شهر سبتمبر يموج بذكريات عدة وفيه أحداث جسام مرت ببلادي,وهو يعني انتهاء فصل الصيف وإقبال الخريف ,فهو موسم انتقال بين شهور الإجازات والشمس الساطعة إلي شهور الشتاء وما يعنيه من برد وأمطار!! ويالها من مصادفة أن تري ما جري في سبتمبر بالتاريخ المصري ففي هذا الشهر وتحديدا في اليوم الخامس منه سنة1981 قامت شرطة السادات بمداهمات لبيوت أكثر من ألف من أبناء بلدي يمثلون مصر بمختلف أطيافها واتخذ الرئيس الراحل أنور الساتدات قرارات صادمة ضد الكنيسة والمعارضة والتيار الإسلامي علي حد سواء وكانت تلك بداية النهاية وتم اغتياله في ذكري عرسه وهو يستعرض جيشه في السادس من أكتوبر ذكري الانتصار في حرب تحرير سيناء تلك المعركة التي أراها أعظم إنجازات السادات علي الإطلاق, رحمه الله, ومقتله في هذا اليوم لم يخطر ببال أحد أبدا واهتزت الدنيا كلها لهذا الحدث .
وفي شهر سبتمبر أيضا – لكن قبل قرارات السادات تقرير بقرن كامل- جاء الزعيم أحمد عرابي بقواته أمام سراي عابدين العامر ليواجه حاكم مصر الخديوي توفيق وقال قولته الخالدة لن نورث بعد اليوموذلك احتجاجا علي الاستبداد السياسي مطالبا بالحرية لأجل وطنه وكانت تلك الوقفة الشجاعة سنة 1881 ولكن ترتب علي ذلك كارثة حيث أن ما جري كان بداية لأحداث جسام انتهت باحتلال الإنجليز لمصر في يوليو سنة 1882 وهزيمة القائد أحمد عرابي وصحبه ونفيهما إلي جزيرةسيلانسريلانكا اليومجنوب الهند وكانت ضمن ممتلكات التاج البريطاني.
أما منذ نحو نصف قرن وفي يوم 28 سبتمبر سنة 1961 حدث الانفصال بين مصر وسورية وكانت هذه ضربة عنيفة للقومية العربية التي كانت قد شقت طريقها نحو المجد قبل ذلك بسنوات حين تحققت الوحدة بين البلدين الشقيقين سنة 1958 وشكل هذا الاتحاد قوة كبري وكان للعرب بقيادة مصر أحلام وأحلام لكنهم استيقظوا علي كابوس الانفصال بعدها بسنوات ثلاث:ومن الملفت للنظر جدا أن أوربا بدأت مسار وحدتها في ذات السنة التي تم فيها الزواج المصري السوري وبينما أمل العروبة فشلوا في تحقيق خطوات تذكر في الوحدة الشاملة نجد في المقابل أن الأوربين حققوا نجاحا باهرا وأصبح الاتحاد الأوربي الجديد قوة وحقيقة واقعة في عالمنا الحديث يحسب لها ألف حساب !الأوربيون لم يعتمدوا علي شعارات فارغة علي طريقة أمجاد يا عرب أمجاد!!بل كل خطوة علي طريق الوحدة الأوربية محسوبة بدقة والتدرج الهاديء في التقدم نحو الوحدة وسيلتهم للوصول إلي قمة النجاح واشترطت الدول الأوربية علي أعضاء المجموعة الالتزام بالنظام الديموقراطي القائم علي تداول السلطة كأمر أساسي لاغني عنه بل هو الشرط الأول من أجل الحصول علي مقعد في قطار الوحدة الأوربية فالخواجات لا يعرفون الاستبداد السياسي وهو في يقيني السبب الرئيسي لتخلف أهل الشرق!!
ومن المصادفات العجيبة أيضا ما جري في سبتمبر 1970 حيث توفي عبد الناصر فجأة في 28 سبتمبر في الذكري التاسعة للانفصال وكان في الثانية والخمسين من عمره ..ووفاته أحدثت زلزالا في مصر والمنطقة كلها.