يتصور البعض أن كنيستنا القبطية لا تهتم بالكتاب المقدس, وأن طقوسها وعقائدها ليست كتابية. ولكن هذا الاتهام الباطل سينكشف بوضوح حين نلاحظ ما يلي:
أ-تكريم الكنيسة للإنجيل
تعطي الكنيسة للإنجيل المقدس كرامة خاصة ويتضح ذلك من المواقف الآتية:
1-البشارة الموضوعة علي المذبح باستمرار.
2-الأناجيل التي توضع في أساسات الكنائس عند بنائها.
3-رفع الكاهن للبشارة وتقبيلها بتوقير شديد قبل تلاوة الإنجيل.
4-وجود أوشية(طلبة) خاصة يقولها الكاهن قبل تلاوة الإنجيل, يطلب فيها بركة للشعب, وقوة لتتميم الوصايا وطاعتها.
5-إضاءة الشموع والأنوار وقت قراءة الإنجيل, ليفهم الجميع أنه نور الحياة والطريق.
6-الوقوف أثناء قراءة الإنجيل بالذات, لأنه كلام الله وصوت القدير.
ب-استخدام الإنجيل في الطقس
1-لا يوجد طقس في الكنيسة خال من قراءات إنجيلية متعددة, ففي القداس الواحد مثلا نقرأ تسعة فصول من الكتاب المقدس:(اثنين من المزامير والأناجيل في كل عشية وباكر والقداس, البولس, الكاثوليكون, الإبركسيس) وفي صوم نينوي والصوم الكبير نقرأ نبوات. وفي أسبوع الآلام نقرأ كميات ضخمة من العهدين مرتبة بطريقة رائعة تناسب أحداث الآلام المجيدة يوما بيوم وساعة بساعة. وفي طقس المعمودية ومسحة المرضي, والزيجة واللقان والتسبحة نجد قراءات كثيرة مناسبة من الكتاب المقدس.
2-بل أن الكنيسة أفرزت رتبة خاصة من رتب الشماسية للكتاب المقدس, وهي رتبة الأناغنوستيسأو القاري وهو مسئول عن قراءة ودراسة وتعليم الكتاب المقدس باستمرار, وشعاره في ذلكفليفهم القاري(مت24:15). ومثاله في ذلكعزرا الكاتب.
ج-العقيدة الأرثوذكسية عقيدة كتابية
1-تقوم العقائد الأرثوذكسية جميعها علي الكتاب المقدس بنصوصه وروحه, وليس فيها بعد عن ذلك. فلا نجد فيها عقيدة تقوم علي استنتاج عقلي بعيد عن روح الكتاب ونصوصه, إذ لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ لكن الكتاب وحده له كل العصمة:لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان, بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس(2بط1:21).
2-غير أن العقيدة الأرثوذكسية تقوم, علي الكتاب ككل, فهي لا تستريح إلي أسلوب الآية الواحدة, أو الاعتماد علي نص واحد, أو بضعة نصوص يربطها البعض بافتعال واضح لتدعيم فكرهم الشخصي. الكتاب كل لا يتجزأ, والعقيدة يجب أن تقوم علي هذا الأساس.
د-الكتاب أساس للحياة الروحية
لم يحدث في تاريخ الكنيسة القبطية أن منعت الشعب عن قراءة الكتاب والاغتذاء به, بل تراها دائما تشجع أولادها علي قراءته ودراسته وحفظ أجزاء منه, لقد اتخذت الكنيسة باستمرار الموقف السليم في هذا الأمر, فلا هي منعت الفرد العادي من قراءة الكتاب والتأمل فيه, ولا هي تركت للفرد العادي حرية التفسير دون الرجوع إلي إطار التقليد الكنسي وأقوال الآباء. ومن هنا أتقت الكنيسة شرين:
*شر حرمان الشعب من خبز الحياة في الكلمة الإلهية.
*وشر الكبرياء العقلية التي مزقت الطوائف.
*سأل أحد الحكماء القديس أنطونيوس:كيف أنت ثابت في البرية وليس لديك كتب تتغذي بها؟ فأجابه قائلا:كتبي هي شكل(سيرة) الذين كانوا قلي, وأما إن أردت أن أقرأ ففي كلام الله.
*سأل أخ الأنبا سيصوي قائلا: قل لي كلمة فقال له: أي شئ لي لأقوله لك؟ إني أقرأ في العتيقة(العهد القديم) ثم أرجع إلي الحديثة(العهد الجديد).
*قال القديس أكليمنضوس:إذا رجعت إلي قلايتك أهتم بقراءة الكتب الإلهية والصلاة.
هذا هو مركز الكتاب المقدس في الكنيسة القبطية…لذلك فهي كنيسة إنجيلية من الطراز الأول.