عندما تدخل الجامعة الكندية بالقاهرة تجد لافتة كبيرة متصدرة المبني مكتوب عليها باللغة الإنجليزية مايعني أن من يضبط مدخنا داخل الجامعة سيعاقب بالفصل من الجامعة لمدة أسبوع !!
لم يكن الأمر مجرد شعارات وإنما احتفلت الجامعة بمرور ثلاث سنوات علي إعلان الجامعة بلا تدخين في مهرجان حضره مجموعة من الشخصيات العامة منهم الفنانة حنان ترك, كابتن نادر السيد, الفنان إيهاب فهمي والفنان طارق دسوقي والإعلامي علاء بسيوني والداعية مصطفي حسني والداعية شريف شحاته ودكتورباسم يوسف.
وألقوا كلمات للطلاب لتشجيعهم علي الاستمرار في مكافحة التدخين ومنعه داخل أسوار الجامعة مما يساهم في مساعدة كل مدخن علي الإقلاع بشكل نهائي سعيا لتحجيم ممارسة تلك العادة السيئة كما طالبوا من الشباب باستكمال مسيرة التغيير بعد الثورة لتشمل كافة السلوكيات السلبية من أجل مستقبل أفضل.
بدأ المهرجان بمسيرة للنجوم مع حملهم لافتات للتغير في السلوكيات تحمل أمنيات للتغيير لحياة بلا تدخين و حياة بلا فتنة أوتعصب وحياه بلا سلبيه…
عندما تلقيت الدعوة لحضور هذا المهرجان من جمعية حياة بلا تدخين تساءلت ولماذا الجامعة الكندية بالذات ففي القاهرة ثلاث جامعات مصرية حكومية بها عشرات الآلاف من الطلاب المصريين المحتاجين لمثل هذه الدعوة؟. وهل الطلاب في الجامعة الكندية والذين ينتمون إلي طبقات ثرية في المجتمع المصري أكثر استجابة لدعوة الإقلاع عن التدخين؟
تبددت أسئلتي بمجرد دخول الجامعة الكندية لحضور الاحتفال فالانطباع الأول كان اهتمام الجامعة بالبيئة والذي لم يظهر فقط في المساحات الخضراء وإنما امتد تصنيف سلال القمامة- الأنيقة- إلي مخلفات عضوية وأخري غير عضوية.
ولكن لماذا الجامعة الكندية؟ قالت منسقة التسويق الإلكتروني لجمعية حياة بلا تدخين ياسمين صلاح: الجمعية قامت بأنشطة كثيرة للتوعية بمخاطر التدخين في جامعة القاهرة وعين شمس وحلوان وفي النوادي وفي كافيهات الإنترنت لإقناع الشباب بخطورة التدخين وبأهمية الإقلاع عنه وكانت لنا مداخل كثيرة سواء من الناحية الطبية أو الدينية أو الرياضية وتعاون معنا العديد من الفنانين والدعاة ونجوم الكرة والأطباء وكنا نختار منهم شخصيات محبوبة لدي الشباب وكانت الفنانة حنان ترك مثلا تحكي لهم تجربتها مع التدخين وكيف نجحت في الإقلاع عنه.
وأضافت أننا نجحنا في الكافيهات مثلا في فصل أماكن للمدخنين عن مرتادي المكان من الشباب ويكون ذلك مقابل نشر إعلانات مجانية لهم علي النشرات والمطبوعات الذي نوزعها علي الشباب في أماكن مختلفة
إلا أن الجامعة الكندية تفاعلت أكثر مع القضية عندما فرضت عقوبات علي الطلبة المدخنين بل منعت التدخين نهائيا داخل الحرم الجامعي سواء للطلبة أو الأساتذة علي حد سواء وامتد الأمر ليشمل أيضا الموظفيين الإداريين واحتفلت للعام الثالث علي التوالي أنها جامعة خالية من التدخين.
عندما التقيت مع أستاذة الكمبيوتر بالجامعة دكتورة هالة بدر تأكدت توقعاتي أن القضية أشمل من الإقلاع عن التدخين فقالت: علي مدار ثلاث سنوات نقوم بتوعية بيئية وصحية شاملة لأن أكبر مشكلة أمام الثقافة المصرية أنها لاتنظر إلا تحت اقدامها وفكرة الحفاظ علي البيئة تعتبرها دربا من الرفاهية فنحن في الجامعة نقوم بإطفاء كل الأنوار في الجامعة ونطلق عليها ساعة الأرض ونحاول إعادة صياغة عقول الطلبة لنثير اهتمامهم بالبيئة وأن يكون لهم دور إيجابي في المجتمع وبالفعل ينزل الطلبة إلي بعض المناطق الفقيرة والمهمشة في القاهرة ويقومون بتوعيتهم ويساهمون في حل مشاكلهم.
وأضافت أن طالب الجامعات الخاصة في الغالب ليس لديه ضغوط ومشاكل قهرية وبالتالي عنده من الوقت مايمكن استثماره في خدمة المجتمع ولحمايته من الانحرافات التي تنتج عن الفراغ والرغبة في شغل الوقت بأي شكل فشعور الشاب بأن له دور في المجتمع يجعله لاينجرف في عادات ضارة منها التدخين.
كما أشارت إلي أن أهم مدخل في تشجيع الطلبة علي عدم التدخين هو تاثير الأصدقاء فكلما شكل غير المدخنين والمقلعين عن التدخين كتلة كلما جذبوا لهم آخرين وتأثير الشباب علي بعضهم ظهر بوضوح في ثورة أطاحت بالنظام ويمكننا فهم هذه السيكولوجية ليطيحوا بكل سلوك سلبي.
أما عن الجمهور المستهدف وهم الطلبة فقال مازن مدحت- ثالثة محاسبة بصراحة أنا مازلت متوترا من منع التدخين داخل الجامعة فمنذ أن التحقت بها في سنة أولي كلما أردت أن أدخن فأخرج من الحرم الجامعي خارج السور نهائيا ورغم أن لسان حالي يقول في كل مرة إيه النكد ده إلا أنني في الواقع لم أعد أدخن طول اليوم الدراسي الذي يبدأ من التاسعة صباحا وحتي الثالثة عصرا سوي ثلاث أو أربع سجائر- لأنني في كل مرة أخرج من الجامعة- بعد أن كنت أدخن علي الأقل نصف علبة في هذه الفترة.
هي حاجة نكد هكذا قال الطالب وليد العطار في انطباعه عن منع التدخين في الجامعة ولكنه أضاف مايوضح نجاح التجربة فقال: الوقت بين المحاضرات دقائق قليلة لاتكفي أن أخرج من الحرم الجامعي لكي أدخن سيجارة وأعود ويكفي الوقت بالكاد أن أتناول ساندويتش في فناء الجامعة بصراحة نجحوا في منعنا من التدخين بالعقوبات وليست فقط بالفصل أسبوعا ولكن أيضا بغرامات مالية.
ومن الطرائف ماقالته إحدي الطالبات أن البنات الآن أصبحن تشترطن أن يكون العريس غير مدخن بعدما عرفنا حجم الآثار السلبية علي غير المدخنين نتيجة التدخين السلبي وبنقول للشباب (كده في وشهم)… وإذا لاحظتم أبواب البحث عن شريك حياة مناسب في وسائل الإعلام أوالإنترنت ستلاحظون أن نسبة كبيرة من الشابات تشترط عدم تدخين عريسها.
وبالطبع غير المدخنين هم الأكثر تهللا بجامعة خالية من التدخين حتي لايدفعون من صحتهم ضريبة فاتورة لاذنب لهم فيها.
[email protected]