وزارة الخارجية الأمريكية المقدمة: عشر سنوات من مكافحة العبودية الحديثة مكتب رصد ومكافحة الإتجار بالبشر تقرير حول الإتجار بالبشر للعام 2010 (يأتي صدور تقرير عام 2010 حول الإتجار بالبشر في تاريخ الذكري السنوية العاشرة لأحداث مهمة حققت نقلة نوعية في مكافحة العبودية الحديثة: إذ سنت الولايات المتحدة عام 2000 قانون حماية ضحايا الإتجار بالبشر, واعتمدت الأمم المتحدة في ذات العام بروتوكولا حول منع وقمع أعمال الإتجار بالبشر ومعاقبة مرتكبي هذه الأعمال, وخاصة النساء والأطفال, ويعرف هذا البروتوكول أيضا باسم ##بروتوكول باليرمو##. لقد حقق العالم منذ ذلك التاريخ تقدما مهما في مكافحة هذا الشكل الأخير من أشكال الاستغلال, ويتمثل هذا التقدم في المعلومات المكتسبة عن هذه الجريمة وفي كيفية استجابتنا لها. ركز ##بروتوكول باليرمو## اهتمام المجتمع الدولي علي مكافحة الإتجار بالبشر, وأدي إلي وجود اتفاق عالمي لأول مرة علي ضرورة تجريم جميع أعمال الإتجار بالبشر, بما في ذلك الإتجار بالبشر لأغراض إرغامهم علي العمل واستعبادهم وإخضاعهم لممارسات شبيهة بالعبودية, كما أدي البروتوكول إلي وجود اتفاق عالمي علي ضرورة ارتكاز مكافحة الإتجار بالبشر علي ثلاثة دعائم هي منع وقوع هذه الأعمال والملاحقة الجنائية لمرتكبيها وحماية ضحاياها. حققت حكومات بلدان العالم عبر السنوات العشر الماضية تقدما ملموسا في إدراكها لعدد من الحقائق حول الإتجار بالأشخاص: فقد أدركت أن أشكالا من العبودية الحديثة توجد في غالبية البلدان, كما أن ظاهرة الإتجار بالبشر ظاهرة متغيرة تستجيب لمطالب السوق ولنقاط الضعف في القانون وإلي ضعف العقوبات وانعدام الاستقرار الاقتصادي. إن عدد الأشخاص المتاجر بهم لغرض إرغامهم علي العمل يتجاوز عدد أولئك المتاجر بهم لأغراض الممارسات الجنسية التجارية, وفي غالبية الأحيان لا ترتبط الجريمة بالاحتيال علي الضحايا الساذجين واختطافهم, بل ترتبط بقبول الأشخاص العمل طوعا في تقديم خدمة ما, أو قيامهم طوعا بمغادرة بلدهم, ثم إرغامهم بعد ذلك علي العمل. وتتم أعمال الإتجار بالأشخاص محليا داخل حدود البلاد أو دون الانتقال عبر حدودها, ومع ذلك تفترض بلدان كثيرة وعدد كبير ممن يعلقون علي هذا الموضوع ضرورة انتقال ضحايا هذه الجريمة, ويشكل الرجال عددا كبيرا من ضحايا الإتجار بالبشر, وكثيرا ما يلجأ المتاجرون بالبشر إلي اغتصاب النساء, إذ يعتبرون اغتصاب المرأة سلاحا يستخدمونه ضد النساء لإرغامهن علي الاستمرار في تقديم خدماتهن في الحقول أو في المصانع أو في بيت من بيوت الدعارة أو في أحد المنازل الخاصة أو في أحد مناطق الحرب. إن الدعائم الثلاثة التي ترتكز عليها جهود مكافحة الاتجار بالبشر هي دعائم متشابكة, إذ لا تكفي ملاحقة المتاجرين بالبشر جنائيا إذا لم نقدم أيضا المساعدات لضحايا هذه الأعمال وإذا لم نسع من أجل الحيلولة دون تعرض آخرين لمثل هذه الأعمال. إن الاستجابة الشاملة حقا لهذه الجريمة الجسيمة والمتغيرة التي يتزايد انتشارها لم تحققه بعد أية دولة, لأن الجهود المركزة المبذولة عبر 10 سنوات هي جهود لا تزال في المراحل الأولي من تاريخ هذه الحركة الحديثة: كما أن بلدانا كثيرة لا تزال تعيش مرحلة اكتساب المعلومات عن أعمال الإتجار بالأشخاص وعن أفضل سبل الاستجابة لها. ويجب تطبيق الممارسات الواعدة علي أرض الواقع وكذلك خطط العمل الوطنية التي تضعها فرق العمل وهيئات التنسيق, كما يجب علي الحكومات المركزية أن تدعم الابتكارات المحلية وأن توسع من تطبيقها, لأن الغالبية العظمي من ملايين الأشخاص المستعبدين في أشكال العبودية الحديثة لم يستفيدوا بعد من أي تقدم, ويجب علي كل بلد أن يفعل المزيد من أجل الوفاء بوعود ##بروتوكول باليرمو.## أفادت منظمة العمل الدولية أن قيمة الواردات والصادرات في العام الماضي من البضائع المصنعة والمواد الخام التي يشوب تصنيعها واستخراجها لغرض الاستيراد أو التصدير عنصر إرغام العاملين علي العمل بلغت مليارات الدولارات, وكانت الحكومات تقوم بترحيل ضحايا أعمال الإتجار بالبشر سواء كانت تعلم أو لا تعلم عن أوضاعهم, وكانت لا توفر لهم خدمات الإيواء وإعادة دمجهم في المجتمع, الأمر الذي أدي إلي الإخلال بنزاهة التحقيقات الجارية وإضعاف المساعي المبذولة لإعادة تأهيل الضحايا, واستمرت الحكومات في كفاحها مع قوانين الهجرة ذات الصياغة الضعيفة مما زاد من تعريض المجموعات البشرية المهاجرة إلي أعمال الإتجار بالبشر. عند الاطلاع علي تقييم أداء كل دولة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر, من الأهمية بمكان أن نتذكر أن تقارير تقييم الأداء هذه تعتمد علي امتثال الدولة بالحد الأدني للمعايير الواردة في قانون حماية ضحايا الإتجار بالبشر, وهي المعايير التي تعتبرها الحكومة الأمريكية الحد الأدني للأداء في هذا المجال, وليس الحد الأعلي له. تتضمن مكافحة أعمال الإتجار بالبشر ممارسات لا تتسم بالجمود, إذ يجب أن يتضمن تنفيذ قانون مكافحة الإتجار بالبشر الذي تم إقراره العام الماضي تحسين تنفيذه هذا العام, كما ينبغي الاهتداء بالدروس المستفادة من الملاحقات القضائية التي أجريت العام الماضي وتحسين استجابة أجهزة تطبيق القانون هذا العام, كما ينبغي مراجعة المفارقات الكبيرة بين أعداد ضحايا أعمال الإتجار بالبشر الذين تم التعرف عليهم وعدد مرتكبي هذه الجرائم الذين لوحقوا قضائيا, وذلك بهدف تحسين قدرات المسئولين الذين يستجيبون لهذه الحالات من أجل تطبيق القانون والإنصاف بالضحايا. وتشكل جودة الجهود المبذولة من قبل المسئولين عن تطبيق القانون في مكافحة الإتجار بالأشخاص وآثار هذه الجهود مؤشرا للأداء تتجاوز أهميته أهمية المؤشر الذي يبين عدد الملاحقات القضائية لمرتكبي أعمال الإتجار بالبشر وعدد المدانين بارتكاب هذه الأعمال. كما يجب أن تكون الفرص التي لم يتم انتهازها للتعرف علي الضحايا والتعاطف معهم بصورة فعالة نداء قويا يدعونا لتأمين وجود أسلوب فعال هذا العام يمسك بزمام المبادرة للتعرف علي الضحايا ومساعدتهم, بغية الامتثال لبروتوكول باليرمو وما يتضمنه قانون حماية ضحايا الإتجار بالبشر من ضمانات لتأمين العدالة لكل ضحية. إن تقرير عام 2010 حول الإتجار بالبشر هو الوسيلة التي تبين حالة الجهود المبذولة حاليا علي أرض الواقع, وهو تقرير لا يدين أي بلد ولا يعفي أي بلد, ولا يضمن لأي بلد تصنيفا لأدائها في العام المقبل, إذ يوضح تقرير هذا العام في الواقع تحسن أداء 22 بلدا وارتفاع تصنيفها, اعترافا بالنتائج التي طال انتظارها, كما يبين التقرير انخفاض تصنيف 21 بلد كانت حماية الضحايا فيها ضئيلة, أو كان تنفيذ القوانين فيها تنفيذ غير منهجي, أو كانت الأجهزة القانونية فيها غير كافية. إن غالبية البلدان التي تنكر وجود ضحايا العبودية الحديثة داخل حدودها هي بلدان لا تبحث عن هؤلاء الضحايا أو لا تحاول البحث عنهم أو لا تلتزم بما يفرضه عليها بروتوكول باليرمو من التزامات وما تتطلبه منها متطلبات آدميتنا المشتركة. ويكمن العار في البلد الذي يتجاهل وجود مشكلة بهذه الضخامة, أما البلد الذي يواجهها, فلا عار عليه. تتحمل الولايات المتحدة مسئولية الالتزام بذات المعايير التي تستخدمها لتقييم أداء الآخرين, ويشمل تقرير هذا العام لأول مرة تصنيفا لأداء الولايات المتحدة وعرضا كاملا وصريحا لجهودها في مكافحة الإتجار بالبشر, ويعكس التصنيف مساهمات الأجهزة الحكومية ومساهمات الجمهور والبحوث المستقلة التي أجرتها الوزارة, وتعترف الولايات المتحدة أنها, مثل غيرها من البلدان, تواجه مشكلة خطيرة تتمثل في وجود أعمال الإتجار بالأشخاص لأغراض استغلالهم في العمل وفي الممارسات التجارية الجنسية. وتدرك حكومة الولايات المتحدة التحديات الكامنة في مكافحة هذه الجريمة, وهي, إذ تفتخر بما توصلت إليه من أفضل الممارسات لمكافحة جريمة الإتجار بالبشر, تسعي من أجل استمرار الجهود المبتكرة التي يكون من شأنها تعزيز وتقوية جهودها داخل الولايات المتحدة وفي بلدان أخري من خلال علاقات المشاركة بينها وبين تلك البلدان.