رصدت دراسة حديثة بعنوان عزوف الشباب عن المشاركة السياسية والاجتماعية واضطراب العلاقات الأسرية أن الأسرة هي التي تقوم بالدور الأساسي في نقل تراث المجتمع وتعزيز قيم المواطنة وإرساء دعائم الانتماء, وأن اضطراب العلاقات الأسرية واتسامها بالسلبية يؤدي إلي افتقاد الشباب للشعور بالانتماء تجاه هذه الأسرة التي تمثل بدورها بذرة الانتماء إلي المجتمع المحلي والوطن ككل.
وأشارت الدراسة التي قام بإعدادها الدكتور محمد سعد محمد أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة إلي وجود العديد من المتغيرات التي طرأت علي تركيب الأسرة المصرية, وساعدت علي عزوف الشباب عن المشاركة السياسية والاجتماعية, من بينها اتجاه الأسرة المصرية إلي الفردية واهتمام كل فرد من أفرادها بتحقيق مصالحه حتي وإن كانت علي حساب الآخرين, واتساع الفوارق والهوة بين الآباء والأبناء بسبب التقدم التكنولوجي, كما أصبح المناخ الأسري مضطربا وانعدام الأمن والأمان داخلها, والافتقاد إلي القيم والتقاليد داخل الأسرة المصرية.
وحذرت الدراسة من أن العلاقات الأسرية اللاتوافقية قد تؤدي إلي العديد من المشاكل المجتمعية, إذ ينتج عن تلك العلاقات شخصيات غير منضبطة وفاقدة للحساسية الاجتماعية والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلي ضعف الانتماء وفقد الثقة بالآخرين وعدم القدرة علي المشاركة الاجتماعية أو تحمل مسئوليتها, كما يسهل استثارة هذه الشخصيات للفساد حتي ضد الوطن, والخروج عن تقاليد المجتمع وأعرافه.
وذكرت الدراسة ثلاثة أنواع من المنازل وفقا لطبيعة العلاقات الأسرية وهي المنزل النابذ الذي قد يضم أبا ينبذ الأبناء وأما تصرف في العطف والحنان وهذا المنزل يخلق أبناء لا تتحمل الأعباء والمسئولية, وعدم الاهتمام بالقيم وتحويرها لصالحه, والمنزل الديموقراطي الذي يخلق فردا يستطيع تحمل المسئولية وتكوين شخصية مستقلة مدركة لحقوقها وواجباتها, وأخيرا المنزل المتسامح الذي يعطي للفرد الشعور بالأمن الحقيقي.