تجمع الشعب المصري والشعب السوداني صداقة ومحبة طويلة تعود إلي قرون عديدة. إنهما أكثر من أصدقاء, إنهما أشقاء تربط بينهما صداقة مستديمة متينة وثابتة بالرغم من بعض الأحداث العارضة التي تظهر من حين لآخر لتعكير الجو بينهما. إن اندماج الشعب المصري مع شعب السودان يعود عليهما بالرخاء اقتصاديا واجتماعيا وفكريا. إنهما يتكاملان ولكي يكون التعاون بين بلدين ناجحا يجب أن يعود بفائدة علي البلدين وإلا صار مصيره الفشل الكامل. إذا نظرنا إلي هذا التعاون سنجد فعلا أنهما سيستفيدان من هذا الاندماج. هذا عمل فريد لا يجب أن نتركه. السودان يتميز بملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية الخصبة التي تحتاج إلي العمالة المصرية لزراعتها كما ستحتاج إلي خبراء الري المصريين, وتستطيع مصر أن تقدم أيضا نخبة ممتازة من الأطباء والمهندسين في جميع المجالات لخدمة شعب السودان. مصر تستطيع أن تقدم الكثير للشعب السوداني الشقيق ويستطيع السودان أن يستوعب نحو خمسة ملايين مصري للعمل فيه. محاصيل وإنتاج زراعة أراضي السودان الخصبة يمكنها تغذية بلدان كثيرة منها الدول العربية والأفريقية. هذا بالإضافة إلي تصنيع المواد الغذائية العديدة لتصديرها لجميع أنحاء العالم.
مصر تعاني من انفجار سكاني. إنها جريمة في حق الإنسانية وجريمة في حق الشعب المصري. لقد فشلت محاولات توعية الشعب في تحديد النسل وربما لم يصل النضوج الفكري بعد لقبول هذه النظرية. كان تعداد القطر المصري 14 مليون نسمة عام 1937 وكانت الرقعة الزراعية آنذاك تبلغ ستة ملايين فدان. التعداد وصل اليوم إلي أكثر من 77 مليونا والرقعة الزراعية نقصت حيث تنازلت مصر عن أخصب أراضيها الزراعية للرقعة العمرانية وبناء المصانع. أي مفكر يتخيل ماذا سيكون عليه تعداد الشعب المصري بعد خمسة أو عشرة أو عشرين عاما من اليوم لابد أن يستولي عليه الرعب والهلع. إنه أمر مخيف, إنه سيف قاطع مميت يحلق فوق عنق الشعب المصري. يتلاشي التقدم الاقتصادي أمام هذا الانفجار السكاني وتذوب فوائده. القدرة الحقيقية للقطر المصري لا يجب أن تزيد علي 30 مليون نسمة. زراعة أراضي السودان ستدر رخاء وفوائد كثيرة علي شعبي مصر والسودان.
إني أترك للعلماء والخبراء إيجاد الصيغة القانونية الأفضل لهذا الاندماج والتكامل من مصر والسودان. هل يكون تعاون فيدرالي؟ أم اندماج كامل لتحقيق ذوبان تام بين البلدين الشقيقين؟
لوس أنجلوس