نظمت القوي المدنية والجمعية المصرية للتنوير بالتعاون مع مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب احتفالية بالذكري السابعة عشرة لاستشهاد المفكر الدكتور ##فرج فودة## مؤسس الجمعية المصرية للتنوير, حيث امتدت يد الغدر مساء الاثنين 8 يونيو 1992 لتقتل داعية التنوير, ذلك بتحريض من مجموعة من شيوخ جماعة الجهاد الإسلامي حيث قام شابان من تنظيم الجهاد بإطلاق دفعات متتالية من بندقية آلية علي جسم المفكر فرج فودة.
تحدث في الاحتفالية التي جاءت بعنوان ##المفكر الدكتور فرج فوده: دفاعا عن الدولة المدنية## لفيف من المفكرين والمبدعين والشعراء,وتم عرض بعض أحاديث الراحل ومعاركه السياسية, كما تكرم الجمعية عددا من المبدعين الذين لهم إسهامات في مسيرة التنوير, ومن أبرز المكرمين , مجموعة ##مصريون ضد التمييز الديني## واسم الراحل محسن لطفي السيد, والراحل الدكتور محمد فتوح, والشاعر حلمي سالم, والدكتورة واصلة الشناوي, والأديب هاني نقشبندي, والدكتور سالم سلام, الدكتور كمال مغيث, الدكتور مصطفي النبراوي.
أكد الدكتور وسيم السيسي المفكر التنويري أن الدكتور فرج فوده هو الحاضر الغائب, الميت الحي, الحقيقة والأسطورة, وقال إن الراحل أحب مصر ومات من أجلها, استشرف المستقبل واصطدم بالحاضر المر, انطبقت عليه الكلمات ##قد يغلب الباطل الحق في كثير من الأحيان, ولكن يبقي للحق انه يجعل لرواده للحضارة ومصابيح للتاريخ.
وتحدث الدكتور محمد منير مجاهد في كلمة ##مصريون ضد التمييز الديني التحديات التي يواجهها الفكر المستنير وأشار إلي أنه منذ استشهاد فرج فوده لم يتوقف التكفير ولم تتوقف مصادرة الكتب, ولا قضايا الحسبة للتفريق بين المرء وزوجه, ولا الترويع والتخويف والمطاردة باسم الدين. وقال إن هناك مفكرين ومفكرات كل ذنبهم هو أنهم يفكرون, مثل الدكتور نصر حامد أبو زيد, والدكتور سيد القمني, والدكتور سعيد العشماوي, والشيخ خليل عبد الكريم, والشيخ الدكتور أحمد صبحي منصور, والدكتورة نوال السعداوي, والأستاذة إقبال بركة, والأستاذ حلمي سالم, والأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي, وغيرهم الكثير. وطالب مجاهد القوي المدنية بالتنسيق والعمل المشترك لمواجهة الدولة الدينية عن طريق تفعيل أسس دولة سيادة المواطنة والقانون التي ينص عليها الدستور في مادته الأولي, وفي تكريس مبدأ المساواة . ودعا الجمعية المصرية للتنوير تولي الإعداد لعقد اجتماع تحضيري يضم كل المنظمات المعنية للاتفاق علي برنامج عمل وخطة للتحرك. لعمل برنامج عمل شامل لتوحيد الجهود في الدفاع عن الدولة المدنية يشارك الجميع في إعداده وتنفيذه
يذكر أن د. فرج فوده ولد في مدينة الزرقا محافظة دمياط في 1945/8/2 انتقل للحياة في مدينة شربين بمحافظة الدقهلية حيث حصل علي الثانوية العامة عام 1961 ثم حصل علي بكالوريوس الزراعة عام 1967 من جامعة عين شمس. وحصل علي الدكتوراه في الزراعة عام 1981 من جامعة عين شمس أيضا, وعمل معيدا في كلية زراعة عين شمس ثم عمل فترة في اليمن خبيرا زراعيا ثم عمل في جامعة بغداد مدرسا, وعاد ليفتتح مجموعة فوده لدراسات الجدوي الاقتصادية, وهو العمل الذي ظل يمارسه حتي اغتياله.
انضم المفكر الراحل لحزب الأحرار ثم تركه لحزب الوفد الذي أصبح أحد قادته الشباب, ولكنه ترك حزب الوفد احتجاجا علي تحالفه مع الإخوان في انتخابات عام 1984, ثم تقدم بطلب تأسيس حزب جديد هو حزب المستقبل الذي رفضته لجنة الأحزاب. واستشهد فرج فوده قبل البت في طلب جديد تقدم به لتأسيس نفس الحزب.
ساهم في الكثير من الندوات والمحاضرات والمناظرات التي تتصل بالصراع الفكري بين التيار التقدمي والتنويري والتيار المتأسلم الرجعي المتطرف. وأصبح فرج فوده بشجاعته وشعبيته وذكائه رمزا معترفا به للاتجاه الأول, وكان من أهم أنشطته المناظرة التي عقدت ضمن أنشطة معرض القاهرة للكتاب يناير 1992, وكان آخرها مؤتمر المنظمة العربية لحقوق الإنسان في مايو من نفس العام.
وكشفت كتابات الراحل زيف الشعارات المستترة بالدين, فقد كان الرجل يدعو إلي فصل الدين عن الدولة, ويري أن تحكيم الشريعة من الرجعية لأن الزمن تغير كما أن تطبيق الشريعة في العصور الأولي للإسلام لم يحم الخلافة من الحروب والفتن والداخلية التي استمرت منذ بداية عهد الخلفاء الراشدين إلي نهاية الدولة العباسية. وتصدي فودة في الكثير من المقالات والكتب التي نشرها لتفنيد الخزعبلات التي كان ينشرها البعض علي المنابر والمنشورات والمطبوعات بما تنطوي عليه من دعوات ظلامية لهجرة الحياة وتغييب العقل وإشاعة الخرافة وتثبيط الهمم بالاعتماد المطلق علي الغيب تسترا بأسم الدين واستغلالا بشعا لاسم الله, وما أحوجنا في هذا الوقت الذي انتشرت فيه التعصب والتطرف وسيطرت الخزعبلات علي عقول الناس إلي فرج فوده وكتاباته الجريئة. فقد كانت قضيته هي كيف يمكن للوطن, الذي عشقه فعلا, أن يتخطي محنته التي وضعته فيها جماعات العنف الديني بما تحمله من أفكار معادية للتقدم وللقيم الإنسانية الحديثة ومناصرة للسلفية الدينية وللفهم المنغلق علي الذات المنافي لكل معطيات العصر الذي نعيشه.