تأتي أهمية مخطوطة الأنبا يوحنا النقيوسي التي عرضتها وطني في 8 فبراير الماضي من خلال ما قدمه الدكتور عمر صابر عبد الجليل معرب المخطوطة من النسخة الحبشية الوحيدة الباقية في سياق رؤية قبطية للفتح الإسلامي التي تتجلي في اقتباسين, أحدهما علي لسان المؤرخ الأنبا يوحنا بشأن المقوقس كما يلي: وكان قبل أن يموت يعمل عمل العصاة ويطرد المسيحيين لهذا عاقبه الرب, والآخر للمعرب.. يلاحظ أن النص موزع بين عاطفتين تدفعانه للتحيز, فهو معاد للمقوقس بسبب الخلاف المذهبي, ومعاد للمسلمين, فحين يدين المسلمين يضطر للتعاطف مع المقوقس, ثم يقع في شباك التناقض حين يذكر اضطهاداته.
هكذا ومن دون أي تعليق طالما ننشد صيغة تصالحية تشكل رؤيتها رويدا عبر التاريخ ذاته, إذ ليس من المستساغ اليوم ولا في أي وقت مناقشة دوافع ومبررات هؤلاء الذين قبلوا الإسلام ولا هؤلاء الذين بقوا علي مسيحيتهم لأنها مسألة شخصية, ولكن بفضل الإسلام ذي الطابع المصري استطاعت مصر في وقت قليل نقل مركز الثقل العربي والإسلامي للقاهرة في عصر الدولة الفاطمية في القرن العاشر.
وأقبل الأقباط علي الاندماج في المجتمع الجديد وبرز منهم كثيرون في العلوم والفنون.
وهناك أسماء قبطية تعكس الرقي والزهو الذي يكنه الأقباط لأصولهم المصرية وتمسكهم بدينهم, مثل الشيخ الصفي أبو الفضائل بن العسال وهو القانوني المتضلع, والقس شمس الرياسة أبو البركات, وأبو إسحق الرئيس المؤتمن.
أنا شخصيا لدي حلم أن تفسح مصر المجال قولا وعملا للقضاء علي الخلافات والاحتقانات والتوجه بنفس واحدة قدما لاستعادة ومضات التاريخ لصالح أبنائها.
مدير بالتعليم سابقا. طهطا