ترددت كثيرا قبل أن أكتب عن هذا الموضوع. فهل وصل الأمر إلي أن ندفع الناس دفعا للاهتمام بالنظافة؟! نعم النظافة المفقودة والتي تراجعت إلي حد خطير. وأصبح الفرد يكتفي بأن ينظف فقط إلي عتبة بيته. وليذهب الباقي خارج عتبة البيت إلي الجحيم. ويبدو أن عيوننا قد أدمنت القبيح وتعودنا أن نري السلالم قذرة والشوارع قذرة والأبنية مملوءة بالنفايات ولا نحرك ساكنا. مع أن النظافة جزء من السلوك المطلوب في كل مكان. والنظافة تعني الصحة والرعاية والجمال.
من سنوات طويلة جدا كان عمال النظافة يبدأون عملهم من السادسة صباحا ولا يتركون أي مكان دون أن تصل إليه أيديهم. وينتهون من عملهم قبل الساعة السابعة صباحا, قبل أن يبدأ الناس في التواجد في الشوارع. وعربات الرش تغسل الشوارع وتتركها نظيفة ويتكرر ذلك يوميا. اليوم أصبحنا نستعين بشركات نظافة من الخارج وندفع لها أجورا بمبالغ طائلة ورغم ذلك فالشوارع قذرة والمناظر مؤذية وعمال النظافة التابعون لهذه الشركات يؤدون عملهم في الساعة العاشرة والحادية عشرة مجرد تأدية واجب فبعد أن ينتهوا من عملهم نري الشوارع قذرة. فالنفايات موجودة تحت السيارات بعد أن تحولت الشوارع إلي جراجات وسيارات النظافة تحمل جزءا من النفايات وتتغاضي عن أجزاء كثيرة. وتترك الشوارع بما تحويه من قبح دون أن تطرف للعمال عين. وأصبحت النظافة أمرا عزيزا صعبا تحقيقه.
هذا عن السلوك العام. أما عن سلوك الأفراد وبعض الناس فلا يعنيها إلا النظافة داخل بيوتها. ويلجأ الكثيرون إلي التخلص من الزبالة عن طريق إنزالها إلي الشارع حتي لا تضطر إلي دفع عدة جنيهات قليلة إلي الزبال الذي يتردد علي البيوت ليحمل أكياس الزبالة وأصبحنا نري هذه الأكياس وقد نهشتها القطط الضالة وأفرغت محتوياتها متناثرة في كل مكان. وتحت النوافذ والشرفات العديد من ما تلقي به الناس من زبالة تجد أن أفضل وأسهل وسيلة أن تقذف بها إلي الشارع من النافذة أو الشرفة.
أما إدارات الأحياء المحلية المتواجدة في كل حي والمنوط بها مهام عديدة من بينها إصلاح ورعاية البيوت والشوارع فحدث عنها ولا حرج. شوارع عديدة امتلأت بمياه المطر وتركت بلا نزح أو رعاية منذ أكثر من خمسة عشر يوما. وبلاعات مسدودة فاضت بمياه المجاري ولا أحد يتحرك أو يسرع إلي نجدة الأهالي من المياه القذرة والروائح السيئة والناموس والذباب والعربات السريعة الطائشة التي تنثر المياه القذرة وترفعها علي الأرصفة وتحرم المشاة من وجود مكان نظيف تسير فيه. وبعد هذا نشكوا من انتشار الأمراض الخطيرة. الفشل الكلوي والكبدي, والمرض الخبيث وغيرها من الأمراض.
بصراحة كاملة لم يعد كثيرون يؤدون ما هم مسئولون عنه بذمة أو ضمير. ولا محاسبة أو رقابة ومتابعة!! ولا ثواب ولا عقاب. والأمور تسير. والناس تشكو ولا مجيب. وبجوار المدارس والمستشفيات أكوام الزبالة تزين المكان وتنقل الأمراض ولا حياة لمن تنادي.
هل نصمت ونترك الأمور تستمر؟! إننا في حاجة إلي عام نسميه عام النظافة. نخصصه لحملات لتنظيف كل مكان. بيوتنا وشوارعنا والأماكن العامة والمستشفيات والنوادي ودور العبادة التي لم تسلم من بعض النفايات يلقيها الأطفال ولا تنهاهم الأمهات عن ذلك السلوك الخاطئ. هل تتحرك الجهات المسئولة وتخصص عام 2008 ليكون عاما للنظافة. لنتحرك لننقذ البلد مما وصلت إليه الأمور وانتشار القذارة المخجلة. إنني أنادي بذلك فالأمر خطير جدا. ولابد من طفرة تنتشلنا لتبني ذلك.