بات من المتوقع أن تتسبب ميزانية الدولة التي أقرها الكنيست في فصل 6آلاف عامل في السلطات المحلية عامة في إسرائيل, وستكون الضربة الصعبة كالعادة من نصيب السلطات المحلية العربية, التي تعاني من عجز مالي كبير وتفتقد لمصادر دخل أسوة بالسلطات المحلية اليهودية, التي توجد فيها مناطق صناعية ومؤسسات اقتصادية تدر دخلا كبيرا علي السلطات المحلية اليهودية, إلي جانب أن الميزانيات المقدمة لها من الحكومة هي ضعف ما يقدم للسلطات المحلية العربية, المعني أن الضربة الاقتصادية للوسط العربي ستكون مؤلمة أكثر, حيث إن السلطات المحلية العربية تعتبر أكبر مشغل في الوسط العربي في إسرائيل.
ضمن الميزانية الجديدة, من المتوقع فرض ضرائب جديدة مخططة علي الفواكه والخضار وعلي المياه بالطبع كل الفئات الفقيرة وذوي الدخل المنخفض ستعاني من سياسة حكومة نتنياهو, وستتعمق الفجوات بين الفقراء والأغنياء التي تعتبر اليوم شديدة الاتساع. ولا نحتاج إلي عقل اقتصادي لنفهم أن الوسط العربي سيدفع ثمنا أغلي وأشد قساوة. حتي في فترة النمو الاقتصادي كان متوسط الأجرة لليهودي يقارب الـ8 آلاف شاقل, ومتوسط الأجرة للعربي يقارب الـ6 آلاف أي أقل بـ2000 شاقل(500$) وهذا مبلغ غير صغير إلي جانب أن نسبة الفقراء العرب هي الأكبر في الدولة. وقد تبين في بحث جديد لجامعة حيفا أن 80% من النساء العربيات عاطلات عن العمل, رغم استعدادهن للعمل, ولكن غياب الصناعات من الوسط العربي, يشكل عاملا أساسيا لنسبة البطالة المرتفعة بين النساء العربيات, وهناك عوامل أخري تتعلق بفرص العمل المعروضة, ونوع العمل وساعاته, وأحيانا الخيار العنصري, وهناك ظاهرة تفكيك صناعة النسبج ونقلها إلي الأردن والصين بسبب الأجور البخسة للعمال هناك, وكانت هذه الصناعة تعتبر من أكثر الصناعات انتشارا في الوسط العربي رغم الأجور المنخفضة للعاملين فيها وهي علي الأغلب في حدود الحد الأدني للأجور(مايوازي 850 دولارا شهريا). ولكن الأجور في الأردن أو الصين ما دون الأجور في إسرائيل بنسب كبيرة جدا.
الحكومة وجهت ضربة أخري للسلطات المحلية, ودائما حصة العرب أكبر, فمثلا منح التوازن للميزانيات في السلطات المحلية التي كانت عام 2008ما يقارب 2.6 مليار شيكل, ستقلص في عام2010 إلي 1.8 مليار شيكل. وإذا عرفنا أن السلطات تعاني من عجز متواصل وإفلاس وشبه شلل أو شلل كامل, وعدم قدرة حتي علي دفع الأجور للعمال بشكل منظم, وأحيانا العامل ينتظر أشهر كبيرة حتي يقبض بعض ماله..فهذا يعني أننا مقبلون علي ظروف أكثر سوءا من الظروف التي سبقت انتقاضة أكتوبر2000 التي كانت بأساسها انتقاضة سياسية واجتماعية, تفجرت بعد الاستفزاز في المسجد الأقصي.
كما قلت, تعاني السلطات المحلية في إسرائيل, اليهودية, والعربية, بشكل خاص, من عجز مالي ضخم, وهناك سلطات محلية في حالة إفلاس كامل ومشلولة تماما. ومن المعروف أن 87 سلطة محلية موجودة اليوم ضمن خطة الإشفاء, ولا يبدو أن الإشفاء قادم, بل المزيد من العجز والشلل وكذلك توجد81 سلطة محلية عينت لها وزارة الداخلية محاسبا مرافقا, لمراقبة الصرف, ولكن الأموال غير موجودة لا للصرف ولا للمراقبة, و25سلطة محلية تدفع تعويضات لعمالها بسبب تخلفها عن دفع معاشات العمال في الوقت القانوني, وأحيانا ينتظر العامل نصف سنة وفي حالات معينة سنة كاملة وأكثر, كما كان الحال في السلطات المحلية العربية.
من جهة أخري كانت الحكومة قد أعلنت عن نيتها فرض ضريبةالقيمة المضافة علي الخضار والفواكه, مما سيرفع أسعارها بأكثر من 15%.
وحسب ما أعلنته وزارة المالية, هناك خطة لفرض ضريبة علي المياه, الأمر الذي سيزيد فقر الفقراء.
ميزانية بطالة
كتب نحميا شطرسلر المحرر الاقتصادي لملحق هاآرتس يقول إن الميزانية التي أعدتها وزارة المالية سيئة وتلحق الضرر بالنمو الاقتصادي وتزيد من البطالة,ولن تقلص الفجوات بين الفقراء والأغنياءوقال إنه عندما كان رئيس الحكومة نتنياهو وزيرا للمالية في عام2003 كان اتجاهه الأساسي تشجيع النشاط الاقتصادي وإصلاحات عميقة في الضرائب. أما اليوم, فكل شئ معكوس. وتعجب من أقوال وزير المالية يوفل شطاينتس الذي وصف الميزانية بأنها أكثر ميزانية اجتماعية وأنها ميزانيةلمحاربة البطالة وستقود إلي تقليص الفجوات في مستوي الدخل بين مختلف فئات الشعب وعقب شطرسلر أن العكس تماما هو الصحيح!!
ولاتزال آفة البطالة تتفشي إذ فصل في ربع السنة الأول من عام2009 أكثر من 8700 من عمال الصناعة, ويشكلون2.4% من مجمل عمال الصناعة, هذا الوضع سبب انخفاضا في إنتاجية الصناعة بنسبة 3.5% وفي ظل غياب سياسة حكومية, لسد الفجوات الاقتصادية بين النساء والرجال يسبب التباطؤ الاقتصادي تعميق الفجوات لغير صالح النساء العاملات. هذا ما يتبين من معطيات وزارة العمل والتجارة والصناعة, التي نشرت مؤخرا, وتظهر المعطيات قفزة حادة جدا في البطالة في العشرين سنة الأخيرة وتتوقع الوزارة أن تصل البطالة إلي 10% وهي نسبة لم تسجل منذ خمس سنوات.
هنا مربط الفرس:الاستيطان لايعرف نقصا بالميزانيات.
ومع ذلك مازال النشاط للبناء في المستوطنات مستمرا بحجة النمو الطبيعي, وقد كشفت القناة الثانية أن بعض البيوت غير مأهولة وتنتظر من يأتي من إسرائيل لشرائها. هناك استيلاء متواصل علي الأرض الفلسطينية, وتجريفها وتحضيرها لبناء شقق جديدة للبيع لمواطنين جدد(يهود بالطبع) يسكنون اليوم داخل الخط الأخضر.
وقد كشفت حركةالسلام الآن الكثير من خداع حكومات إسرائيل أيضا في فترة المتعاون معهم بوش الابن ومن المعروف حسب معطيات رسمية أن عدد المستوطنين تضاعف في السنوات الأخيرة ثلاث مرات(من 100ألف إلي300ألف).
بالطبع ميزانيات للاستطان وقمع الشعب الفلسطيني وقلع أشجاره وحرق مزروعاته, توجد دائما ميزانيات, حتي علي حساب فقراء اليهود…وعلي حساب النمو الاقتصادي…بعض التقديرات تقول إن إسرائيل صرفت في المناطق المحتلة, علي الاستيطان المشروع وغير المشروع ما يوازي ست ميزانيات كاملة للدولة, طبعا بدون ميزانيات الأمن المكرس حصة كبيرة منها لحماية الفاشيين في المناطق الفلسطينية المحتلة…وبات واضحا أن الجيش تحول إلي حارس علي حساب ميزانية الدولة حتي للمستوطناتغير المشروعة..ويغطي من ميزانية الدولة رفاق وزير الخارجية ليبرمان في اعتداءاتهم علي الفلسطينيين. السؤال الذي يتردد تلقائيا: هل حكومات إسرائيل, وخاصة حكومة نتنياهو, قلقة من الأزمة الاقتصادية ومن البطالة المتسعة, وتفكر بمنطق اقتصادي سليم, الذي يعني وقف الصرف علي الاحتلال, الذي سينتهي لا محالة…والصرف علي تشجيع الاستثمار ومحاربة البطالة داخل الخط الأخضر, ولا ينقضها المال, إنما علي رأس سلم أولوياتها الحفاظ علي الوضع القائم وتوسعته حتي يصبح واقعا؟!
هل حقا يدركون أن الشعب الفلسطيني إذا وصل لوضع لا يعد له ما يخسره, سيتبني, مجبرا أخاك لا بطل, طريق شمشموم الجبار عندما هتف وهو يهدم القصر:علي وعلي أعدائي يارب؟!.