أتابع بحرص وشغف إصدارات مشروع مكتبة الأسرة…ذلك المشروع العبقري الذي أعاد للكتاب رونقه, وحل مشكلة ارتفاع سعره بفضل تبني سيدة مصر الأولي سوزان مبارك له فقد قدم هذا المشروع المتميز مئات الكتب العظيمة بأسعار زهيدة وفي متناول الجميع. ومؤخرا ذهبت إلي أحد فروع الهيئة المصرية للكتاب بوسط القاهرة للبحث عن أحدث الإصدارات, ولكني فوجئت بأن من بين هذه الإصدارات كتابا أصدره المشروع عام 2005 ويعاد توزيعه حاليا في ظل الاحتفال ببدء الدورة الجديدة للمشروع, وهو كتاب لا أدري كيف تسلل لمكتبة الأسرة, وكيف وافقت عليه اللجنة العليا المعنية بفحص وقبول الكتب, وإذا كان قد حدث هذا في غفلة من الزمان لماذا يعاد توزيعه في ظل حالة الاحتقان الطائفي التي تعاني منها مصر حاليا؟!
الكتاب عنوانه(محمد صلي الله عليه وسلم أعظم عظماء العالم) تأليف أحمد ديدات ومايكل هارت وترجمة علي الجوهري, والطبعة الأولي نشرتها دار القرآن, والكتاب صادر ضمن سلسلة الفكر وليست سلسلة الأعمال الدينية المختصة بكتب الفكر الديني المستنير والتي عرفت بها إصدارات مكتبة الأسرة. أما أن يصدر كتاب لأحمد ديدات المعروف بكتبة المستفزة للمسيحيين وإهانتة لعقيدتهم واتهاماته بتحريف الكتاب المقدس فهو أمر غير مقبول ويحتاج لتبرير, فكيف لمشروع قومي ترعاه زوجة رئيس الجمهورية وتدعمه وزارة الثقافة ووزارة الإعلام ووزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية المحلية ووزارة الشباب أن يتبني كتابا يهين عقيدة مواطنين مصريين ويساعد علي مزيد من الفتن؟!
الكتاب يقع في 97 صفحة من الحجم الكبير ويباع بسعر 2جنيه للنسخة الواحدة, أما عن مضمونه فلا يختلف في كثير أو قليل عن كتب أحمد ديدات المنصبة علي مهاجمة العقيدة المسيحية بكل السبل. ولا يستطيع أحد أن ينكر حق إخواننا المسلمين في تكريم وتعظيم نبيهم الكريم ووضعه في مرتبة أعظم عظماء العالم, ولكن لماذا يكون هذا علي حساب السيد المسيح وبالمقارنة معه وإظهار السيد المسيح في صورة غير لائقة لا يقبلها أتباعه علي الإطلاق فتلصق به كل نقيصة لكي يظهر رسول الإسلام في أكمل صورة!
فقد جاء الفصل الثالث تحت عنوان أسرع الأديان نموااليوم وقدم الكثير من هذه المقارنات, فالمسيح عنصري عكس رسول الإسلام, وقد وصف غير اليهود بالكلاب, ويقول ديدات(ولا يهتم كتاب الإنجيل بتسجيل أن المسيح كان يعيش وفقا للمبادئ التي كان يعلنها طوال حياته, ولم يتجه المسيح بدعوته إلي شخص واحد من غير اليهود, ولقد صد المسيح حقا امرأة غير يهودية رافضا أن يمنحها أي شئ من البركة التي كانت تلتمسها عنده من أجل شفاء ابنتها) (ص71). ويتجاهل المؤلف شفاء المسيح لهذه الابنه لكي يؤكد رؤيته.
ويستمر في جهل مقصود متهما المسيح بتمجيد الذات فيقول(بينما يمضي إنجيل يوحنا ليؤكد إحساس المسيح بالفخر والإعجاب بنفسه, ويؤكد ذلك قول إنجيل يوحنا في هذا الموضع, وأما يسوع فأجابهما قائلا قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان) (ص72). ويستمر السخف فينكر الكتاب علي السيد المسيح صفة الرحمة, ويقول ديدات(يدأب المروجون للدعاية المسيحية علي أن يفخروا ويفاخروا بأنه لا يوجد في تاريخ البشرية أي شخص يمكن مقارنته بصيحة المسيح وهو علي الصليب في مجال الرحمة بالبشر, وفي مجال الصفح عن آثام البشر وخطاياهم, وذلك عندما صرخ المسيح قائلا: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون لوقا23-34 ويبدو مدهشا إلي أقصي حد أن القديس لوقا كان الوحيد من بين كتاب الأناجيل الأربعة المعترف بها الذي ألهمه الروح القدس أن يكتب بقلمه هذه الكلمات التي طالب فيها المسيح أن يغفر لمن شرعوا في قتله, والثلاثة الآخرون لم يسمعوا أبدا هذه الكلمات تصدر عن المسيح في ذلك الموقف الرهيب, وربما حسبوها كلمات فارغة من المعني لا أهمية لها لدرجة أنها لا تستحق أن تسجل من جانب أي منهم, ولم يكن القديس لوقا واحدا من الحوار يين الاثني عشر الذين قد اختارهم المسيح, فهذه الكلمات ليست موجودة في معظم المخطوطات القديمة للكتاب القدس, مما يعني في الواقع الفعلي أنها كلمات منسوبة زورا إلي المسيح(ص83). الكتاب ملئ بالكثير من هذه الادعاءات والتهم الباطلة والمكررة.
وسؤالي للمسئولين عن إعادة؟ طرح هذا الكتاب المدعوم من الدولة: لصالح من نشر هذا الكتاب وما موقعه من مبدأ المواطنة في الدستور؟ وماهو حقنا المتاح للرد علي هذه الافتراءات الباطلة التي تمس صميم عقيدتنا؟ ولسنا نطالب بمصادرة الكتاب, فنحن لا نؤمن بمصادرة أي فكر مهما كان, ولكن نطالب بحقنا في الرد عليه من خلال نفس سلسلة الكتب التي تحمل علي غلافها الخلفي صورة السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية- رئيس المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين…فهل يجاب طلبنا؟