علي الرغم من أن فيلم أبونا يسطس ليس حديث الإنتاج, إلا أنه فيلم ممتع ويجبر من يشاهده علي الكتابة عنه كأحد أفضل الأفلام التي قدمت سير القديسين وذلك علي الرغم من المادة الدراسية والمعلومات القليلة المتوافرة عن أبونا يسطس, فقد نجح السيناريست سامي فوزي في تقديم الفيلم بصورة راقية مؤثرة نفتخر بها.
ولد القديس في إحدي القري المجاورة لدير المحرق من أبوين تقيين يخافان الله, ويقومان بتنشئة أبنائهما علي محبة الله والانتظام علي حضور القداس وممارسة وسائط النعمة, لذلك نما القديس يسطس في محبة الله, وعندما كبر قرر ترك العالم واختار طريق الرهبنة, وقد عرف بصمته واتضاعه وزهده وتقشفه ومن أكثر الجمل التي كان يذكرها هي نشكر الله والساعة كام؟
هناك من سخر منه واحتار في طريقته ولكن للرهبنة طرقا كثيرة للتقرب إلي الله. أما هو فلم يهتم بالمظهر الخارجي قدر ما اختار الاهتمام بالداخل وتنقية القلب من خلال الصلاة والقراءة في الكتاب المقدس, كثيرا ما كان يتهرب من العالم والناس وكل من كان يسأله كلمة منفعة كان يقول له الساعة كم؟ هي جملة بسيطة ولكنها تحمل الكثير.
وهناك بعض المواقف التي تفسر مدي قربه من الله: فذات مرة أراد أن يسافر إلي بلدته وهو في محطة القطار حيث طلبت منه سيدة محتاجة بعض المال, فأعطاها, وطلبت منه مرة أخري وثالثة إلي أن نفد ماله ولما جاء ميعاد ركوب القطار صعد وسأله المفتش عن تذكرته, فأجاب نشكر الله ولما لم يجد معه المال ليقطع التذكرة أنزله من القطار إلي أن تعطل القطار فأشار أحد الركاب إلي المفتش وقال إذا كنت ترغب في تحرك القطار قل لهذا الرجل البسيط أن يركب فيتحرك القطار وفعلا بمجرد صعود أبينا يسطس بتحرك القطار, كما أنقذه الله من العقرب واللصوص وغيرها من المواقف التي يتضح فيها بساطته واتضاعه وقربه من الله.
برع إيهاب صبحي في تقمص شخصية أبينا يسطس الأنطوني من حيث الشكل والروح معا فقد اتسم أداؤه بالبساطة والعمق دون التكلف فنظراته الثاقبة وحركات وإيماءات جسده توحي لنا أننا أمام أبونا يسطس الحقيقي. ومن الواضح جدا أنه فقد أكثر من 10 كيلو جرامات من وزنه ليصل إلي وزن وحجم القديس تقريبا والفنان إيهاب ممثل جيد ومتمكن فإلي الإمام دائما.
أما فريد النقراشي فهو فنان قادر علي تغيير جلده وكثيرا ما يفاجئنا بأدوار جديدة ومختلفة ويؤديها بمنتهي السهولة والبراعة ليترك بصمة مختلفة حتي لو كانت مساحة الدور صغيرة.
وبرع كل من الفنان المتميز عاصم سامي والفنان طارق الدميري في الأداء التمثيلي وجاء أداء معظم أفراد العمل علي مستوي عال جدا وكل ذلك كان يحركه مخرج واع ودارس هو جوزيف نبيل ويتضح ذلك من خلال الكادرات والصورة فنحن نشاهد هذا الفيلم وكأننا نشاهد فيلما سينمائيا من حيث نقاء الصورة والزوايا وقد أثبت موهبته أيضا وقدرته علي استخدام تقنية الفلاش باك باحتراف.
أما عن الموسيقي فهي لعمانوئيل سعد, وكانت جميلة ومؤثرة, ولكن يبقي أن موسيقي تتر العمل الأساسي جادت متشابهة مع موسيقي مسلسل الوتد.