القيامة كرمت الصليب وقدست الجسد
إن قيامة السيد المسيح له المجد حدث له فاعليته وآثاره القوية علي البشرية كلها فليس هو حدثا تاريخيا فحسب وإنما قوة بنيت عليها حقائق كثيرة في إيماننا وحياتنا المسيحية فإننا نعرف القيامة لا بالنظر إلي القبر الفارغ فقط بل بالنظر إلي فاعليتها في حياتنا.
للقيامة ارتباط بما حدث مع أبوينا الأولين آدم وحواء في الفردوس سقوطهما بالأكل من الشجرة المنهي عنها (تك 3: 6) فهي التي أعادتهما إلي الفردوس. وللقيامة ارتباط بالتجسد لحقيقة الفداء كقوة وحب لما أن جسد المسيح المرفوع علي الصليب أعطانا الحياة وقدس كل الأجساد المائتة, والقيامة لها ارتباط بالصليب إذ القيامة حولت هذه الخشبة من خشبة عار إلي خشبة مكرمة. وللقيامة ارتباط بتقديس يوم الأحد فهي التي جعلته يوما للرب بين كل المسيحيين دون أن تصدر وصية محددة بهذا الخصوص. وللقيامة ارتباط بالقبر مكان الموت إذ حولت القبر إلي ممر للحياة الأبدية. وهكذا نجد القيامة أساسا وضعه المسيح وبنيت عليه حياتنا الإيمانية وأننا نتعرض لبعض من هذه البركات التي ارتبطت بالقيامة وأنارت بنورها.
القيامة مجدت الصليب:
هذه الخشبة التي كانت تحمل صفة العار واللعنة تبدلت هذه الصفة وتغيرت إلي صورة المجد. وكأن الصليب شجرة حياة غيرت ما فعلته شجرة معرفة الخير والشر في الفردوس وهكذا تأتي المقابلة. فكلاهما من الخشب وشجرة معرفة الخير والشر قدمت الهزيمة للبشرية وخشبة الصليب قدمت النصرة علي الشيطان وجنوده.
بشجرة معرفة الخير والشر صار الموت إلي جميع الناس وبالصليب صارت حياة للعالم كله. وبشجرة معرفة الخير والشر دفعت آدم وحواء إلي الاختباء وراء الأشجار, أشجار الخوف وكسر الوصية في حين أن الصليب رفع عاليا علي جبل الجلجثة ليكون الخلاص علنيا مرتفعا شامخا. لذلك فالقيامة جعلت الصليب أداة افتخار كما عبر عن ذلك القديس بولس الرسول بقوله:
حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح, فلو كان الصليب بلا قيامة لظل عارا كما هو ووسيلة تعذيب وموت فقط.
* القيامة قدست الجسد:
الجسد الذي يشارك الروح في وحدانيته في غربة هذا العالم. الجسد الذي ينظر إليه الناس أنه حامل سمات الضعف من مرض وضعف الجسد الذي يراه الناس عند الموت وكأنه أصبح شيئا فانيا يوضع في التراب ويأكله الدود ويتحلل. الجسد الذي نظر إليه ناموس العهد القديم في سفر اللاويين 21: 1-4.
كل هذا بدون قيامة المسيح ونصرته علي الموت كان أمرا طبيعيا للجسد الذي لا يقوي علي القيامة لأنه بدون قيامة المسيح لا تكون هناك قيامة. وعليه يصبح الجسد فناء ويظل محتقرا ليس بذات قيمة إلا هذه القيمة المؤقتة لوجوده, ولكن بالقيامة أصبح الجسد ممجدا كما يعبر عن هذه الحقيقة القديس بولس الرسول بقوله يزرع في فساد ويقام في عدم فساد ويزرع في هوان ويقوم في مجد, يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا (1كو 15: 44) وبذا تكون للقيامة فاعلية حقيقية في حياتنا إذ قدمت لنا البركة من خلال الآلام والصليب وقدست أجسادنا ورسمت أمامنا طريق الرجاء.
بركة القيامة المجيدة وقوة من قام من الأموات تكون معنا وتملأ حياتنا بالبهجة الروحية.
كاهن كنيسة مارجرجس بمنشية الصدر
وعضو بالمجلس الإكليريكي العام
وأستاذ القانون الكنسي بالكلية الإكليريكية