مع حلول فصل الشتاء وعودة موسم هجرة الطيور, وانتشار مرض إنفلونزا الخنازير يبدو الهم واضحا علي المواطنين غير القادرين علي شراء الطيور واللحوم. وهذا يؤدي إلي الاتجاه إلي الأسماك التي يزيد الإقبال عليها فهل تفي ثروتنا السمكية باحتياجات المستهلكين؟ وماذا عن ارتفاع الأسعار؟
يقول د. محمد فتحي عثمان رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية: أثبتت أن أفضل مصدر للبروتين مقارنة بأنواع اللحوم الأخري هي الأسماك التي وصل حجم الإنتاجية فيها إلي 8 ملايين طن وخلال العشر سنوات السابقة تم تصنيف مصر رقم 11 من حيث تطور إنتاجها لكن هناك مشكلة تكمن في تكلفة الإنتاج مقارنة بسعر البيع النهائي, وهذا الوضع ليس في صالح الصيادين والتجار فالإنتاج السمكي من المصايد الطبيعية شبه ثابت.
وأضاف أننا نجحنا في إنتاج 43 كيلو بلطي في المتر المكعب في محافظة كفر الشيخ و108 كيلوجرامات في الفيوم.
وأكد المهندس محمد عادل منصور رئيس المجلس المصري للأسماك أن الأرقام تكشف عن حدوث طفرة شديدة في الإنتاج السمكي من خلال الاستزراع, وأن المجلس يتعاون مع دول ومنظمات عديدة في هذا المجال بالإضافة للجهات العلمية والمانحة.
كما استطعنا تمويل بعض الأبحاث الخاصة لزيادة الإنتاج, وحققنا مليون طن بالاستزراع السمكي من حجم إنتاج إجمالي مليون ونصف مليون.
إقبال شديد
أما الدكتور رمضان الشريف أستاذ الاقتصاد والإحصاء والخبير بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد فيري أن الثورة السمكية في مصر تأثرت بشكل كبير بسبب إنفلونزا الخنازير ومن قبلها إنفلونزا الطيور, وذلك لأن مزارع الدواجن أغلقت وتحول كل من يأكل لحوم الخنازير إلي اللحوم الحمراء, ونحن دولة ليست منتجة للحوم الحمراء, وبالتالي حدث تزايد للإقبال علي الأسماك وبالتالي زاد الطلب عن العرض. وهذا الوضع أدي إلي رفع المنتجين لأسعار الأسماك, كما اتجه بعض المنتجين لاستيراد الأسماك من الخارج سواء من تايلاند أو دول آسيا الشرقية لأن الإنتاج المصري لا يسد فجوة الطلب. وأضاف أن المزارع السمكية كانت بمثابة المنقذ للأسر المصرية التي لا تستطيع دفع أسعار اللحوم الحمراء.
نمو في الثروة السمكية
يختلف الدكتور مجدي توفيق أستاذ البيئة بكلية العلوم جامعة عين شمس مع الرأي السابق فيقول: السمك هو البروتين الذي لم يزيد سعره في الفترة السابقة علي عكس اللحوم, وذلك لزيادة الإنتاج, حيث زاد إنتاج المزارع السمكية منذ عام 98 حتي عام 2008 إلي حوالي 600 ألف طن وهو يمثل 63% من إنتاج السمك في مصر, كما شهدنا في الفترة الأخيرة التنوع في طرق الاستزراع وكان أهمها الاستزراع المكثف الذي يمكن أن يعطي حوالي 100 كيلو في المتر المكعب, أما بالنسبة للموارد الطبيعية للأسماك خاصة البحيرات فقد انخفضت لحوالي 35% خلال العشر سنوات السابقة نتيجة لتجفيف أجزاء كبيرة من البحيرات وزيادة نسبة التلوث الذي قضي علي أنواع كثيرة من الأسماك واصطياد الذريعة الطبيعية من هذه البحيرات ولذلك فإن هيئة الثروة السمكية بالتعاون مع الاتحاد والجمعية المصرية لتنمية الثروة السمكية بكلية علوم جامعة عين شمس دعت لوضع خطة لتنظيم إدارة المصايد في البحيرات الطبيعية, وتمت ممارسة زراعة الأسماك داخل بعض البحيرات مثل بحيرة وادي الريان وبحيرة المنزلة. وجاء ذلك بعد انهيار الثروة الداجنة نتيجة إنفلونزا الطيور وعزوف كثير من المستثمرين عن إقامة مزارع للدواجن, مما أضطر الدولة إلي استيراد كميات كبيرة بأسعار مرتفعة مما زاد من أسعار اللحوم الحمراء ولولا الثروة الهائلة في استزراع الأسماك في مصر لكانت هناك فجوة كبيرة ونقص شديد في البروتين الحيواني.
يقول المهندس هاني عطية مستثمر في هذا القطاع إن الجديد في الاستزراع السمكي في مصر يتمثل في دخول تلكنات مستوردة لتربية جميع أنواع الأسماك داخل المزارع أو الحدائق سواء داخل الفيلات أو المنازل حيث يعاد استخدام المياه في ري المزروعات والأشجار
وأضاف عطية أن المتر المكعب من المياه يمكن أن ينتج30 كيلو من الأسماك خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر بتكلفة 4.5 جنيه للكيلو الواحد وفروق الأسعار تكون ربعها للمستثمر, وتتمثل التكلفة في ثمن الزريعة الأسماك الصغيرة والعلف.
ونأمل في إحداث طفرة في إنتاج الأسماك, وذلك بأن يكون عند كل مزارع تانك كمصدر للمياه والري, فينتج طن ونصف في ري الفدان الواحد.
ويذكر الدكتور محمود حسن رئيس قسم علوم البحار بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء أن تطور وزيادة الاستزراع تم رصدها بالقمر الصناعي مشيرا إلي أن صور الأقمار الصناعية تبين درجة حرارة المزارع السمكية من خلال كود كل مزرعة والمعلومات المخزنة بها.