عاد الهدوء لقرية صول بمدينة أطفيح بعد بدء إعادة بناء كنيسة الشهيدين وعودة سكان القرية الأقباط لمنازلهم بعد تهجيرهم عقب أحداث الاعتداءات التي تعرضوا لها يوم الجمعة4 مارس الجاري, وكانت الجهود الشعبية نجحت بالتضامن مع القوات المسلحة في احتواء الأزمة بعقد أكثر من جلسة صلح بالقرية قبل استرجاع الكنيسة مرة أخري واستعانت القوات المسلحة ببعض الدعاة أمثال الشيخ عمرو خالد ومحمد حسان لمخاطبة الشباب بشأن تحريم هدم الكنائس وبعدها عقدت جلسة صلح بين كبار العائلات من الجانبين لتوقيع صلح وإدانة الاعتداء علي دور العبادة ثم قامت بعدها القوات المسلحة بإخلاء الكنيسة ورفع الأنقاض وإدخال مواد البناء لإعادة ترميم ما تم هدمه ورفضت القوات المسلحة الاستعانة بمهندسين أرسلتهم مطرانية الجيزة للإشراف علي البناء, كما تم رفض فكرة هدم المبني وإعادة بنائه من جديد واستعان الجيش بأقباط القرية لإرشادهم علي وضعية استخدام غرف المبني لإعادتها كما كانت عليه قبل الاعتداء…
انتقلت وطني لرصد الأجواء داخل قرية صول وبدء الأعمال وقامت بمتابعة أوضاع الأسر القبطية.
بدأت القوات المسلحة القيام بأعمال إعادة ترميم الكنيسة ومبني الخدمات يوم الأحد الماضي حيث توجهنا إلي القرية بصحبة مجموعة من شباب اتحاد ثورة 25 يناير وبعض الشباب القبطي الذي كان يعتصم أمام ماسبيرو وعند قرب وصولنا إلي مدخل القرية رصدنا اللافتات المعلقة بعرض الشوارع التي ترحب بضيوف القرية, وتؤكد وحدة الوطنمسلمين وأقباط يد واحدة وسارت السيارة مسافة ثلاثة كيلو مترات إلي داخل القرية حيث موقع الكنيسة وعند وصولنا رصدنا مدرعتين للجيش في أول شارع الكنيسة والعديد من أفراد الجيش يضعون الحواجز الأمنية التي تغلق الشارع, ويقف بعض الجنود أعلي مبني الكنيسة بسلاحهم, بينما كان يعمل آخرون برفع الأنقاض من داخل المبني ورفعها علي سيارات لنقلها خارج القرية. وكان مشهد المبني يظهر عليه التدمير الكامل في جميع أجزائه وآثار الحريق الأسود علي بعض أجزاء من جدرانه حتي إن السقف المسلح تم هدمه ولم يتبق به سوي الأعمدة ويظهر أمام الكنيسة بعض المنازل دون أبواب أو نوافذ, ويبدو أنه تم نهبها كاملة وهي منازل بعض أقباط القرية الذين عادوا إليها في وقت متأخر بعد هدوء الأوضاع..
استقبلنا قادة الجيش بالقرية وتجولنا معه داخل المبني ورفع اتحاد شباب الثورة لافتات تؤكد وحدة المسلم والمسيحي,وهتف الشباب داخل الشارع الذي به الكنيسةمسلم مسيحي يد واحدة ثم قام بعض شباب اتحاد ثورة 25يناير بمساعدة أفراد الجيش في رفع الأنقاض تأكيدا علي رفض هذه الجريمة التي استهدفت دار العبادة وترويع المواطنين الأقباط, وطالب شباب اتحاد الثورة سكان القرية عدم الالتفات للشائعات المغرضة وأنهم لابد من الحفاظ علي وحدتهما والتصدي لمحاولات إثارة الفتنة بين أبنائها مرحبين بعودة الهدوء للقرية.
السلام يعود!!
حاورتوطني بعضا من الأقباط والمسلمين ففي البداية تحدث معنا الشيخ محمد ياسين وكيل بالتربية والتعليم وإمام مسجد بالقرية, وأكد أن الأوضاع عادت للهدوء بعد خطب الأئمة وأن ما حدث من اعتداءات لم يكن مقصودا لأن الشباب دخل الكنيسة للبحث عن الشاب المسيحي الذي كان علي علاقة بسيدة مسلمة وبعد موت شخصين, ولكن ثارت الفوضي بعد تدخل أشخاص غرباء عن القرية من مناطق مختلفة, وجاء أشخاص من الشرقية والغربية وقاموا باستغلال الموقف والتحريض علي عدم بناء الكنيسة بعد هدمها مشيرا إلي أن ما حدث لايعبر ولا يمثل جميع أهالي القرية لأن أهالي القرية المسلمين هم من قاموا بحماية الأقباط وأخرجوا كاهن الكنيسة دون أن يمسه أحد, ولكن هناك بعض الشباب المتعصب جلسنا معه وأكدنا ضرورة حماية الأقباط وإعادة الأهالي الذين تركوا منازلهم ونجحنا في توعيته بحقيقة وأصول القيم والدين اللتين تقومان علي احترام الآخر.
المتضررون ينتظرون!
قال عيد سعيد من أقباط القرية: الهدوء يسود القرية وتم استئناف العمل في الأنشطة والمدارس بينما يواصل الجيش أعماله في إعادة ترميم الكنيسة ومبني الخدمات, حيث تم الانتهاء من ترميم مبني الخدمات وبناء الحوائط والجدران بالدور الأول بالكنيسة مشيرا إلي أن جميع الأسر عادت إلي القرية وتمارس أعمالها عدا أربع أسر الذين يقطنون أمام الكنيسة بعد سرقة منازلهم ونهب ما بها وتنتظر إعادة أعمارها للعودة للمنازل مضيفا أن هذه الأسر متواجدة بالقرية لدي أقاربهم, وتمني سعيد السلام للقرية والبعد عن أحاديث الخرافة التي من شأنها إثارة الأوضاع.
لا للسحر والشعوذة
أكد نبيل صبحي من سكان القرية الأقباط: الموضوع الآن أصبح هادئا بدرجة كبيرة بعد عودة الأقباط واستمرار العمل في بناء الكنيسة, ولكن مازال هناك بعض التخوف من الأقباط والإحجام عن شراء منتجات منهم بعدما تم ترويجه من شائعات حول السحر والشعوذة التي روجها المعتدون علي الكنيسة عندما أشاعوا أن الأقباط يقدمون علي عمل سحر وأعمال تجعل الرجال المسلمين يطلقون زوجاتهن, وأن الأعمال أيضا تمنع من الإنجاب لديهن, ولذا يقوم البعض بتحريض أهالي القرية بشراء أي شئ من الأقباط بحجة أنهم يضعون أعمالا وسحرا بها مما أدي لكثير منهم قطع التعاملات التجارية مع الأقباط.
أضاف نبيل بقوله: المعتدون يجهلون ثقافة الآخر فهم وجدوا أوراقا مكتوبة باللغة القبطية فخيل لهم أنها أعمال سحر, أما بشأن الملابس النسائية التي وجدت بغرف مبني الخدمات فهي ملابس يتبرع بها أصحاب الخير للفقراء وإخوة الرب وللفتيات اللائي يتم تجهيزهن للزواج وتقوم الكنيسة بتوزيعها في مواسم الأعياد, أما بشأن الخمر التي تم الترويج لها فهي زجاجات اباركة التي تستخدم في القداس الإلهي كطقس كنسي.
الأئمة والتوعية
قدم حسني عياد أحد سكان القرية من الأقباط الشكر لبعض العائلات بالقرية مثل عائلة البحراوية والحسينية لمساندتهما للأقباط وحمايتهما من الاعتداءات التي وقعت عليهم وحماية كاهن القرية وحماية بعض المنازل من النهب والسرقة, وأشار إلي أن ما حدث بالقرية شئ مفزع لتدمير أعمالهم وتجارتهم بسبب ترويج شائعات السحر والشعوذة, مؤكدا أن هذا ليس من سماتهم وأن كل شخص يؤمن بالله لا يؤمن بهذه الخرافة, واستكمل عياد قائلا: الأوضاع تم السيطرة عليها بعد تدخل الأئمة والمشايخ المستنيرة لإقناع الشباب بالعدول عن أفكارهم ببناء مسجد بديلا للكنيسة والتحذير من الفتنة الطائفية وتأكيد وحدة الوطن جميعا كمصريين في وطن واحد.
وطالب عياد بضرورة إعادة الانتشار الأمني بالقرية لحماية أية محاولات مغرضة لإثارة الأوضاع, كما طالب بضرورة القبض علي الجناة والمتورطين في هذه الأحدات حيث لم يتم القبض علي أي شخص رغم أن القوات المسلحة وعدت بتقديم الجناة للمحاكمة وتحقيق العدالة مطالبا بضرورة زيادة حملات التوعية بالقرية لتخفيف حدة الاحتقان داخل القرية التي تبدو واضحة في المعاملات والمقاطعات والترصد لأية أخطاء أو أية كلمات لإثارة الوضع.
قال عبد الوهاب محمد أحد سكان القرية: الإسلام يوصي بحماية الأقباط وأن الدين يقول من آذي ذميا فقد آذاني وأن الإسلام يؤمن بجميع الأديانولا يؤخذ غيرهم بذنب آخر مشيرا إلي أن ما حدث لايعبر عن الأغلبية وأن هناك أشخاصا غرباء من محافظات مختلفة تدخلوا في الأحداث لإثارة الأوضاع وتم طردهم وأنهم أخذوا عهدا علي أنفسهم عدم الحديث عن الماضي والعلاقات بدأت في العودة مرة أخري ولاتوجد أية مخاوف من التعامل مع الأقباط في عملية الشراء والبيع لأننا جميعا مصريون, وأن أئمة المساجد والشيخ أحمد ياسين إمام المسجد أكدوا حقوق الأقباط في حمايتهم من العدو الخارجي أو الداخلي واحترام شعائرهم وهذا ما يتم نشره بين أبناء القرية وطي صفحة الماضي بكل ما فيها.
رفات القديسين
قال القمص بلامون كاهن كنيسة الشهيدين بالقرية: الجيش يواصل أعمال البناء والترميم بالكنيسة ويتابع أعمال البناء معهم القمص إسحق لبيب بعد رفض الجيش إشراف مهندسين من المطرانية علي أعمال البناء, وقال القمص بلامون: الكنيسة أدلت بأقوالها أمام النيابة بشأن الأحداث وتم الرد علي ما روج بشأن أعمال السحر مؤكدا أنهم لا يعلمون أي شئ بشأن هذه المزاعم وأن الكنيسة بيت الله لا يمارس فيها سواء عبادة الله ورفع المطالب للخير والسلام للبشرية والحفاظ علي مصر وشعبها وتساءل هل يعقل أن بيت الله المفتوح للجميع تمارس فيه مثل هذه الأشياء التي ربما قام أحد المعتدين بوضعها لإثارة الفتنة, كما أن الأوراق باللغة القبطية خيل للبعض أنها أعمال وسحر.
وأضاف أن الكنيسة استعادت رفات جسد الشهيد مارجرجس الروماني من ضمن سبع رفات سرقت أثناء الاعتداء, حيث وجد رفات جسد الشهيد ملقه بأحد شوارع القرية وتمني عودة الرفات الأخري وبعض المقدسات التي سرقت من الكنيسة, كما تمني أن ينتهي الجيش من أعماله حتي يتسني للأقباط الصلاة في الكنيسة ليلة عيد القيامة المجيد.
أشار القمص بلامون إلي أن السلام عاد للقرية بفضل العقلاء من كبار أهالي القرية وحسن الخطاب الديني من الأئمة, وأنه يشكر الله للحفاظ علي سلامة القرية وأبنائها مسلمين وأقباطا داعيا نبذ كل تعصب وكراهية وطي الماضي والتأكيد علي وحدة المصريين حتي يتم تجاوز الفترة التي تعيشها مصر, بعد الثورة الناجحة مطالبا التصدي لكل محاولات من الثورة المضادة لعرقلة إنجازات ثورة 25يناير, وقدم شكره لجميع الأطراف التي ساهمت في عودة الاستقرار للقرية وتوحيد أبنائها مسلمين وأقباطا ضد الفتنة وقدم شكره لمسلمي أطفيح لحماية كنيسة دير الرسل أثناء هذه الأحداث.
تحقيقات النيابة
ومن ناحية أخري,وافق محمد فؤاد مدير نيابة الصف بمحافظة حلوان علي إرفاق C.V يحوي لقطات فيديو أثناء قيام مواطنين بمهاجمة الكنيسة وهدمها وكان مينا كمال كامل محامي أقباط قرية صول بأطفيح طلب تفريغ تلك اللقطات وضبط من فيها بمعرفة وحدة البحث الجنائي لمركز أطفيح.
كما استمع محمد فؤاد مدير النيابة لشهادة اثنين من شهودة الواقعة اللذين شاهدوا واقعة هدم الكنيسة ومن المنتظر أن تستمع النيابة لعدد آخر من شهود الواقعة.
وكان مينا كمال تقدم بطلب للنيابة العامة بالصف بطلب بضم المادة الإعلامية التي تمت إذاعتها بالتليفزيون المصري والخاصة بأحداث كنيسة الشهيدين بقرية صول التي تمت إذاعتها في عدد من البرامج منها برامجمصر النهارده ومن قلب مصر حيث تضمن البرنامجين بعض المداخلات التليفونية لأفراد يقرون إقرارا ضمنيا بتواجدهم في محل الواقعة كأن يبدأ الحديث بالقول…وإحنا جوه عثرنا علي, وعو ما اعتبره الدفاع اعترافا ضمنيا بالضلوع في مهاجمة الكنيسة وطالب بضبطهم سريعا والتحقيق معهم وتوجيه الاتهامات المذكورة في التحقيقات إليهم.
كما أشار كمال لتضمن تلك البرامج للقاءات مع بعض المسئولين مثل محافظ حلوان الذي قال أنا قاعد مع بعض العائلات وفيه ناس كانوا رافضين الكنيسة تتبني..وإحنا بنحاول نقنعهموقال الدفاع أن هؤلاء الرافضين ما هم إلا المحرضون علي الواقعة أو المخططون لها أو المنفذون مطالبا بسرعة ضبطهم…وحدد الدفاع الحلقات المطلوب تضمينها للتحقيقات بكافة الحلقات منذ وقوع الحادث في يوم 4مارس 2011 حتي التقدم بالطلب…
تعليق الاعتصام
وعقب بدء الجيش في بناء الكنيسة والاستجابة لمطالب المعتصمين أمام ماسبيرو أعلن المعتصمون تعليق اعتصامهم حتي يوم 25 مارس لحين متابعة مدي الاستجابة والاستمرارية في الاستجابة للمطالب حيث تم تلبية بعض من مطالبهم ومنها, إعادة الكنيسة وبدء البناء, وعودة الأقباط للقرية, والقبض علي الجناة, والتحقيق في الأحداث, والإفراج عن القس متاؤوس, والتأكيد علي السماح ببناء مطرانية مغاغة والعدوه والوعد بالإفراج عن تاسوني مريم. ورغم رحيل معظم المعتصمين إلا أن بعض الشباب رفض فض الاعتصام حتي تتحقق المطالب الأخري وتأكيد مواطنة الأقباط فتدخل الجيش بفض الاعتصام بالقوة مما أسفر عن إصابة 15 قبطيا وإخلاء المعتصمين.