وقع الكثير من الأحداث خلال الفترة التي بدأت في 25 يناير, فمع خروج المظاهرات المطالبة بالتغيير وفي ظل هذا الكم الهائل من الأخبار والبيانات والمعلومات التي تطورت بشكل متصاعد إلي أن تنحي الرئيس كان يجب علي وسائل الإعلام من قنوات إخبارية وصحافة تغطية ما يحدث في الشارع المصري ونقله إلي الشعب بكل حيادية وموضوعية ليعرف ما يدور من حوله… ولكن ظهرت بعض الأخبار المتناقضة والمغلوطة التي أخفت حقائق الأمور, هذا وقد أعلن عدد كبير من الإعلاميين المصريين في بيان أصدروه موخرا باسم البيان التأسيسي لحركة ماسبيرو ..2011من أجل إعلام وطني مهني ومستقل عن عدم مسئوليتهم عن معالجة أخبار أحداث 25 يناير كما تبرأوا من معالجة أجهزة الإعلام الحكومي المصري لهذه الأحداث وما بعدها… وأدانوا بشدة الحالة المفرطة من انعدام المهنية التي اتسمت بها هذه المعالجة.
لذا وجب علينا أن نعرف آراء الشباب حيال هذا الموضوع وما مدي مصداقية الإعلام في ظل هذه الأيام التاريخية.
يري أحمد العربيمحافظة قنا 21 سنةأنها حالة طبيعية يمر بها الإعلام المصري في هذه الفترة لأنه لايوجد خطوط اتصال قوية بين أطراف اللعبة السياسية… لذا وجدنا انعداما للمصداقية, أما عن كيفية معرفته للأخبار الصحيحة قال العربي إنه يأخذ الأخبار الأكثر تكرارا من وسائل الإعلام ومن زملائه في ميدان التحرير ليتأكد من مصداقية الحدث… قالت ماريان نخلة23 سنةإنه لايوجد مصداقية لدي وسائل الإعلام الحكومية وقد حدث تحريف للأخبار منذ اندلاع المظاهرات في الشوارع وعدم نقلها بالصورة الصحيحة وذلك ربما لعدم تخويف الشعب,ولكني أري عندما تنقل الأخبار بشكل واضح سوف يجعل الناس تعرف ماذا يحدث وتعرف أيضا الواجبات والحقوق الواجبة عليهم… وفي ظل تضارب الأخبار بين القنوات الإخبارية أصبحت لا أعرف من أصدقه ومن أكذبه فحدثت لي حالة من الصدمة لأنه من حقي أن تصلني المعلومة بمصداقية وحياد تمام وفي أثناء تصاعد الأحداث كنت أتوصل للأخبار الصحيحة من زملائي في التحرير ومن موقع الفيس بوك- بعد عودته من الانقطاع- لأني أريد الموضوعية وكان عندي يقين تام واقتناع من بداية الثورة بمطالبها رغم الأخبار المغلوطة ,أضاف طارق الدميري23 سنةأن المصداقية بالنسبة له كانت علي أرض ميدان التحرير فهي الحقيقة الملموسة لأن ما شاهدته في القنوات الإخبارية غير الموجود في الواقع ووسائل الإعلام الحكومية حاولت في النهاية أن تنقل ما فرضته الثورة لتكسب ثقة المشاهد المصري وطالب أن يكون الإعلام مستقلا غير تابع للدولة وأقول إن الشعب المصري في النهاية هو من صنع الإعلام وليس العكس.
عادل ميلاد28 سنةقال:إن مصداقية وسائل الإعلام نسبية بمعني أن التليفزيون الحكومي حاول أن يجمل النظام ويعطيه أكبر من حجمه حتي يلقي استحسان المسئولين, في حين نجد القنوات الخاصة المصرية تحاول أن تتسم بالحياد والموضوعية, ولكن ليس كل مقدمي البرامج الحوارية كذلك فهناك من كان يفرض آراءه الشخصية أو ينحاز إلي بعض الآراء الأخري… وهناك أيضا بعض القنوات الإخبارية التي لها أجندات خاصة كانت تنقل الأحداث من خلال وجهة نظرها في حين كان هناك بعض القنوات التي أجمع عليها كثيرون بأن لديها المصداقية والحيادية في نقل الأخبار ليس فقط في هذا الحدث… وبالنسبة لتضارب الأخبار وبالأخص عن معتصمي التحرير فأنا قررت أن أذهب بنفسي وأري لكي أعرف الصح من الخطأ لأن هناك بعض المعلومات الخاطئة التي وصلتني وصححتها بذهابي إلي الميدان,وأتمني أن يكون هناك إعلام مصري يعتمد علي الشفافية ومن المفترض أن يكون لديه ثقة الشعب.
أما الدكتور فوزي عبد الغنيعميد كلية الإعلام بجامعة فاروس بالإسكندريةأوضح أن القنوات الفضائية المتعددة والإنترنت ساعدت علي حدث زخم من المعلومات التي لاتستطيع التحقق من صحتها ونري أن تحليل وسائل الإعلام قد لايكون صحيحا نتيجة حالة البلبلة التي عمت الأجواء في هذه الأحداث… ولكن الذي كان في التحرير ثورة بكل المقاييس علي المستوي العملي والنظري, وهناك جانب آخر حيث تسارعت وسائل الإعلام علي فكرة من يحصل علي المعلومة الجديدة أولا حتي وإن لم يكن تم التأكد منها ورغم أن الإعلام له الفضل في نقل الأخبار والمعلومات ولكنه أحدث بلبلة حول صدق الخبر نفسه, وهنا يحاول المتلقي أن يعرف من خلال تنقله بين أكثر من مادة إعلامية أين تكمن الحقيقة وكان لهذا الإعلام جهدا كبيرا في تغطية الأحداث.
أما الدكتورة هويدا مصطفي الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرةفتقول التليفزيون المصري كان في الفترة الأولي لنشوب المظاهرات يهتم بعرض الحدث دون معرفة أبعاده وحكمته فلسفته الحرص علي الأمن القومي وتهدئة للرأي العام وهذا خلق عدم المصداقية, ولكن استمرارها بهذه السياسة كان صعبا,فبدأت في وقت متأخر الاهتمام بنقل نتائج الثورة لما حققته من نجاح… وتضيف د. هويدا:كنا نأمل تغطية متوازنة من البداية ولايجوز أن نري ما يجري في مجتمعنا من خلال وسائل إعلامية أخري… وهنا تظهر كيفية إدارة الأزمة مع الاحتفاظ بالمهنية وتلبية رغبة الجمهور في نقل الأخبار الصحيحة, والشباب حاول معرفة الأخبار الصحيحة عن طريق اتصالهم ببعض ونزولهم أرض الواقع وتصوير بعضهم البعض,وهذا يعبر عن فقدهم للثقة في الإعلام الرسمي كنا نتمني مراسلين أكثر في مواقع الأحداث ومقابلات مع شباب من ميدان التحرير,ولكن هذا حدث مؤخرا وكان يلزم الدقة والمتابعة المباشرة.
وفي النهاية نريد أن نري إعلاما جديدا كما يتمناه الشعب المصري وأن يعرف الجميع مصداقية الأخبار كما هي من واقع الحدث بلا تجميل أو تكلف وقد أجري المجلس القومي للشباب استطلاع رأي لمعرفة رأي الشباب حول قيام الإعلام الوطني القومي بدوره في الوصول للمتظاهرين المشاركين في مظاهرات الغضب التي شهدتها مصر… وكشف الاستطلاع الذي حلل رؤية المواطنين المصريين حول موقف الإعلام الرسمي من المتظاهرين, وإذا ما كان الإعلام قد قام بدوره الحقيقي في توصيل مطالب المتظاهرين أن الأغلبية الذين تجاوزات نسبة تصويتهم الـ77% أكدوا أن الإعلام الرسمي فشل في الوصول للمتظاهرين وفي توصيل مطالبهم الحقيقية للمسئولين وأن نسبة قليلة لم تتجاوز الـ23% اعتبروا أن الإعلام الرسمي أدي دوره في توصيل رسالة المتظاهرين.