أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنها لا تلتزم بتنفيذ أي قرار يخالف تعاليم الكتاب المقدس.جاء هذا في أعقاب صدور حكم المحكمة الإدارية العليا مؤيدا لحكم محكمة القضاء الإداري بإلزام قداسة البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس بإعطاء تصريح بالزاوج الثاني لأحد المطلقين,مما أثار مشاعر الغضب لدي الكنيسة وجموع الأقباط الذين يرون أنه لا يجوز للقضاء مراقبة أعمال السلطة الدينية المتعلقة بالأمور الدينية والمرتبطة ارتباطا وثيقا بتنفيذ تعاليم الكتاب المقدس مثلالأسرار السبعة المقدسة ومن بينهاسر الزيجة.
صرح قداسة البابا تعليقا علي هذا الحكم:إنه غير ملزم للكنيسة لأنه يخالف تعاليم الإنجيل المقدس,وجاء معتمدا علي لائحة1938 وهي لائحة مرفوضة من الكنيسة,وقد أجمعت كل الكنائس المسيحية علي مشروع جديد للأحوال الشخصية وقع عليه كل رؤساء الكنائس,وتقدمت به الكنيسة لوزير العدل منذ أكثر من ربع قرن-سنة1980-ثم أعدنا تقديمه منذ عشر سنوات-سنة1998-كطلب وزير العدل وقتئذ,ولكنه لم يأخذ مساره الطبيعي حتي الآن بعرضه علي السلطة التشريعية ليصدر به قانون يعالج كل مشاكل الأحوال الشخصية للمسيحيين بما يتفق وتعاليم الإنجيل وعندئذ سوف تتطابق أحكام القضاء مع أحكام الكنيسة,وكل الأمل في أن يتحول المشروع إلي قانون يصدر في أقرب وقت حسما للأمور.
أشار نيافة الأنبا إرميا سكرتير قداسة البابا إلي أن الكتاب المقدس هو دستور الكنيسة وتعاليمه وأحكامه هي المصدر الوحيد للتشريع في الكنيسة,وأوضح في هذا الصدد ما جاء في إنجيلمتيالأصحاح5الآية32من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني,ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنيوفي إنجيللوقاالأصحاح16 الآية18كل من يطلق امرأته ويتزوج بأخري يزني,وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزنيوفي إنجيلمرقسالأصحاح 10الآية11من يطلق امرأته وتزوج بآخري يزني عليها,وإذا طلقت إمرأة زوجها وتزوجت بأخر تزني.
وأضاف أن الكنيسة ثابتة وراسخة بتعاليمها هذه,وهذه التعاليم فقط هي التي تأخذ بها الكنيسة وتسير عليها دون أية أحكام أخري,ومنذ أن اعتلي قداسة البابا شنودة الثالث الكرسي المرقسي عام1971 أرسي هذا الأمر عملا بما جاء بالكتاب المقدس وقصر إعطاء التصريح بالزاوج الثاني علي حالات الزنا أو الخروج علي الدين المسيحي,ويصدر هذا التصريح عن المجلس الإكليريكي وهو السلطة العليا المخولة من الكنيسة في أمور الأحوال الشخصية.
وأبدي نيافة الأنبا بيسنتي أسقف حلوان والمعصرة استغرابه للحكم الصادر وقال إنه مخالف أيضا لتعاليم الدين الإسلامي التي تنص علي أنهإن أتي إليك أهل الكتاب فأحكم بينهم بما يدينونولهذا كان علي المحكمة أن تعود إلي الكنيسة وإلي الكتاب المقدس,وهو المرجع الأساسي في كل أمور المسيحيين حتي لا تصدر أحكام تخالف عقيدتهم التي يؤمنون بها,ونحن متمسكون بعقيدتنا,ودستور البلاد ينص علي حرية العقيدة.
وعن قانون الأحوال الشخصية الذي من شأنه لو صدر أن يحسم الأمر قال قداسة البابا:أعددنا مشروع قانون الأحوال الشخصية ووقع عليه جميع رؤساء الكنائس المسيحية في مصر,ووقع عليه أيضا مندوبو الكنائس التي لها رئاسات في مصر – فالموارنة رئاستهم في لبنان,والسريان رئاستهم في دمشق ,لكن مندوبيهم في مصر وقعوا أيضا علي مشروع القانون-وعندما قدمناه إلي الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب وقتئذ قال لي بالنصإنت جايب لي معجزة,لأننا منذ سنوات طويلة نبحث عن قانون للأحوال الشخصية يتفق عليه كل المسيحيين…ومضت سنوات طويلة ولم يصدر القانون.وفي سنة1998كان في زيارتي المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل وقتئذ وتحدثت معه في الأمر,ولكنه رأي أنه قد مضت فترة 18عاما علي المشروع المقدم واقترح أن نتقدم بمشروع جديد,واجتمعنا مرة ثانية,وقدمنا مشروع قانون موقع أيضا من جميع رؤساء الكنائس المسيحية ومندوبيهم -وفي كلا المشروعين- لا طلاق إلا لعلة الزنا…والمؤسف أنه حتي الآن لم يصدر القانون,ويطالبوننا بتطبيق أحكام لائحة1938,وهي لائحة لا تتفق وأحكام الإنجيل فيما يتعلق بالطلاق ولا يمكن أن نأخذ بها.
وأكد قداسة البابا أن رفض الكنيسة للائحة1938ليس وليد عهد قداسته بل هو مثار منذ سنوات بعيدة,ولا صحة لما يقال إن الكنيسة القبطية لم تعرف هذا إلا في عهد البابا شنودة,فذكر أنه في أكتوبر1962 شكل قداسة البابا كيرلس السادس المتنيح لجنة برئاسة الأنبا شنودة أسقف التعليم وعضوية كثيرين من كبار المستشارين وأعدوا مذكرة وقع عليها البابا كيرلس,وأرسلها إلي وزير العدل,ولم يبت فيها,وعندما تغير وزير العدل أعاد البابا كيرلس تقديم المذكرة ولكنها أيضا لم تتحرك!!