قصة الفساد في نيجيريا متشعبة ومعقدة وربما بلا نهاية كما يصرح المراقبون لسنوات طويلة…لكن الحديث عن الفساد الذي اقترن بنيجيريا -التي تصنف بالدولة رقم1من حيث الفساد علي مستوي العالم-قد تكون له نهاية علي حد تعبير بعض المراقبين.
خلال السنوات الأربع الأخيرة عهدت الحكومة ولأول مرة مسألة تعقب الفساد والفاسدين لوكالة حكومية برئاسة شخصية شابة واعدة أملا في الفكاك من غول الفساد الذي بات ينهش في شتي قطاعات نيجيريا حتي بلغ رقما مخيفا قوامه أربعمائة مليار دولار.
يقدر الخبراء حجم الفساد في نيجيريا بنحو ثلثي المساعدات التي قدمها العالم لقارة أفريقيا برمتها خلال أكثر من أربعة عقود,وللسبب نفسه بعبش معظم الشعب النيجيري في حالة فقر شديد رغم كون بلادهم الدولة الأولي في إنتاج النفط في أفريقيا.
منذ بداية التجربة في عام 2003 بث ”نوهو ريبادو” مدير الوكالة بعض الأمل عندما نجح والعاملون معه في ضبط العديد من الشخصيات سواء من داخل الحكومة أو خارجها وإدانتهم بتهم محققة بالرشوة وخلافه.
بالفعل نجحت الوكالة في القبض علي عدد من محافظي الولايات ممن تركوا وظائفهم وأصبحوا فاقدي الحصانة السياسية وفقا للقانون.من بين هؤلاء أيو فايوز محافظ ولاية إيكيتا وجيمس مايبوري محافظ ولاية دلتا حيث قضي الاثنان أعياد الكريسماس الأخيرة وراء القضبان.
قال بعض المراقبين إن اعتقال إيبوري بالذات تسبب في بعض الارتباك داخل الدوائر الحكومية بالعاصمة النيجيرية أبوجا نظرا لعلاقاته السياسية رفيعة المستوي فضلا عن كونه أحد أكبر ممولي حملة حزب الشعب الديموقراطي الأخيرة بالبلاد,لدرجة أن آلاف النيجيريين خرجوا في مظاهرات تنديد نظرا لطغيانه الشديد وثرائه الفاحش!
لأن الفساد في نيجيريا متأصل,لذا صدر قرار منذ أسابيع قليلة بنقل مدير وكالة ضبط الفساد ”ريبادو” من منصبه بحجة حضور دورة تدريبية في جوهانسبرج لمدة عام بمعهد الدراسات السياسية والاستراتيجية.
أشار البعض إلي أن الحكومة النيجيرية كانت حاذقة عندما أعدت الدورة التدريبية لريبادو حيث لم تستطع أن تخفي مخاوفها من فقدان العديد من السياسيين والمسئولين الحكوميين سواء الحاليين أو السابقين,ومن ثم أقدمت علي الخطوة بدبلوماسية شديدة.
لكن علي المستوي الشعبي تلقي ملايين الفقراء في نيجيريا ويشكلون معظم تعداد السكان البالغ عددهم 120مليون نسمة صدمة إقصاء ”ريباردو” بالسخط والاستنكار بعد أن نجحت الوكالة في ضبط واتهام أكثر من مائتي شخصية بالفساد.
ما سطره المراقبون أنه خلال السنوات الأربع الأخيرة جنت نيجيريا عوائدا اقتصادية حيث زادت حصيلة الاستثمار الأجنبي بالبلاد عقب أنباء النجاح الجديد في القضاء علي الفساد المستشري لعقود دون ضابط حيث يعتبر المستثمرون الأجانب السوق النيجيرية في مقدمة أسوق أفريقيا وإن كان العائق الأول هو استشراء موجات الفساء بلا حدود في هذا البلد الغني بالنفط ومختلف المعادن النفيسة.
السؤال الذي يطرح نفسه كما يقرر المحللون في نيجيريا:هل تقف حملة تعقب الفساد في نيجيريا بعد النجاح الذي تحقق أم أن سطوة السياسيين وارتباطهم بالفساد سوف تشكل عائقا كبيرا أمام هزيمة الفساد؟!
إيكونومست