إنشاء جهاز إعلامي مستقل بات من أولويات المرحلة الراهنة في ظل مساحة الحرية والتغييرات الجذرية التي يشهدها المجتمع المصري بأكمله, ولا يخفي الدور الريادي للإعلام وقدرته علي التأثير بشروط الحيادية وتدقيق المعلومات والتواصل مع المصادر وسرعة الاستجابة والتواجد في موقع الأحداث إلا أن عودة وزارة الإعلام مرة أخري بعد إلغائها أخل بمطالبات الثوار, فهل عودة وزارة الإعلام قرار خاطئ سيتم تصحيحه أم قرار متسرع سوف تتم مراجعته بعد انتهاء الفترة الانتقالية؟
حول عودة وزارة الإعلام والمطالبة بإنشاء جهاز إعلامي مستقل علي غرار هيئة الإذاعة البريطانية وغيرها من الأجهزة الإعلامية بالعالم المتقدم, التقت وطني عددا من الخبراء ورجال الإعلام.
قرار متسرع
انتقد الإعلامي حمدي قنديل عودة وزارة الإعلام مرة أخري قائلا: أنا من المطالبين بإلغاء وزارة الإعلام وكان يجب اتخاذ إجراءات مختلفة لإعادة هيكلة النمط الإعلامي المصري بالإضافة إلي تنظيم المؤسسات التابعة للوزارة كاتحاد الإذاعة والتليفزيون وهيئة الاستعلامات ومكاتبها التي تزيد علي 30 مكتبا إعلانيا بالخارج بالإضافة إلي الصحافة القومية وما يتعلق بها من مشاكل يراد حسمها علي سبيل المثال ما يتعلق بالمجلس الأعلي للصحافة وإلغائه وما البديل, لذا فإن قرار عودة وزارة الإعلام قرار متسرع.
الأقرب للواقع
من جهته أكد د. سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق: بعد ثورة 25 يناير أصبحت مصر بحاجة إلي إعلام يعكس كافة الرؤي والتوجهات ويكون معبرا عن الواقع الحقيقي في المجتمع المصري, واستقلال الإعلام هو الأقرب للواقع ربما تشارك الحكومة بالهيئة المستقلة بأسهم شأنها شأن بقية المساهمين.
وانتقد عودة وزارة الإعلام فهي رمز للديكتاتورية والرغبة في فرض السيطرة والهيمنة علي الإعلام والدول الديموقراطية نجحت في التخلص من وزارة الإعلام.
عودة الوزارة ربما في الوقت الراهن وسيلة لمواجهة المشاكل التي تحيط بالإعلام الرسمي للدولة ولو فترة الحكومة الانتقالية حتي يعاد إلغاؤها مرة أخري لكني أطالب الوزارة الجديدة ألا تعمل علي كبت وقمع الحريات وفرض الشمولية كما كان في السابق.
للوزير مهمة مزدوجة
من جانبه أكد د. محمود علم الدين وكيل كلية الإعلام – جامعة القاهرة: عودة وزارة الإعلام ضرورية في الوقت الراهن نظرا لأن قطاع الإعلام الحكومي المتمثل في اتحاد الإذاعة والتليفزيون والهيئة العامة للاستعلامات وبعض الهيئات المرتبطة به مثل مدينة الإنتاج الإعلامي تعاني من مشكلات حادة إدارية وتكنولوجية وهذه المشكلات تتطلب مواجهة حاسمة خاصة فيما يتعلق بالأجور والحوافز واللوائح المالية لأن هناك أشياء عاجلة تستدعي المواجهة ووجود مسئول بصلاحيات وزير ولكن أمامه مهمة مزدوجة أن يواجه المشكلات ويبدأ في التطلع للمستقبل.
الملكية والإدارة
وقال صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة: إذا أردنا أن نحرر الإعلام بحيث يكون حرا تماما طبقا للمعايير الدولية فلابد من إعادة النظر في كل التنظيمات والقوانين التي تنظم الإعلام المملوك للدولة وهو إمبراطورية إعلامية تضم عشرات من القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف فضلا عن عشرات الصحف القومية وذلك بالفصل ما بين ملكية هذه الأجهزة والإدارة, أما تمويل هذا الجهاز فمن خلال الشركات المشاركة فيه سواءملاك شركات قاطع خاص أو مجتمع مدني, وهناك عدة قوانين لابد أن تصدر كقانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون وقوانين تنظيم الصحافة ونقابة الصحفيين وإصدار قانون إلغاء العقوبات القانونية السالبة للحرية في جرائم النشر وإصدار قانون لتداول المعلومات.
تمويل لا يؤثر
وقالت ماجدة موريس الكاتبة الصحفية: يجب أن نعترف جميعا أن التبعية التي كانت مفروضة علي اتحاد الإذاعة والتليفزيون لا تليق وكان عمله ضد الشعب, أما تمويل هذا الجهاز فيفترض أن يتم من خلال فرض ضريبة صغيرة علي المواطن بالإضافة إلي التمويل الحكومي بحيث لا تؤثر علي السياسة الإعلامية للجهاز كما هو معمول به في هيئة الإذاعة البريطانية BBC التي تقوم بتمويلها الحكومة البريطانية وفي نفس الوقت لا تمثل قيدا أو تأثيرا علي الرسالة الإعلامية.
العبرة بالسياسات
أضاف د. صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة: فكرة إنشاء جهاز إعلامي غير حكومي فكرة جيدة, ولكن العبرة بالسياسات لأنه من الممكن إنشاء جهاز غير حكومي ويكون متسلطا.
ولم تعد هناك جدوي من الرقابة علي الفضائيات لأن القنوات تعمل علي الأقمار الصناعية التي تتجاوز حدود الدولة, ونحن نحتاج لتأهيل وتدريب الإعلاميين علي كل معطيات العصر التكنولوجي التي تتيح نقل المعلومات بشكل فوري وسرعة نقل الأحداث.