شهدت الأسرة المصرية في الآونة الأخيرة تحولات عديدة تعكس في مجملها التغيرات من حولنا سواء في الداخل أو العالم المحيط والتي طالت طبيعة العلاقة بين أفرادها وعلاقتهم بمجتمعهم حيث أصبحت الزوجة شريكة أساسية في اقتصادات الأسرة ولم تعد هناك الأدوار النمطية المتعارف عليها من اعتبار الزوج رب الأسرة والمسئول الأساسي عن رعايتها وإعالتها فقط لرب الأسرة بينما الزوجة مسئوليتها تربية الأبناء وإدارة المنزل حول المفهوم الحديث قال الدكتور ثروت إسحق أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إن هناك تغييرات ملحوظة في دور الأب والأم داخل الأسرة المصرية نتيجة التحولات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة منذ السبعينيات ونلمس ذلك في تقلص دور الأب بشكل واضح,كما تقلص الحوار الأسري من الدور التفاعلي للأب داخل الأسرة وأصبح الآباء يستعيضون عن هذا بمتابعة سطحية للأولاد من حيث الواجبات المنزلية ومتابعة الشهادة الشهرية,فضلا عن ذلك اهتزت صورة الأب نتيجة كثرة المشاكل داخل الأسرة وبروز دور الأم المحوري.
وأضاف د. إسحق أن الحداثة والتكنولوجيا فضلا عن تدني القيم الاجتماعية أدي إلي حالة من عدم وجود معايير ثابتة مما جعل الآباء يفشلون في تقديم نموذج للأولاد يحتذي به وبهذا أصبح مفهوم رب الأسرة بمعناه القريب يمكن إيجادة في الريف ولم يعد له وجود في المدينة,حيث اقتصر دوره في الأسرة علي المتابعة ووجدنا الأم تقوم بكل الأدوار فتحول مفهوم رب الأسرة من الأب إلي الأم وإن كان هذا غير مقبول فمهما جاولت الأم الإلمام بكافة الأدوار سنجد التقصير في بعض النواحي لذا فهي تحتاج إلي شريك أساسي وليس مساند فقط.
قالت الدكتورة إجلال إسماعيل حلمي أستاذة علم الاجتماع الأسري بكلية الآداب جامعة عين شمس إن المفهوم الأساسي لدور الأب هو رعاية الأسرة ومشاركة الزوجة في الأمور الخاصة واتخاذ القرارات,وفي الخارج يشارك الزوج زوجته في كثير من الأمور فنجده يزور الطبيب مع زوجته لمتابعة الحمل ويحصل علي تدريبات لتقديم الدعم النفسي والمعنوي لها مما يسهل لها فترة الحمل والولادة الآمنة,بالإضافة إلي المشاركة في رعاية الأبناء داخل المنزل وهذا جزء من تقسيم العمل سواء داخل المنزل أو خارجه.
وأشارت د. إجلال إلي أن هذا النموذج غير موجود في الأسرة المصرية وأن وجد علي نطاق محدود,ولكن الشائع قيام الزوجة بكافة الأدوار من مهام المنزل إلي الإنجاب إلي المتابعة الدراسية بالإضافة إلي أنها أصبحت العائل الأساسي في الأسرة وأصبح دور الزوج هو البعبعوالمتابع فقط,فنجد الأب يتنازل عن إدارة واجباته للزوجة فهو إما يعمل أو مع أصحابه أو أمام التليفزيون وكما يقال يريح دماغهمن كافة المسئوليات.
وتأسفت د. إجلال علي تأخرنا عن التطور الحقوقي العالمي الذي يركز الأن علي مفهوم الجندرمما ينعكس سلبيا علي المجتمع المصري بعد تعلم المرأة وعملها ومشاركتها في الحياة العامة فالمرآة كأقلية من حيث الخدمات الموجهة إليها والموروث الثقافي الذي يدني من دورها في المجتمع كانت ستحصل علي حقوقها خاصة مع تزايد حركات النوع الاجتماعي والحقوق النسائية لكن تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا جعل الذكور يأخذون موقف عدائي, فتنازلوا عن أدوارهم للمرأة وأخذت المرأة جميع الأدوار.
وتري د. إجلال أن موضوع النوع خلق حالة عكسية ورفض مجتمعي فيري الرجل أن الحركات النسوية هدفها تقوية المرأة وفرض سيطرتها علي الرجل رغم أن تاريخنا أظهر المرأة كقائدة وملكة بالتالي كان من الأفضل ترك هذا المفهوم يدخل بشكل طبيعي دون تدخل أو قانون جبري.