وسقطت الأسرة الحاكمة بعد قرابة شهرين من تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك .. سقطت وسقط معها كل شك أو هاجس أرق جفن أمهات الشهداء وألهب صدورهن طيلة الأيام الماضية .. سقطت هواجس الثوار في موقف المجلس العسكري الذي كانوا يخشونه تجاه الأسرة الحاكمة .. سقطت أسطورة ##من هم فوق القانون## .. وسقط معها كل من حماهم ليمثلوا جميعا أمام التحقيق .. فشهود العيان يؤكدون أن فتحي سرور بكي ثلاث مرات أثناءالتحقيق معه, ملقيا الاتهامات علي مبارك في قتل الثوار .. مؤكدا أنه لم يستجب لنصحه بالاستجابة لمطالب الشعب .. بكي كما أبكي أسر الشهداء وأدمي قلوبهم .. سقط لتسقط معه خدعة المجلس سيد قراره التي طالما أسمعنا إياها .. وصفوت الشريف أيضا الذي أصر أن يقتسم الزنزانة مع زكريا عزمي .. جميعهم سقطوا علي غير ما توقع بعضنا .. ولكن يبقي الأهم وهو التهمة الموجهة للرئيس مبارك ونجليه بخلاف الكسب غير المشروع .. تهمة التحريض علي قتل المتظاهرين ..
يقول المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق: ##قرار النائب العام جاء في الاتجاه الصحيح رغم أنه جاء متاخرا .. وآل مبارك يواجهون تهما عديدة هي الاعتداء علي المتظاهرين وقتلهم عمدا, وإجراء صفقات مالية وتجارية, واستغلال النفوذ السياسي والتي تتفاوت العقوبات فيها .. وتأخر استدعاؤهم إلي التحقيقات أوجد شكوكا حول إمكانية تقديمهم للعدالة .. وأنه لا أحد فوق القانون##.
يقول أحمد قناوي المحامي: ##منذ تنحي الرئيس السابق عن كامل سلطاته في الحادي عشر من شهر فبراير الماضي وهناك محاولات شتي من القوة المضادة للثورة لمحاولة إما إجهاضها أو تشويهها أو الانقضاض علي مكتسباتها, وظهر هذا جليا بأشكال مختلفة .. ولعل أبرز ما يلفت النظر في هذه الخطة الشيطانية لإجهاض الثورة محاولة بعض القوي الإيقاع بين الثورة والجيش من ناحية, ومن ناحية أخري الإيقاع بين الثورة وبين الرموز الوطنية المعارضة والتي كانت تقف جنبا إلي جنب بداية من محاولة الاعتداء علي الدكتور محمد البرادعي يوم 19 مارس الماضي أثناء ذهابه للإدلاء بصوته الانتخابي في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, ومرورا بمحاولة التشويه المتعمدة ثم الاعتداء البدني علي الصحفي علي سعيد بعد نشره تحقيقا عن فساد صفوت الشريف, وأيضا ما حدث مؤخرا يوم الجمعة الماضي من الاعتداء علي الشيخ صفوت حجازي في ميدان التحرير ودفعه خارج الميدان والاعتداء عليه, وما حدث في نفس اليوم من محاولة الاعتداء علي حسين عبدالغني مدير مكتب قناة الجزيرة بالقاهرة سابقا.
أما مها أبو بكر المحامية فتقول: ##ارتياح كبيرساد بين الجميع بعد إعلان خبر القبض علي علاء وجمال مبارك, وكذلك حبس مبارك 15 يوما علي ذمة التحقيق .. فكل المؤشرات كانت تشير إلي أن أيادي قوية تتلاعب بمقدرات الوطن في الجمعة الأخيرة 8 أبريل فيما يحدث من فتنة بين الجيش والشعب .. فهل كان من الممكن أن يمر ما تعرض له اللواء حمدي قائد قوات الشرطة العسكرية في نفس يوم الجمعة 8 أبريل في الثامنة مساء من اعتداء من بعض المتواجدين بميدان التحرير مرور الكرام .. كذلك تم دفعه خارج الميدان بالقوة من مجموعة لا يعلم أي من الثوار من يحركهم ولصالح من .. وما حدث مع الناصري المعروف سامح عاشور أثناء توجهه إلي مسجد عمر مكرم للوقوف علي ترتيبات عزاء الراحل ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري ومحاولة الاعتداء عليه من قبل بعض المتواجدين بميدان التحرير بعد أن كان واقفا وسط تجمع من الشباب في نقاش مفتوح معهم عن المرحلة المقبلة.
حسن سليمان المحامي يقول: ##8 أبريل كان إنذارا قويا للجميع أنه لا مفر من المحاكمة العادلة لرؤوس النظام السابق .. لذلك جاءت التحقيقات بعده سريعة جدا مع الرئيس المخلوع وابنيه..
ويضيف حسن: ##أدركنا الخطر في 8 أبريل حينما وجدنا محاولة سب وشتم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أثناء توجهه لمسجد عمر مكرم لتأدية واجب العزاء رئيس الحزب الناصري, إلا أنه أسرع ودخل المسجد قبل أن يتصاعد الأمر. كذلك الاعتداء علي هيئة المحاكمة الشعبية لرموز الفساد و التي كانت منعقدة في قلب ميدان التحرير وإلقاؤها بزجاجات المياه الفارغة يوم جمعة التطهير.
كل هذا أكد أن هناك خطة منظمة ومنضبطة الهدف لإحداث وقيعة بين الشعب المصري والجيش الذي حمي ثورته من ناحية ومحاولة تشويه الرموز الوطنية المخلصة ومحاولة الاعتداء عليها لتجهيز الأرضية لأحد بعينه في وقت معين من ناحية أخري, الأمر الذي يصبح الحال معه جد خطير ونتائجه وعواقبه غير محمودة سيخسر فيها الجميع والخاسر الأكبر هي مصر. وأعتقد أن قرار تقديم الأسرة الحاكمة للمحاكمة جاء في هذا التوقيت ليثبت المجلس أن الجيش والشعب إيد واحدة.
في النهاية يظل كل ما حدث منذ الخامس والعشرين من يناير الماضي وحتي الآن يكتب بحروف من نور في تاريخ مصر تدفع أي حاكم لمصر فيما بعد أن يفكر ألف مرة قبل أن تسول له نفسه نهب أو ظلم هذا الوطن.