جاءتني الأم تشكو حالة ابنها البالغ من العمر عشر سنوات,حيث تنتابه نوبات سرحان مصحوبة بإصفرار الوجه يبدو فيها مذهولا,وكأنه فقد صلته فجأة بالمحيطين به,ويسقط ما بيده من أشياء…وتستمر النوبة عدة ثوان,ثم يعود إلي مواصلة ما كان يقوم به من قبل,وكأنه شيئا لم يحدث!
أكدت الأم أن هذه النوبات تتكرر عدة مرات يوميا,حتي أصبحت عائقا إزاء تحصيله الدراسي وقدرته علي التركيز,مما أصاب الأم بالقلق,خاصة بعد أن تلقت من مدرسته تقاريرا تؤكد أنه مشتت الفكر ومتأخر دراسيا.
النوبة الصرعية الصغري
بالفحص الطبي النفسي للطفل أكد رسم المخ أنه يعاني من نوبات الصرع التي يكثر حدوثها بين أطفال المدارس الابتدائية,والتي تسبب في سرحان الطفل لعدة ثوان في كل نوبة,ويطلق عليهاالنوبة الصرعية الصغريويمكن علاجها والشفاء منها تماما إذا تم تشخيصها وعلاجها مبكرا.
أوضحت للأم أن هذا المرض يمكن علاجه بالأدوية مع ضرورة الانتظام في تناولها,وبادرت بعلاج الطفل نفسيا,مع التركيز علي تجديد الثقة بنفسه وتجنبه الإحساس بالنقص,وأرسلت تقريرا للمدرسة بعدم معاملته بقسوة حيث إنه تحت العلاج…وأوضحت أن هذه الأعراض ليست سرحانا من الطفل,بل هي نتيجة إصابة بعض خلايا المخ.
بالمتابعة والانتظام في العلاج وتوجيه الوالدين إلي كيفية معاملة الابن بالتشجيع وتفادي العقاب والعنف نهائيا تحققت نتائج طيبة,حيث اختفت النوبات نهائيا بعد عدة أسابيع,وأصبح الطفل قادرا علي الاستيعاب والدراسة والتفوق!
الواقع أن النوبة الصرعية الصغري,هي عبارة عن نوبات تصيب الأطفال دون البالغين,وتتلخص في غياب للشعور يصيب الطفل عدة ثوان,ولا يقع أثناءها علي الأرض,ولا يصاب بالتشنج,ولكنه يصاب بحالة يبدو فيها مذهولا,وحين يستأنف نشاطه السابق بعد ذلك لا يتذكر شيئا مما تعرض له أثناء النوبة…وهذه النوبات تأخذ الطفل علي غرة,فيتوقف عن تناول الطعام أو الحركة أو التركيز في المدرسة,ويحدق في الفضاء شاحبا الوجه,وقدترمسجفون عينيه,أو يسقط رأسه للأمام قليلا…ولكنه لا يفقد توازنه,بل يسقط ما بيده من أشياء…وتنتهي النوبة فجأة ليعود الطفل طبيعيا.
ونظرا لأن النوبات الصرعية الصغري وجيزة للغاية,فإنها قد تمر دون أن يلاحظها الوالدان أو المدرسون أو يعلق عليها الطفل ذاته.
وقد يصاب الطفل بعشرات النوبات الصغري في اليوم الواحد…وكثيرا ما تكون هذه النوبات مصحوبة بانتفاض بالعضلات وخاصة عند الاستيقاظ من النوم,وهذه الانتفاضات أشبه ما تكون بالتشنج الذي يحدث أثناء الصدمات الكهربائية.
وأخيرا…ينبغي علي الوالدين والمدرسين والمشرفات بدور الحضانة ضرورة معاملة الأطفال معاملة إنسانية خالية من التهديد والعقاب..مع ضرورة ملاحظة الأطفال جيدا لاكتشاف حالات النوبات الصرعية الصغري وعرضها علي الطبيب الإخصائي في مهدها للعلاج مبكرا.
أحمد حياتي