جاء المجوس من بلاد بعيدة إلي السيد المسيح له المجد,جاءوا وقد تجشموا مخاطر السفر وأهوال الطريق,إذ كان من الممكن أن يغدر بهم هيرودس الملك وينال منهم,ولكنهم كانوا تواقين لرؤية هذا المولود الذي دلهم عليه النجم,فسعوا إليه لا يفكرون إلا فيه,لذلك استحقوا أن يروه ويقدموا له عطاياهم عن إيمان وحب,حيث قدموا له ذهبا ولبانا ومرا,بيد أن لهذه الهدايا رموزا في حياتنا كالآتي:
1-الذهب:
الذهب يرمز إلي الشئ الغالي والثمين,كما يرمز إلي النقاوة…وقد استخدم الذهب في الهيكل في العهد القديم,كما كان تابوت العهد مغشي بالذهب النقي من الداخل والخارج وأيضا الكاروبان اللذان عليه,كما أن المائدة مغشاة بالذهب النقي,وأيضا المنارة والأواني.ومذبح البخور (خر37:26)أما المجامر فيقول عنها سفر الرؤيا إنها كانت من ذهب(رؤ5:8)…كل هذا كان رمزا للملك المسيح وإلي عظمة الخدمة ونقاوتها.
أما السيدة العذراء فكانت تشبه أيضا المجمرة الذهب,وتابوت العهد المغشي بالذهب من الداخل والخارج,رمزا إلي عظمة العذراء ونقاوتها,وكانت العذراء تشبه أيضا بقسط المن الذي هو من ذهب خالص(عب9:4).
2-اللبان:
اللبان يرمز إلي الكهنوت لأنه حبات البخور التي تحترق في المجمرة,ويرمز للعبادة أيضا كما يقول داود النبي والملكفلتستقم صلاتي كالبخور قدامك,وليكن رفع يدي كذبيحة مسائية(مز141:2).
وقيل عن البخور في سفر الرؤيا إنه صلوات القديسين.
فالأربعة والعشرون كاهنا كانوا يحملون جامات من ذهبمملوءة بخورا هي صلوات القديسين(رؤ5:8).تلك الصلوات التي قيل عنها أيضا في سفر الأناشيدكأعمدة من دخان,معطرة بالمر واللبان(نش3:6).
أيضا فالبخور(اللبان المحترق)يعتبر ذبيحة,كانت تقدم إلي الله علي مذبح البخور(خر37:35)وهكذا فإن اللبان يرمز إلي السيد المسيح ككاهن يقدم الخدمة والصلوات التي تصعد كرائحة بخور في عطرها وحرارتها,تقدم رائحة ذكية يتنسم منها الله رائحة الرضا(تك8:21).
3-المر:
عطر يرمز لآلام السيد المسيح من أجلنا كما قيل في سفر المزاميرالمر والميعة والسليخة من ثيابك(مزمور44)وقالت عذراء النشيدقمت لأفتح لحبيبي ويداي تقطران مرا وأصابعي مر قاطر علي مقبض القفل(نش5:5).
المر في رائحته عطر وفي مذاقه مر,وهذا يعطينا فكرة جميلة عن الألم بما يفيد أن الآلام لها رائحة ذكية أمام الله فتتعطر الكنيسة بآلامها حينما تقف أمام الله ويتنسم الله من آلامها رائحة الرضا.
هكذا كان الشهداء,حيث كانت تفوح من آلامهم وجراحاتهم رائحة جميلة أمام الله والناس…لقد أصبح المر ليس فقط من سمات أولاد الله,بل من الهبات التي يهبها الله لنا,إذ قيلوهب لكم لأجل المسيح,لا أن تؤمنوا به فقط,بل أيضا أن تتألموا لأجله(في1:29).
لقد قدم لنا السيد المسيح نفسه مثالا للمر في حياته.لقد ذاق المرارة طوال حياته علي الأرض.وبلغت أقصاها في آلامه علي الصليب,حيث قدموا له مرا ليشرب وهو علي عود الصليب…ولنتذكر أن خروف الفصح الذي كان يرمز إلي السيد المسيح في عمله الفدائي كان يؤكلعلي أعشاب مرة(خر12:8)لذا فإننا لا يمكن أن نبتعد عن الصليب أو ننفصل عنه.والسيد المسيح علي الصليب كان ذهبا ولبانا ومرا…لقد كان مرا لأنه ذاق أقسي الآلام من أجلنا,وحسب عارا وخطية,وأحصي مع الأثمة(أش53:12)وكان علي الصليب كاهنا يقدم ذبيحة عن خطايا العالم كله…وكان ملكا,لأنه قيل إن الرب ملك علي خشبة(مزمور95),ملك وهو مسمر علي خشبة الصليب,حيث حطم مملكة إبليس وأنقذنا من أسره,فبدأ ملكوت الله بالفداء.إن صورة المسيح المصلوب,هي صورة كنوز وتقدمات المجوس,تري فيها الذهب واللبان والمر,الملك والكهنوت والألم,فيها تري المسيح الملك,وعلي صليبه لافتة مكتوب عليهايسوع الناصري ملك اليهود.
المراجع:
1-الكتاب المقدس بعهديه.
2-من وحي الميلاد لقداسة البابا شنودة الثالث.
3-المولود من العذراء القمص إبراهيم جبرة.
4-المولود المخلص للقس يوأنس كمال.