من أهداف التجسد الفداء… ومن ثمار الفداء التبني!!
وبدون التجسد, يستحيل الفداء!!
وبدون الفداء, يستحيل التبني!!
ندرس أولا:
(أ) الفداء
لما سقط الإنسان, فقد اتصاله الروحي بالله, وفقد ثوب البر الذي كان متشحا به, وتلوثت طبيعته الطاهرة, وأصبح يرزح تحت حكم الموت!!
والموت هنا:
1- موت الجسد… فقد تسلل إليه الفساد
2- وموت الروح… فقد انفصلت الروح عن الله بالخطيئة.
3- والموت الأدبي… فقد تخلي الإنسان عن مركزه كابن لله.
4- والموت الأبدي… لأن السماء لا يدخلها نجس أو خاطئ!!
ولقد كان حكم الناموس واضحا:
”أجرة الخطية موت” (رو23:6).
”النفس التي تخطئ هي تموت” (حز20:18).
ولكن حنان الرب, نظر إلي ضعف آدم, وإيحاءات الشيطان له, وندم آدم علي فعلته, فتدخل بتدبير استغرق مئات السنوات, لكي يخلص الإنسان من فساد طبيعته, ومن حكم الموت!!
مراحل التدبير الإلهي للخلاص
لقد دبر إلهنا الصالح الخلاص من خلال مراحل ثلاث, وهي:
1- مرحلة الناموس الشفاهي
2- مرحلة الناموس المكتوب
3- مرحلة الأنبياء
وفي النهاية, في ملء الزمان, ولد من العذراء مريم.
1- مراحل الناموس الشفاهي:
وفيها استخدم الرب التسليم الشفاهي من جيل إلي جيل. وإلا فلماذا غضب الرب من ذبيحة قايين النباتية, إلا إذا كان قايين يعلم أن الذبيحة يجب أن تكون حيوانية دموية, ولكنه استهتر ولم يهتم؟! وقدم نباتات عوضا عن الذبيحة الحيوانية؟
كذلك نري آباء الكتاب المقدس, يسيرون مع الله, ويسلكون بحسب وصاياه الشفوية, مثل أخنوخ, ونوح, وإبراهيم, وإسحق, ويعقوب… ففي كل هذه القرون, لم تكن هناك شريعة مكتوبة, بل كانت الشريعة شفاهية. كانت الذبائح تقدم, بل إن أيوب كان يقدم الذبائح عن أبنائه, تكفيرا عن أخطائهم… كل هذا يؤكد لنا أن شريعة شفاهية كانت تسلم من جيل إلي جيل…
ولعل الذبيحة الحيوانية الأولي, كانت الذبيحة التي قدمت عن آدم وحواء, والتي من خلالها اكتسيا بثوب, رمزا لدم المسيح الطاهر, الذي سوف يكسونا بثوب البر.
2- مرحلة الناموس المكتوب:
وجاء موسي النبي, في القرن الخامس عشر قبل الميلاد, وجاء الناموس المكتوب, والوصايا المسجلة باصبع الله!!
تكاثر الشعب, وكان لابد من التعليم المستمر, ونشر الوصايا والشريعة فيما بينه, ليتحفظ كل إنسان, في سلوكياته, مطيعا شرائع الله.
وكان هناك نوع من القضاء, لمن يخالف الناموس, وتحددت عقوبات معينة لخطايا بذاتها, وكان الهدف الأساسي من الناموس:
أ- توضيح ما هي الخطايا التي تغضب الله, حتي يتحفظ منها الناس: ”لم أعرف الخطية إلا بالناموس, فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس: لا تشته” (رو7:7).
ب- محاولة ضبط الإنسان في سلوكياته: ”لماذا الناموس؟ قد زيد (أي أضيف) بسبب التعديات” (غل19:3).
جـ- كشف ضعف الإنسان أمام نفسه, حتي يشعر باستحالة الخلاص بدون المسيح الفادي ”كان الناموس مؤدبنا إلي المسيح” (غل24:3).
وقد رسم الناموس خطوتين أساسيتين للخلاص هما:
أ- الاعتراف بالخطية أمام الكاهن.
ب- تقديم الذبيحة المناسبة, للتكفير عنه.
ولا شك أن هذين الشرطين هما – حتي الآن – طريق الخلاص الأكيد.
أ- الاعتراف بالخطية أمام الكاهن.
ب- الاحتماء بذبيحة الرب يسوع, جسده ودمه الأقدسين.
بما يشمله ذلك من إيمان بالرب الفادي, الإله المتجسد لخلاصنا, وثقة في ذبيحة الصليب الخلاصية, التي من خلالها تحصل كل الأسرار المقدسة علي فاعليتها, كالمعمودية والميرون, والتناول, وبقية الأسرار.
وقد أجهد الناموس نفسه في تقديم أنواع مختلفة من الذبائح, لعلها تشرح لنا بعضا من أوجه الصليب المقدس, وذبيحته الإلهية, وهذه بعض الأمثلة:
1- ذبيحة المحرقة: (لا1:1-17)
وهدفها استرضاء الله, رمزا للسيد المسيح الذي كان بلا خطية, ”فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء فوق الجلجثة” رائحة بخور زكية!! لأن كل ذبائح الحمد والتسبيح والشكر, نقدمها في حماية ذبيحة الرب الكاملة, فيقبلها الله منا!!
2- ذبيحة الخطية: (لا1:4-35)
حينما يخطئ إنسان, كان يذهب إلي الأب الكاهن, ويعترف بخطيئته واضعا يده علي الذبيحة (وهي مازالت حية), وبعد الاعتراف والتوبة, يسفك دم الذبيحة, ويدخل الكاهن بالدم إلي الأقداس, أما جسم الذبيحة (الذي حمل خطية الخاطئ عوضا عنه), فيحرق خارج المحلة!!
وهذا ما يحدث معنا بالضبط الآن. فنحن نتوب ونعترف بخطايانا, فيحملها الرب في جسده علي الخشبة, ويموت عوضا عنا, ومن خلال ذبيحته اللانهائية, والتي قدمها عنا مرة واحدة وإلي الأبد, ننال الغفران والخلاص.
3-ذبيحة الإثم: (لا1:5-19)
وهذه تختص بالخطايا الموجهة نحو إلهنا العظيم مباشرة, كالسبت والمقادس والحنث بالقسم… وطقسها يشبه تماما طقس ذبيحة الخطية, وغفرانها جاهز في دم المسيح, مع أن الخطية موجهة إلي الرب مباشرة, ولكنه الحنان الإلهي!!
4-ذبيحة السلامة: (لا1:3-17)
وهذه ترمز إلي ذبيحة التناول, بمعني أن الإنسان كان يقدمها في إحساس السلامة والشكر, دون خطية محددة, وكان الكاهن يذبحها, والكل يأكلون منها, علامة فرح وامتنان وشكر, وأسلوب شركة بين الجميع: الإكليروس والعلمانيين. وكان الشرط الأساسي هو أن لا يتقدم أحد ليأكل من هذه الذبيحة, ”ونجاسته عليه”… أي أنه كان لابد من توبة وطهارة واجبة, وإلا ”فتقطع تلك النفس من شعبها” (لا20:7).
والكلام هنا قريب جدا من وصايا معلمنا بولس الرسول لنا بخصوص التناول: ”ليمتحن الإنسان نفسه, وهكذا يأكل من الخبز, ويشرب من الكأس, لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق, يأكل ويشرب دينونة لنفسه, غير مميز جسد الرب” (1كو29,11:28).
5- تقدمة القربان: (لا1:2-16)
وكانت تقدم من الدقيق (رمز الرب يسوع خبز الحياة), يعجن بزيت (رمز الحبل به بالروح القدس), ويدهن بزيت (رمز نزول روح الله عليه في المعمودية), ويسوي في النار (رمز آلامه الفدائية المقدسة)… ثم يؤكل (رمز الحياة الأبدية من خلاله) (انظر لا2:2).
التجسد إذن, كان واضحا في هذه التقدمة, والشبع الروحي من خبز الحياة!!(يتبع)