الاعتراف بحقوق متساوية للنساء والمسيحيين في مصر؟ إن الليبراليين بدفاعهم عن الإسلام الأيديولوجي يعززون إحدي أكبر التهديدات التي تواجه المسلمين والليبرالية الغربية علي حد سواء. وفي غضون ذلك, عند قيام اليمين باستهداف عقيدة الإسلام, فإنه يستبعد حلفاء محتملين في المجتمع المسلم: وهم المسلمون المحافظون الذين يريدون ممارسة عقيدتهم ويزدرون الرؤية التي يمثلها تنظيم القاعدة. وبينما يحاولون تعزيز القيم الدينية في الغرب العلماني والإلحادي أو اللا أدري في أغلب الأحيان, سوف يجد السياسيون اليمينيون حلفاء طبيعيين في المسلمين المحافظين.
إذا لا يتخلص المفكرون الغربيون من هذا الخلط الآن, فإننا سننزلق إلي مسار خطير. سوف يبدأ عموم الناس في الغرب بربط جميع المسلمين مع الإسلامويين, مما سيؤدي إلي إثارة معركة يحتمل أن تكون خاسرة مع ربع البشرية. إن هذا الصدام بين الحضارات هو ما أراد تنظيم القاعدة إثارته بهجمات الحادي عشر من سبتمبر, يجب أن يكون الغرب ومفكروه أذكي من تنظيم القاعدة.
خيري أباظة زميل أقدم في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات. سونر جاغابتايهو زميل أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني.
نيوزويك