في اليوم الأول من مايو حدث زلزال القارة الأوربية العريقة بل والعالم كله,واتسعت رقعة الاتحاد الأوربي بانضمام عشرة أعضاء جدد ليصبح عدد البلاد المنضمة تحت لوائه خمسة وعشرين عضوا وهذه الدول الأعضاء الجدد كلها مما كان يطلق عليها بلاد المعسكر الشرقي نسبة لما فيها الذي كانت فيه خاضعة للنفوذ السوفيتي سابقا.دول البلطيق(إستونيا ولتوانيا ولاتفيا)والمجر ورومانيا وبلغاريا وبولندة والتشيك وجزيرة كريت والنصف اليوناني من جزيرة قبرص أما الدول الخمس عشر فهي:إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندة وبلجيكا ولوكسمبورج والدانمرك وإسبانيا والبرتغال واليونان وأيرلندة وفنلندة والنرويج والنمسا.
وفي مثل هذه المناسبة التي لا تتكرر في المستقبل المنظور لا يجوز للمخضرمين أمثالي أن يتركوها تتم دون أن يرتدوا إلي الوراء ولو خطوات قليلة لتطلع الأجيال الشابة علي كيف يفكر المسئولرن عن الدول المتقدمة وكيف حقق الغرب ثراءه؟
دامت الحرب العالمية الثانية للفترة من3سبتمبر 1939 إلي مايو1945وفي هذه الفترة حطمت جيوش ألمانيا النازية بصفة خاصة اقتصاد بلاد أوربا جميعها شرقا حتي حدود الاتحاد السوفيتي السابق وغربا حتي حدود فرنسا ولم يعد يفصل بين هذه الجيوش وبين غزو إنجلترا سوي بحر المانش الضيق للغاية.حطمت المصانع وأصبحت معظم الأراضي الزراعية غير صالحة للزراعة لأنها كانت مسرحا للعمليات الحربية وانخفضت خصوبة البعض الآخر لضعف العناية بها وانهكت وسائل المواصلات جميعها.وهكذا باتت أوربا خرابا يعيش فيها غراب البين وخيم عليها ظلام دامس لا يري المرء فيه كفيه إلا بالكاد.
في هذا الخضم سمع صوت صارخ في البرية(اقتباسا من الإنجيل)ينادي: إن أوربا سوف لا تنهمن دفعه واحدة وسوف لا تنهمن كمجموعة واحدة إنها ستنهمن عن طريق منجزات ملموسة تخلق أولا تضامنا واقعيا.ولتحقيق هذا الهدف فإن الحكومة الفرنسية تقترح أن تضع كل الإنتاج الفرنسي والألماني من الفحم والصلب تحت تصرف هيئة عليا مشتركة في تنظيم مفتوح تسهم فيه بلاد (أوربا الأخري) وكان هذا الصوت جان مونيه وروبير شومان الفرنسيا الجنسية وانتهي الأمر إلي توقيع معاهدة في18أبريل 1950 أنشئت بمقتضاها ما أطلق عليه(المجموعة الأوربية للفحم والصلب)التي انطلقت منها الشرارة الأولي لما انتهي الاتحاد الأوربي الآن واتسعت رقعته حتي شملت بلاد أوربا القديمة كلها وهذا تركيز لما جري لهذه الدول منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها إذا أردنا أن نتوسع ونرجع إلي الوراء علي نحو أعمق,فإن ذلك يستنفد كتابا بكامله.
ومع هذا الحدث يصل عدد سكان بلاد الاتحاد الأوربي حوالي نصف مليار نسمة وهو تجمع سكاني يفوق التجمع الأمريكي في المكسيك وكندا,وفي هذا المناسبة(2004/5/1) أعلن البابا يوحنا بولس الثاني رئيس الفاتيكان ما يفهم منه أن المسيحية في الاتحاد وبعضها بعض وأبدت بعض الأوساط الأوربية رأيها ردا علي ما قاله قداسة البابا بأنه-لو تحقق-يعتبر ردة إلي الوراء نظرا لأن شعوب بلاد الاتحاد تعيش فيها نسبة كبيرة ممن يدينون بديانات غير المسيحية بالإضافة إلي أنه قد يقف حائلا دون انضام تركيا المرتقب والذي يعتبره المسئولون في الاتحاد ضرورة.
إذا كان العالم كله يحتفل في الخمسين سنة الأخيرة في أول مايو بعيد العمال فقط,فإن العالم أضاف مناسبة جديدة هذا العام هي انضمام عشر دول جديدة إلي الاتحاد الأوربي كل عيد العمال يعني من قبل لشعوب تلك الدول هزة عنيفة واستعراضات عسكرية لا نهاية لها,أما أول مايو هذا العام أصبح لشعوب الدول المنضمة عيدا آخر جديدا احتفل به رؤساء الدول في دبلن بوصفها عاصمة الدولة التي ترأس الدورة الحالية ويعتبر علي امتداد تاريخ الاتحاد أكبر عدد ينضم إلي ما كان يسمي ابتداء الجماعة الأوربية الاقتصادية…وأول توسع جاء في سنة1937 بانضمام بريطانيا والدانمرك وأيرلندة التي انضمت إلي الأعضاء الستة الأصلية وفي سنة 1981 انضمت اليونان…وبعد انقضاء خمس سنوات(1986)انضمت كل من إسبانيا والبرتغال تحت لواء الجماعة الأوربية وتبعتهما في سنة1995 كل من السويد والنمسا وفنلندة فيما يعرف الآن الاتحاد الأوربي.
تاريح الانضمام البلاد المنضمة نسبة السكان نسبة إجمالي الناتج المحلي
1973 إنجلترا- إيرلندة-الدانمرك 33.4% 95.50%
1981 اليونان 3.7 % 48.4%
1986 إسبانيا والبرتغال 17.8% 62.2%
1995 النمسا وفنلندة والسويد 6.3% 103.6%
2004 العشر دول 19.6 % 46.5%
*آخر مقالات الراحل الدكتور صليب بطرس فيوطني ونشر في عدد13يونيه2004.