المعارضة تعتبرها محاولة لكسر احتكار السلطة والرقابة والوطني يراها تمهد الطريق للفوضي
بعد خروج عدد كبير من نواب المعارضة من البرلمان وانفراد والاستحواذ الكاسح للحزب الوطني علي مقاعد المجلس النيابي الجديد, دعا بعض المعارضين والسياسيين إلي تشكيل برلمان مواز يضم نواب المعارضة السابقين في مجلس الشعب السابق مع أساتذة الجامعات ونشطاء حقوق الإنسان من أجل مناقشة مشروعات القوانين المعروضة علي البرلمان وفضح أية قضايا فساد قد تمر دونما محاسبة وتصدي وتعظيم الدور الرقابي علي الحكومة, وهي الفكرة التي استقبلها البعض بالترحاب, بينما اعتبرها البعض الآخر فكرة مستوردة من الخارج ولاتناسب المجتمع المصري.
وفي هذا الإطار شكل حزب الوفد حكومة ظل مكونة من أعضاء الهيئة العليا للوفد وقيادات نشطة في العمل العام من أجل تقديم البديل, حتي لا يتم قبول أجندة الحكومة الحالية بلا نقد أو تحليل
حول هذه الأفكار الجديدة علي الساحة السياسية تقدموطني هذا التحقيق.
قال محمد هيبة أمين شباب الحزب الوطني: إن فكرة البرلمان الموازي لايمكن تطبيقها في مصر, خاصة أن الكيانات الموازية تعد نوعا من أنواع الفوضي, وترسيخها في المجتمع يقلل من شأن الكيانات الرسمية ويحدث نوعا من البلبلة في المجتمع, وبالتالي لابد من مواجهتها بحزم ومنع ظهورها للنور لأنها ستسمح بظهور كيانات غير رسمية وعناصر غير مشروعة ومنحها شرعية التواجد علي الساحة.
وأكد نبيل عبد الفتاح الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن البرلمان الموازي يعد نوعا من أنواع الاحتجاج السلمي علي الأوضاع الراهنة ولكن بدون مظلة شرعية له, ولكن المستفيد الأكبر من البرلمان الموازي هم جماعة الإخوان المسلمين والتي تبحث عن أي كيان شرعي للتواجد في الحياة السياسية بعد خروج كل النواب السابقين التابعين للإخوان من البرلمان.
من ناحية أخري قال هشام مصطفي خليل – نائب دائرة قصر النيل:إن مجلس الشعب الحالي قادره علي مناقشة كافة القضايا المثارة بالمجتمع, والنواب الحاليون قادرون علي كشف أية قضية فساد, ومعارضة الحكومة إذا تطلب الأمر, ولكن ليس من المعقول السماح لبعض الشخصيات التي لم تحمل ثقة الناخبين في الاشتباك مع قضايا وقوانين تثار تحت القبة, لأن هؤلاء لا يملكون الأدلة الدامغة علي ما يقولونه, كذلك لن يتم مساءلتهم فيما حصلوا عليه من معلومات, وبالتالي هناك شكوك فيما يطالبون به.
واتفق معه ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل وعضو مجلس الشوري في أن فكرة البرلمان الموازي ترسخ للفوضي ولا مظلة قانونية لها, وعلي أي أساس يتم اختيار أعضاء هذا البرلمان؟, ومن يناقش من؟ وهل هؤلاء النواب يملكون آليات العمل البرلماني؟, وإذا كانت هناك رغبة في العمل العام عليهم اتباع أفكار أخري والتوقف عن المطالبة بمثل هذه الأفكار الغريبة.
من جانبه شدد حسام عبد الرحمن رئيس الحزب الجمهوري الحر علي أن فكرة البرلمان الموازي فكرة مستحدثة من الغرب ولاتناسب المجتمع المصري, وإذا حدث إقصاء لمعارض أو أكثر ليس معناه تكوين برلمان مواز اعتراضا علي عدم الوصول للبرلمان الحقيقي, فربما يمكن الاعتراض علي ذلك ولكن بطرق مختلفة تناسب طبيعة المجتمع المصري.
بينما دافع عبد الحليم قنديل المنسق العام السابق لحركة كفاية – عن الفكرة وقال إن هذا البرلمان سيضم500 عضو منهم 250 عضوا من النواب السابقين في مجلسي الشعب والشوري خلال السنوات الأخيرة, والحرص علي تمثيل كل التيارات في هذا البرلمان مثل التيار الليبرالي والإسلامي والناصري واليساري, ويحصل كل تيار علي 25% من عدد المقاعد, بينما يضم الجزء الثاني من البرلمان 250 عضوا يمثلون أساتذة الجامعات وقادة الأحزاب والحركات السياسية الشبابية ونشطاء المجتمع المدني, وسيتم مناقشة مشروعات القوانين التي تتم تحت القبة, وتقديم الاستجوابات علي أن يتم بعد ذلك تشكيل حكومة ائتلافية ورئيس مواز للبلاد بعد الانتخابات الرئاسية التي ستجري العام المقبل.
أوضح سيد عبد العال أمين عام حزب التجمع أن البرلمان الموازي ظهر نتيجة إحساس نواب المعارضة الذين خرجوا بصورة شرعية أو غير شرعية أنهم تعرضوا لإسقاط متعمد من قيادات الحزب الوطني, والتالي من يمثل الشعب الآن مجموعة من الشخصيات التي تهدف إلي المصلحة الشخصية وليس الصالح العام.
أكد عبد العال أن هذا البرلمان سيعد منبرا للتعبير عن بعض قضايا المجتمع, وإحراج مجلس الشعب من خلال مناقشة واسعة للعديد من القضايا ومشروعات القوانين التي يغفلها مجلس الشعب, كذلك مواصلة الضغط علي مجلس الشعب ونوابه حتي لا يصمتون علي أي قانون مثير للشك, وحضور الجلسات لابد أن يكون مناسبا, حتي لا تظهر قاعة الاجتماعات فارغة بشكل يثير الدهشة, وكأن الأعمال الخاصة بنواب مجلس الشعب أهم من حضور الجلسات والمشاركة في القضايا ومشروعات القوانين المقدمة.
قال الدكتور جمال زهران النائب السابق بالبرلمان وأحد مؤسسي البرلمان الموازي إن النواب السابقين والذين لم يحالفهم الحظ في النجاح بسبب ظروف وعقبات فرضت عليهم لذلك لم يكتب لهم النجاح هذه المرة, ولذلك برزت فكرة البرلمان الموازي خاصة أن تشكيلة مجلس الشعب الحالية لا تعبر عن المجتمع فمن غير المعقول أن يظهر مجلس شعب أغلبية كاسحة لحزب واحد وعدد محدود من المقاعد للمعارضة, بالإضافة إلي أن الانتخابات شهدت انتهاكات صارخة ولم تكن معبرة عن إرادة الناخبين.
طالب د.زهران كل المرشحين الذين رسبوا في الانتخابات بسبب التزوير الانضمام إلي البرلمان الموازي, وفضح القوانين التي سيتم تمريرها داخل مجلس الشعب, لأن غياب المعارضة يعني تمرير الوطني لكل القوانين التي يريدها, ولن يتم الكشف عن أية قضية فساد, كذلك الوزراء الذين يشغلون مقاعد للنواب لن يكون لديهم الفرصة للقيام بالأداء الرقابي علي الحكومة فلم نسمع من قبل عن وزير يقدم استجوابا ضد وزير زميل له في الحكومة!!
من جانبه قال سعد عبود النائب السابق إن البرلمان الموازي فكرة ظهرت للنور بعد عمليات التزوير الفاضحة التي شهدتها الانتخابات الأخيرة, خاصة بعد إقصاء كل رموز المعارضة, كما أن هذه الفكرة موجودة في العديد من البلدان وليست وليدة الصدفة خاصة أن المجتمع لا يثق في تشكيلة مجلس الشعب الحالية, معظهم وصل إلي مقاعد البرلمان عبر المال أو البلطجة أو التزوير, ومن وصل منهم بإرادة الناخبين عدد محدود للغاية, وبالتالي من سيقف في وجه الحزب الحاكم, ومن يراقب حكومة الحزب؟ ومن يكشف عن الفساد؟
تمني عبود نجاح فكرة البرلمان الموازي من أجل تحفيز المواطنين علي تدعيمه وإلقاء الضوء علي ما سيقوم به من مناقشات وقضايا من شأنها الصالح العام.
علي الجانب الآخر شكل حزب الوفد حكومة ظل, وقام باختيار بعض أعضاء الهيئة العليا للوفد وقيادات وفدية أخري, لتتولي الحقائب الوزارية المختلفة وتشكلت حكومة ظل الوفد من ثلاثين شخصية, وستقوم هذه الحكومة بمناقشة العديد من القضايا الملحة وطرح مشروعات القوانين وتقديم الحلول وعدم الاكتفاء بانتقاد الحكومة الحالية.
وقال عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد إن حكومة الظل الوفدية ناقشت مؤخرا خطة وزارة الري والموارد المائية برئاسة الدكتور أحمد عبد الخالق وزير الري في حكومة الوفد, وتمت مناقشة السياسات المائية الحالية وكيفية التعامل مع ملف دول حوض النيل, ووقف التصعيد المتبادل مع دول حوض النيل والتوصل إلي نقاط اتفاق يمكن من خلالها تعزيز التعاون مع دول الحوض.
من جانبه قال د.علي السلمي رئيس حكومة الظل في الوفد إنه آن الآوان لكي يتم تقديم مشروعات قوانين بديلة عن القوانين المقدمة من الحكومة, وعلي الأحزاب أن تكون نشيطة في هذا المجال, وألا تعتمد علي السيناريوهات المطروحة من قبل الحكومة وربما هذه الفكرة غير معروفة للمواطنين بشكل كبير, ولكن لابد من تدعيمها.
أما ماجد أديب مدير المركز الوطني لحقوق الإنسان فقد أشاد بمبادرةحكومة الظل, مؤكدا أن هذه الحكومة أداة عملية نحو وصول أي حزب سياسي للسلطة, وبدون القدرة علي تشكيل حكومة لا يمكن للحزب السياسي أن يتواجد علي الساحة, ولكن لابد من مراعاة بعض الأمور عند اختيار الوزراء في هذه الحكومة, ولابد أن يكون للحزب نظرة شاملة في اختيار الشخصيات للمناصب الوزارية, ويمكن الاستعانة بشخصيات لديها خبرة من خارج الحزب.
أوضح أديب أن نجاح حكومة الظل مرتبط بتفاعل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني مع ما ستقدمه هذه الحكومة من مشروعات قوانين, وتعليقات علي ما يطرح من القضايا الداخلية والخارجية.