بداية العام الدراسي لسنة أولي مدرسة تعني الكثير لكل طفل وتعد .مرحلة جديدة ومهمة في حياته…وكان المشهد المرتبط بالأسبوع الأول لهم في الدارس هو رؤيتنا لأطفال يبكون ويصرخون, ولا يريدون والديهم.ولكن السنوات الماضية شهدت تغييرا ملحوظا في انطباعات الأطفال الصغار في أول يوم لهم بالمدرسة فبدأ البكاء والصراخ يختفي تدريجيا ولم يعد هناك ما كنا نطلق عليه صدمة سنة أولي مدرسة بالشكل الذي تعارفنا عليه…ولكن لماذا لم يعد لدي أطفالنا صدمة العام الدراسي الأول لهم؟وهل هذا يعني أنه لا توجد مشكلات تواجه الطفل في هذه المرحلة المبكرة بالمدرسة أم أنها موجودة ولكنها فقط اتخذت مظاهر مختلفة عما سبق؟ وما هو دور الوالدين في اجتياز طفلهم عامة الأول بالمدرسة بنجاح دون أن يترك آثارا سلبية علي حالته النفسية أو الاجتماعية أو علي تحصيله الدراسي فيما بعد؟.
للإجابة علي هذه التساؤلات تحدثنا إلي الدكتورة نجلاء صلاح استشارية طب الأطفال, وقالت: إن فكرة انفصال الطفل في سنوات عمره الأولي بالذهاب للمدرسة لأول مرة لم تعد صدمة للطفل مثلما كانت من قبل, بل لقد انخفضت حدة شعور الطفل بالخوف من الانفصال لبعض الوقت عن والديه. ويرجع ذلك لعدة أسباب منها خروج المرأة للعمل وبالتالي عدم وجودها طوال اليوم مع الطفل, وحتي إذا كانت الأم لا تعمل فلقد أصبحت أكثر وعيا بأهمية التحاق الطفل في سنوات عمره الأولي بالحضانة لتنمية مهاراته الاجتماعية والأكاديمية, مما يجعلهم معتادين علي هذا الانفصال عن والديهم. ولذلك باتت صدمة سنة أولي مدرسة أقل مما سبق بالإضافة إلي أن رياض الأطفال في العديد من المدراس أصبحت أفضل وبها وقتا طويلا للألعاب وممارسة الأنشطة المختلفة المحببة للأطفال في هذه المرحلة العمرية.
أشارت د.نجلاء إلي أنه بالرغم من أن صدمة سنة أولي مدرسة أصبحت أقل بشكل ملحوظ لدي الطفل إلا أن هذا لا يعني أن التحاقه بالمدرسة للمرة الأولي لا يعد بالنسبة له تجربة مهمة قد تعترضها الكثير من التخوفات والمشكلات. ففي بداية العام الدراسي الأول للطفل تكون المدرسة بالنسبة له شيئا جديدا, ويسبب له ذلك بعض التخوفات, ولكنها لا تستمر طويلا وإن ظلت موجودة لفترة تتعدي الأسبوعين يجب هنا أن تنتبه الأم إلي أن هناك مشكلة سواء كانت في الطفل نفسه كأن يكون لديهفوبيا-خوفا زائدا-من الخروج لأي مكان جديد والبعد عن والدته والمنزل, وهذا الإحساس بالخوف الزائد يمكن علاجه بسهوله. أو أن تكون هناك مشكلات حقيقية داخل المدرسة نفسها مثل تجهم المعلمين بشكل مستمر في تعاملهم مع الأطفال, خاصة أنه من المفترض أن يتسم المعلمين لهذه المرحلة بسعة الصدر والصبر علي بكاء الأطفال وطلباتهم ,وحنينهم إلي أمهاتهم , وكثرة صراخهم.
كما أوضحت د.نجلاء أن هناك أطفالا في سنة أولي مدرسة يبدوا عليهم ظاهريا أنهم اجتازوا المرحلة بسلام فهم لا يبكون أو يصرخون عند الذهاب للمدرسة, ولكن في ذات الوقت تكون لديهم أعراضا أخري تدل علي وجود مشكلات أو ما نطلق عليهصدمة وتظهر في عدة أشياء منها التبول اللإرادي أو التلعثم في الكلام بعد أن كان طبيعيا, أو ظهور سلوكيات عدوانية لدي الطفل في المدرسة مع زملائه…إلخ.
اتفقت معها في الرأي الدكتورة مها عماد استشارية الطب النفسي, وأضافت : أن أبرز مشكلات الطفل في عامة الأول في المدرسة تظهر عادة عندما يكون الطفل متعلقا بشكل زائر بوالديه ويخشي الانفصال عنهما, أو مشكلات أخري تخص علاقة الطفل بأقرانه بالفصل المدرسي وعادة ما يحدث ذلك مع الأطفال المنعزلين اجتماعيا بالأساس داخل أسرتهم. وحتي تتجنب الأسرة حدوث مشكلات للطفل في عامخ الأول في الالتحاق بالمدرسة يجب أن تهيئ الأسرة طفلها في الأيام الأولي بالعام الدراسي حتي يعتاد علي المدرسة, كأن يتحدثوا إليه عن تفاصيل اليوم الدراسي وما هو المتوقع أن يحدث داخل المدرسة حتي لا يشعر الطفل بأنه مقبل علي أمرا غامضا, ويجب أن ما يقال للطفل عن المدرسة وما سيواجهه هناك, يكون مطابقا أو قريبا للواقع, لكي لا يفقد الثقة بوالديه ومدرسته, وحتي يبقي محبا للأجواء الجديدة, بالإضافة إلي التحدث إلي الطفل عن بعض التفاصيل الخاصة بتعامله مع زملائه بالفصل وكذلك المعلمين, وكيف يتصرف إذا حدثت له مشكلة أو كان يحتاج إلي شئ…إلخ.
فإذا تعامل الوالدان بهذا الأسلوب تجنبوا العديد من المشكلات التي تتكرر في السنة الأولي للطفل بالمدرسة ويساعدونه في اجتياز هذه المرحلة بشكل إيجابي.أما إذا لم يحدث ذلك فإن مشكلات السنة الأولي له بالمدرسة ستؤثر سلبا عليه في عدة مجالات علي رأسها تأخر وضعف التحصيل الدراسي لديه بالإضافة إلي بعض الآثار السلبية علي علاقاته الاجتماعية داخل المدرسة وحالته النفسية أيضا.